صحافة دولية

هذا ما يجري داخل جيش فنزويلا بخصوص أزمة البلاد الحالية

الصحيفة قالت إن الجيش الفنزويلي هو اللاعب الرئيسي في الأزمة الحالية التي تعيشها فنزويلا- جيتي

 سلطت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية الضوء على القوات المسلحة البوليفارية (الفنزويلية) التي تحوم حولها العديد من الشكوك في الفترة الأخيرة.


 وقالت في تقرير ترجمته "عربي21"، إن الجيش الفنزويلي هو اللاعب الرئيسي في الأزمة الحالية التي تعيشها فنزويلا، والحلقة المفقودة في لغز لا أحد يعرف حله. 


ودعت المعارضة، السبت، المواطنين إلى الخروج إلى الشارع للاحتجاج ضد نظام الرئيس نيكولاس مادورو، لكن الدعم الذي يتلقاه من الجيش يجعل احتمال تنحيه عن السلطة بعيد المنال.


وذكرت الصحيفة أن زعيم المعارضة والرئيس المؤقت خوان غوايدو يدرك ذلك جيدا، لذلك يركز إستراتيجيته على تقويض القوات المسلحة من خلال حث المواطنين الفنزويليين العاديين على إقناع معارفهم وأقاربهم العسكريين بضرورة التخلي عن مادورو.

 

اقرأ أيضا: بنس: كل الخيارات مطروحة وحان الوقت لإنهاء نظام مادورو

 وخلال هذا الأسبوع، أكد غوايدو أن "الانتقال يحتاج إلى دعم الفروع الرئيسية للقوات المسلحة، وقد التقينا بمسؤولين عسكريين وأمنيين عبر قنوات سرية ومنحنا العفو لأولئك المساجين الذين لم يرتكبوا جرائم ضد الإنسانية. إن سحب الدعم العسكري لمادورو أمر حاسم من أجل تغيير الحكومة. كما تعلم أغلب القوات العسكرية والأمنية أن الصعوبات الحالية التي تمر بها البلاد لا تطاق". 


لقد باتت الأنظار حاليا متجهة نحو الجيش، الذي يتمتع بخصائص تجعل منه قوة عسكرية غريبة نوعا ما ومختلفة عن غيرها من المؤسسات العسكرية في أمريكا اللاتينية.


وأوضحت الصحيفة أن فنزويلا عرفت نظاما ديمقراطيا منذ سنة 1958، مما يعني أن الجيش، على عكس الدول الأخرى في المنطقة، معتاد على الخضوع للسلطة المدنية. وقد تلقى جيل الضباط الذي ينتمي إليه هوغو شافيز والأجيال التي لحقته تدريباتهم في الأكاديمية العسكرية الفنزويلية ولم يدخلوا أبدا إلى مدرسة الأمريكيتين، أي مركز التدريب العسكري الأمريكي الذي كان يقع في بنما ثم أصبح في قاعدة فورت بينينج في جورجيا.


 ونوهت إلى أن العديد من "الدكتاتوريين" قد تخرجوا من فورت بينينج، مثل قائد الشرطة السياسية للرئيس التشيلي بينوشيه مانويل نورييغا، وزعيم "فرق الموت" في السلفادور روبرتو دوبويسون، واليميني المتطرف لويس بوسادا كاريليس إلى جانب عدد من القادة العسكريين الأرجنتينيين.

والاستثناء الوحيد الملحوظ هو وزير الدفاع الفنزويلي الحالي فلاديمير بادرينو لوبيز، الذي أجرى دورة من الحروب النفسية في قاعدة فورت بينينج الأمريكية سنة 1995.


 وفي دراسة أجرتها الجامعة الدولية في فلوريدا حول الجيش الفنزويلي، بين المحللون بريان فونسيكا وجون بولغا هيسيموفيتش وهارولد ترينكوناس أن "القوات المسلحة الوطنية البوليفارية تعتبر نفسها المؤسسة التي تحافظ على إرث سيمون بوليفار، الذي حرر خمس دول في أمريكا الجنوبية بين سنتي 1810 و1825. وبهذه الطريقة، فإن الهوية المركزية للقوات المسلحة الوطنية للجمهورية البوليفارية الفنزويلية تتمحور حول اعتبارهم "المحررين"، وهو ما يؤكده شعار الجيش "صانع الحريات".


