ملفات وتقارير

كيف حوّل الصوفية مولد الحسين لملتقى سياسي يدعم السيسي؟

الانتقادات جاءت من تجيير الاحتفالات الدينية لمهرجانات تأييد للسيسي- عربي21

انتقد مراقبون تحويل الاحتفالات بمولد الإمام الحسين بن علي سبط النبي الكريم (ص)، من احتفال للطرق الصوفية ومحبي آل البيت إلى ملتقى سياسي يدعم رأس النظام عبد الفتاح السيسي.

ومع تزامن احتفالات الأقباط بمولد السيد المسيح  عليه السلام، واحتفالات الطرق الصوفية في مصر بمولد الحسين، وصف الشيخ علاء أبو العزايم، شيخ الطريقة العزمية، ورئيس المجلس العالمي للطرق الصوفية، الاحتفال هذا العام بأنه ذو مذاق خاص لمواكبته "الكريسماس"، فيما اعتبر شيخ الطريقة الشبراوية ذلك التزامن بأنه "رسالة سلام من مصر للعالم".

وخلال فترة الاحتفالات التي امتدت لنحو أسبوع، وتختتم بالليلة الكبيرة مساء الثلاثاء، أقيمت مؤتمرات لدعم الدولة ضد الإرهاب، وأكد شيخ الطريقة الشبراوية عبدالخالق الشبراوي أنهم يواجهون الأفكار الإرهابية باحتفالات مولد الحسين، محاولين تصحيح المفاهيم المغلوطة التي ينشرها السلفيون، والدعوة لتجديد الخطاب الديني، وأنهم دعوا الوفود العربية والأجنبية للمشاركة بالاحتفال دعما للسياحة المصرية، ومساندة القيادة السياسية فيما تقوم به من إنجازات على الأرض.

حديث كبار مشايخ الصوفية يدعو للتساؤل حول أسباب تحويل الاحتفال السنوي للحديث بأمور سياسية، وهل ذلك الحديث مدفوع من النظام كي يلعب المتصوفة دورا سياسيا بديلا للإخوان المسلمين والسلفيين، وتجديد الخطاب الديني ومواجهة الفكر المتطرف بدلا من الأزهر.

وفي رده، يعتقد الباحث السياسي عزت النمر، أن "مسألة التوظيف السياسي للطرق الصوفية كبديل للإخوان تحديدا ليست جديدة، بل قديمة ظهرت مع العسكر بنسخته الناصرية عقب ثورة يوليو، واستمرت للآن، جد على ذلك مشورة وتوصيات الغرب وإسرائيل كإحدى النصائح لأنظمة الاستبداد لمواجهة ما أسموه الإسلام السياسي وتجذره بالشارع".

 

الكاتب والمفكر المصري، أضاف لـ"عربي21": "ولعلنا لا ننسى مشهد السفير الأمريكي وحضوره الدائم لمولد السيد البدوي أيام المخلوع حسني مبارك، فضلا أن الإمارات عرابة الثورة المضادة ومرشدة الانقلاب والراعي الرسمي له تسعى بهذا الاتجاه بقوة ودأب، وتنفق عليه ببذخ".

 

وأكد أن "محاولة تجييش الطرق الصوفية بدأت بتوزيع اللواءات المتقاعدين كفاعلين بها، وما يستتبعه ذلك من دعم مالي وفير وخدمات حكومية، بالإضافة لدعم تلك الطرق ببعض الرموز السياسية وأصحاب المصالح ورجال الأعمال، وعقد تفاهمات نفعية مع رموز تلك الطرق، والتي غالبا تتسم بالسطحية وقلة الوعي والقابلية للاستخدام رغبة بفتح المجال للدعوة والحركة، أو طلبا للمنفعة والمغنم".

 

وأشار النمر إلى أنه "بواقعنا المباشر يعتبر النظام نفسه بعداء مع الجميع، وتستفزه أي من صور التدين، ويكره أي رمز جماهيري ما لم يكن متماهيا بالكلية مع رغبة النظام وسياساته؛ لذا فقد أطاح بمعظم الخطباء والأئمة، بغض النظر عن توجهاتهم، واستبدل بهم خطباء الصوفية، خاصة ممن يروجون للخرافات والدجل، أو على الأقل الكارهين للسياسة بحجة الزهد والورع".

