ملفات وتقارير

هل تعوض أمريكا غيابها عن سوريا بقواعد عسكرية خارجية؟

قال باحث في العلاقات الدولية إن خطة واشنطن تؤكد حاجتها الماسة لتركيا والعراق في تحقيق "الانتشار التكاملي"- جيتي

رغم تأكيدات المسؤولين الأمريكيين بأن الانسحاب الأمريكي من سوريا سيستغرق وقتا قد يصل إلى عدة أشهر، أفادت وسائل إعلام تركية الأسبوع الماضي بأن "القوات الأمريكية أخلت أحد مستودعاتها شمال شرق سوريا"، في إخلاء هو الأول منذ الإعلان الرسمي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقرار الانسحاب.


ونقلت وسائل الإعلام التركية –وكالة الأناضول وصحيفة حرييت- عن مصادر محلية قالت إنها "موثوقة" في محافظة السكة، أن الولايات المتحدة أخلت أحد مستودعاتها في مدينة المالكية التابعة للمحافظة، موضحة أن "المستودع يضم عدة مخازن، ويعمل فيه 50 جنديا أمريكا".

 

دور عراقي مستقبلي


ولاحقا أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون أنه سيبحث مع مسؤولين أتراك، التنسيق بشأن انسحاب قواته من الأراضي السورية، مضيفا أنه "سيناقش سبل التعاون مع أنقرة بشأن الانسحاب الأمريكي من سوريا، ومنع ظهور داعش مجددا، وحماية مواقف الذين قاتلوا معنا ضد التنظيم"، في إشارة منه إلى الجماعات المسلحة الكردية.


وفي الوقت ذاته، لا يزال قرار الولايات المتحدة بسحب القوات الأمريكية من سوريا، يطرح العديد من التساؤلات حول سيناريوهات ما بعد المغادرة، وكيف تُبقي واشنطن نفوذها وسيطرتها في منطقة الشرق الأوسط.


بدروه، رأى الباحث في العلاقات الدولية جلال سلمي أن الانسحاب الأمريكي من سوريا سيتم وفق خطة أعدتها واشنطن سلفا، مبينا أن "الخطة مرتبطة بدور عراقي مستقبلي في الأزمة السورية".


وأوضح سلمي لـ"عربي21" أن "الخطة ترتكز على انسحاب أمريكا من سوريا، ركونا إلى عدمية وجودها الشرعي، بعد الانتهاء من محاربة تنظيم الدولة، والاتجاه نحو استخدام الملفات السياسية، كعمليتي إعادة الإعمار واللاجئين، كورقة ضغط ضد روسيا، للحد من النفوذ الإيراني الذي يهدد الأمن الإسرائيلي والخليج".

 

اقرأ أيضا: وسائل إعلام تركية: أمريكا تخلي أول مستودعاتها شمال سوريا


وأشار إلى أن "الخطة تنادي بمنح القوات المحلية شرقي الفرات فرصة تأسيس مجالس محلية إدارية، كي تتمكن من تأسيس سوريا ذات العلاقات المتوازنة مع القوى المتنافسة التي تتقاسمها جغرافيا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا"، مشددا على أن "الخطة تؤكد حاجة الولايات المتحدة الماسة لتركيا والعراق، في تحقيق الانتشار التكاملي".


وفسّر سلمي أن "هذا الانتشار التكاملي يمنح دول وعناصر ما دون الدول، دورا متوازنا في الإقليم يخدم مصالحها ومصالح الولايات المتحدة قدر الإمكان"، معتقدا أن "هذه الخطة توفر على الولايات المتحدة تكاليف مادية وعسكرية وبشرية، في ما يتعلق بهدفها القائم على منع ظهور مسببات جديدة لنشوء تنظيم الدولة".


وتابع: "أيضا الإبقاء على نفوذها في شرقي الفرات، وبالتالي التحكم بمسارات مواجهة النفوذ الإيراني"، مؤكدا أن "ما يدلل على توجه واشنطن نحو تنفيذ هذه الخطة، هو تحسن علاقاتها نسبيا مع أنقرة، وميلها لاستيعاب بيشمركة المجلس الوطني الكردي المنافس لوحدات حماية الشعب والحركات العربية والتركمانية والسريانية داخل قوات قسد، لتأسيس مجال إدارة وإنشائها قواعد على طول الحدود مع تركيا".

 

مناورات عسكرية بالكويت


وبحسب تقدير سلمي، فإن الولايات المتحدة ستلجأ نحو الانسحاب "الجزئي" من سوريا، والتمركز على طول الحدود التركية السورية عبر قواعد حدودية وقاعدة إنجرليك، وعلى طول الحدود العراقية السورية عبر قواعد حدودية وقاعدتي التنف في سوريا والأسد في العراق.


وفي موضوع منفصل، كشفت القوات الأمريكية المتمركزة في الكويت السبت، أنها بدأت فعليا في إجراءات عسكرية للمرة الأولى داخل الدولة الخليجية، بحسب ما نشرته صحيفة "الراي" الكويتية.


وأشارت الصحيفة إلى أن "القوات الأمريكية بدأت في نشر وإجراء مناورات تدريبية بطائرات إسعاف وإخلاء مروحية عسكرية من طراز (بلاك هوك)، تهدف إلى تأمين الإخلاء الطبي لقادة القوات البرية من مناطق العمليات".


وأفادت بأن "مجموعة مروحيات الإسعاف والإخلاء تحمل اسم سرية تشارلي، وتنتمي إلى كتيبتي دعم جوي تابعتين بدورهما إلى قوات ولايتي مينيسوتا وكانساس"، مشيرة إلى أنه "قد تم إرسالها إلى الكويت في إطار توفير الدعم لعمليتي العزم الصلب ودرع إسبرطة، اللتين ينفذهما الجيش الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط منذ العام 2014".

 

اقرأ أيضا: خريطة انتشار القوات الأمريكية قبل الانسحاب من سوريا (تفاعلي)


وتوجد في الكويت عدة قواعد عسكرية أمريكية، منها قاعدة معسكر الدوحة: أهم القواعد الموجودة بالكويت، وتقع قاعدة "معسكر الدوحة" شمال غرب مدينة الكويت، على بعد 60 كم من الحدود مع العراق، وهناك أكثر من 10 آلاف جندي أمريكي متمركزين بها، بما فيهم القيادة المركزية لقوات الجيش الأمريكي الكويتي وقوة المهام المشتركة، ويتمركز بها أفراد الفرقة الثالثة الأمريكية (مشاة).


يشار إلى أن التدخل الأمريكي في الحرب السورية بدأ في أيلول/ سبتمبر 2014، من خلال شنّ غارات جوية ضد تنظيم الدولة، ثم بدأت واشنطن بتشكيل وحدات كردية مسلحة أو ما تسمى قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ودعمتها كقوة برية تزامنا مع تصاعد خطر تنظيم الدولة.