وأوردت الصحيفة أن نيكولاس مادورو حاول مناشدة الشعور "المعادي للإمبريالية" في مواجهة التكهنات المنتشرة حول تدخل عسكري محتمل في فنزويلا. وعلى الرغم من الوضع المزري الذي تمر به البلاد، لا يزال الجيش الفنزويلي منافسا هائلا. وفي الوقت الحالي، يضم الجيش أكثر من نصف مليون جندي، متجاوزا بذلك الجيش البرازيلي، على الرغم من أن عدد سكان فنزويلا يقل بسبعة أضعاف عن البرازيل.


 خلال السنوات الأخيرة، تلقت فنزويلا أسلحة حديثة من روسيا بما في ذلك المدفعيات والمركبات والطائرات الحديثة. ومن جهتها، قدمت الصين أجهزة اتصالات وأزياء عسكرية موحدة ورادارات ومركبات مدرعة وطائرات، وطائرات هليكوبتر، وهو ما أكدته منظمة "كونترول سيودادانو" غير الحكومية التي تراقب نشاط القوات المسلحة.


 وأضافت الصحيفة أنه خلال سنوات هوغو شافيز، اكتسب الجيش زخما هائلا. ووفقا لبيانات شبكة الأمن والدفاع في أمريكا اللاتينية، نمت ميزانية الدفاع بنسبة 155 بالمائة بين سنتي 2008 و2016 على الرغم من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 45 بالمائة في نفس الفترة. كما حاول شافيز الترويج لما سماه "التحالف المدني- العسكري"، الذي اكتسب أفراد الجيش من خلاله مكانة بارزة في مهام البناء الاجتماعي، انطلاقا من بناء المساكن وصولا إلى المشاركة في الأنشطة المجتمعية.
 
ونقلت عن خبراء جامعة فلوريدا الدولية أن "الرئيس هوغو شافيز وخليفته نيكولاس مادورو حاولا ربط المصادر التقليدية للهوية العسكرية بالمفاهيم الإيديولوجية للحزب الحاكم. واقترح شافيز طريقة جديدة للتفكير للقوات المسلحة الوطنية للجمهورية البوليفارية الفنزويلية، مشيرا إلى أن دور القوات المسلحة يجب أن يؤكد على الدفاع عن الحريات الاجتماعية والفقراء والفئات المهمشة.

 

اقرأ أيضا: جنرال فنزويلي كبير يعلن انشقاقه وتأييده لغوايدو

وأفاد الخبراء بأن "الجيش كان مرتبطا بشكل مباشر بالدفاع عن المشروع السياسي للحكومة، أي البوليفارية. وهذا ما يجسده تبني شعار "الوطن، الاشتراكية أو الموت! سننتصر"، الذي يرافق التحية العسكرية، وهو ما يتجلى كذلك في إعادة تسمية القوات المسلحة الوطنية كقوة بوليفارية".


وأوردت الصحيفة أن عالمة الأنثروبولوجيا النرويجية إسيلين أسيدوتير سترونين، صاحبة تقرير بعنوان "تحالف مدني عسكري: القوات المسلحة الفنزويلية قبل وأثناء حقبة تشافيز"، أشارت إلى أن "هذه التغييرات تمثل بالنسبة للكثيرين تحولا إيجابيا للجيش من كونه قوة قمعية مغلقة إلى مؤسسة أكثر انفتاحا وذات ثقافة مدنية. وبالنسبة للجهات المؤيدة للحكومة، يشكل الجيش الجديد مصدر فخر واعتزاز".


في المقابل، نوهت سترونين بأن "هذه التغييرات تسببت أيضا في قلق منتقدي الحكومة، الذين يؤكدون أن الدور الجديد للجيش في فنزويلا يعكس تواطؤ القوى العسكرية والسياسية والاقتصادية في البلاد، وأن الجيش أصبح القوة القمعية المحتملة التي تخدم مصالح الحكومة".