 

وقال إنه "لا شك أن العقلية البالية التي وصلت إليها جل الطرق الصوفية من تشجيع الخرافة وتعطيل الفكر وثقافة العزلة، فضلا عن رفض المقاومة ودعم ثقافة الاستسلام وكراهية النقد، فضلا عن غلبة البسطاء والسذج على أتباعها، كل ذلك يغري أنظمة الاستبداد بالاستفادة منها، وتوظيفها للعب دور سياسي بديلا للإخوان والسلفيين، أو على الأقل لملء الفراغ الديني بالشارع بإسلام المتصوفة العلماني الداعم للاستبداد وحكم الفرد".

 


 

ويعتقد الباحث المصري أن الطرق الصوفية ستظل هشة القدرات والإمكانات على الحضور والتجذر، ولن تفي بمتطلبات المواجهة؛ نظرا لفقرها الفكري والثقافي، فضلا عن الضعف الشديد ببنيتها التنظيمية والإدارية، وستتهاوى سريعا بأي مواجهة صريحة ببيئة مفتوحة".

 

من جانبه، يرى الباحث السياسي عبدالله النجار، أن "السلفية والصوفية جناحان لطائر الاستبداد"، موضحا: "ولا أقصد الصوفية التي تسعى للنقاء الروحي، ولا السلفية التي تسعى للتجديد مستلهمة تراث سلفنا الصالح".

 

النجار، أكد لـ"عربي21"، أن "الأنظمة تستغل الصوفية التي لا يشغلها إلا الاحتفال بالموالد وحلقات الذكر، ولا تنشغل بهموم الأمة؛ وهذه الطائفة دائما يجدها ملتصقة بكراسي الحكام، يطيعونهم ويسبحون بحمدهم، وهم لا ينتقدون ظلم ظالم ولا جور جائر".

 

وأشار إلى أن "السلفية، وأخص منها المداخلة، رغم العداء الشديد بينها وبين الصوفية، إلا أن الوجود تحت أقدام كراسي الحكام وتحريم انتقادهم هو ما يجمع الصوفية بالسلفية"، موضحا أنه "ولهذا تسعى أنظمة الحكم دائما لتهميش الإسلاميين الذين يرون الإسلام دينا ودولة ونظام حياة".

 

يعتقد الباحث المصري أن "الصوفية أقرب للكنيسة، التي تقول دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر، والصوفية تحقق أحلام الحكام الطغاة بكل بلد مثل السلفية المدخلية"، مستدركا بقوله: "ولكن سيبقى أن للصوفية الحقة أثرا كبيرا بنشر الإسلام والتصدي للاستعمار".

 

وأشار إلى أنه "ورغم التحالف السعودي الإماراتي، إلا أن السعوديين ينشرون الفكر السلفي الوهابي، والإمارات ترعى الفكر الصوفي ودعاته، وكلتا الفرقتين تكفر الأخرى".

 



 

وتحدث الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية ماهر فرغلي، عن "وجود دراسات كثيرة تتحدث وتطالب بدور للصوفية لمواجهة السلفية"، مشيرا إلى أن "هناك أيضا مطالب غربية ومنها مؤسسة (راند) التي دعت لأن تستبدل بالسلفية صوفية".


فرغلي، قال لـ"عربي21"، إن "ما شجع في ذلك أدوار بعض الصوفية الذين مارسوا السياسة، بل ومارسوا العمل المسلح، مثل الطريقة النقشبندية بالعراق وتركيا والرفاعية أيضا".

 

وأكد أنه "في مصر توجد بعض الأدوار للطريقة الشبراوية وغيرها، لكن العشيرة المحمدية لها دور أكبر، بوصفها طريقة جمعت بين السلفية والصوفية".

 

ويرى فرغلي أن "كل الطرق الصوفية بمصر تلعب دورا سياسيا عن طريق المجلس الأعلى للتصوف الذي يجمعهم بمخزن الدولة، والآن الكل يرى تدعيم هذا الدور بشكل أكبر".