ملفات وتقارير

هل تعود علاقات جميع الدول الخليجية مع الأسد.. ماذا عن قطر؟

قال محلل سياسي قطري إن "الدوحة تنظر إلى مصالحها ومصالح العالم العربي والشرق الأوسط"- جيتي

بعد سبع سنوات من انطلاق الثورة السورية وما تخللها من جرائم متعددة ارتكبها النظام السوري برئاسة بشار الأسد، الذي نال حماية ودعم دولي من موسكو ضمنت له هذا البقاء؛ تعود عدد من الدول العربية وتحديدا الدول الخليجية لإعادة افتتاح سفارتها في دمشق لاستئناف علاقتها مع الأسد.


وبدأت الإمارات بشكل رسمي هذا الموقف العربي، حينما أعلنت الجمعة الماضية أنها أعادت فتح سفارتها في العاصمة السورية دمشق بعد إغلاق 7 سنوات، تلتها البحرين التي أعلنت أن العمل في سفارتها لدى سوريا مستمر، وأنها حريصة على استمرار العلاقات بين الجانبين.


وسبق العودة الخليجية إلى النظام السوري، زيارة للرئيس السوداني عمر البشير ولقائه بشار الأسد في 16 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، في زيارة اعتبرها مراقبون أنها إشارة للتوجه العربي الجديد تجاه الأسد، واحتمالية عودته القريبة إلى جامعة الدول العربية، كونه الرئيس العربي الأول الذي يزور دمشق منذ 2011.

 

"هبوط الجبير"


وكانت الجامعة العربية قررت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 تجميد مقعد سوريا، على خلفية لجوء الأسد إلى الخيار العسكري لإخماد الاحتجاجات الشعبية المناهضة لحكمه، ومن ثم قرر مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات وسلطة عمان، والكويت وقطر والبحرين) في آذار/ مارس 2012، سحب سفراء الدول الست من سوريا.


بدوره، علق أستاذ الإعلام السياسي في جامعة قطر الدكتور علي الهيل على عودة علاقات الإمارات والبحرين مع نظام الأسد قائلا: "هذا يدل دلالة قاطعة على هزيمة السعودية والبحرين والإمارات ومصر"، معتقدا أن "هبوط وزير الخارجية السعودي السابق عادل الجبير إلى رتبة وزير دولة، تأتي لإرضاء إعادة العلاقات مع سوريا، خاصة أنه كان يطالب سابقا برحيل الأسد".


وأضاف الهيل في حديث خاص لـ"عربي21" أن هذه الدول هرعت الآن إلى إعادة افتتاح سفارتها في دمشق، وإعادة العلاقات مع بشار الأسد، متوقعا أن "يؤدي ذلك إلى عودة العلاقات أيضا مع إيران، وتغير نظرية أن طهران العدو الأوحد للخليج العربي".

 

اقرأ أيضا: هل تنضم الكويت إلى مسلسل "المطبّعين" مع نظام الأسد؟


وتابع قائلا إن "عودة العلاقات مع سوريا يعني أيضا إعادة العلاقات مع إيران حتى ولو لم يكن الآن"، مؤكدا أن "دول الخليج مجبرة على العودة إلى علاقاتها مع بشار الأسد، لأن الأخير صمد أمام القوى المختلفة منذ عام 2011"، على حد قوله.


وعن قطر من هذه العودة، قال المحلل السياسي القطري إن "الدوحة تنظر إلى مصالحها ومصالح العالم العربي والشرق الأوسط، وهي تعول على حقائق الجغرافيا والتاريخ ولا تعول على بشار الأسد ونظامه السياسي"، معتبرا أن "إرضاء الشعب السوري أو إرضاء الاستقرار والأمن في سوريا من جديد، يمكن أن تدفع قطر إلى إعادة العلاقات مع سوريا".


واستدرك الهيل قائلا: "لكن حتى الآن لم يصدر أي تصريح رسمي قطري بهذا الخصوص"، مبينا أن "قطر حريصة على الإجماع العربي ولن تخرج عن الإجماع الخليجي رغم الحصار المفروض عليها من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر".

 

قال محلل سياسي إن الحكومات الخليجية والعربية استفادت من تجربة العراق


وفي رده على سؤال عن سبب عودة العلاقات العربية مع النظام السوري في هذا الوقت، رأى الهيل أن "ذلك يعود إلى صدور الضوء الأخضر من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قال لهم إنني منسحب من شمال شرق سوريا، وعليكم ملء الفراغ حتى لا تستفيد منه إيران".


وأوضح أن "الحكومات الخليجية والعربية استفادت من تجربة العراق التي استغلتها إيران في ظل الغياب العربي"، مشدد على أن "الدول العربية لا تقرر إبقاء نظام الأسد أو عدم إبقائه، بل الذي يقرر ذلك اللاعبون الرئيسيون بالملف السوري، وهما روسيا وتركيا وإلى حد ما إيران"، بحسب رأيه.


ولفت الهيل إلى أن "الذين كانوا يعارضون إبقاء الأسد في الحكم هم الآن مضطرون لإعادة العلاقات، لأن هذه السياسية التي تقوم على تقاطع المصالح والقوى"، مبينا أن "القوي الآن في سوريا هو الأسد بفضل الدعم الروسي والإيراني".

 

"معركة الأسد الوحشية"


وحول خذلان هذا الموقف العربي للشعب السوري الذي عانى من نظام الأسد على مدار السنوات الماضي، أكد الهيل أنه لا أحد يهتم بالشعوب في هذا الزمن وإنما يهتمون بالقوي، والسياسة العالمية متوحشة وتقوم على مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة".


وفي الموضوع نفسه، كتبت صحيفة "غارديان" البريطانية في عنوان لتقريرها: "لقد فاز الأسد بشكل حاسم في معركته الوحشية"، مشيرة إلى أن الإمارات والبحرين أعادت علاقاتهما مع النظام السوري، وفي نفس الطريق الكويت التي تنوي إعادة العلاقة خلال الأيام القادمة.


وهو ما ذكرته صحيفة "القبس" الكويتية الأحد، نقلا عن مصادر كويتية مطلعة توقعت أن يتم فتح سفارة الكويت في دمشق قريبا، مؤكدة أنه "إذا كان هناك قرار جديد للجامعة العربية بعودة العلاقات مع دمشق وفتح الدول العربية لسفاراتها هناك، فإن الكويت ستلتزم بذلك".


وأرجعت صحيفة "غارديان" في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" أن هذه التطورات تأتي بعد خمسة أشهر من قيام النظام بجولته الأكثر جدوى ضد المعارضة منذ اندلاع الثورة السورية، بعد سيطرته على درعا جنوب غرب سوريا، مضيفة أن "هذا الإنجاز الميداني أزال التهديد الأكبر ضد النظام سياسيا وعسكريا".

 

اقرأ أيضا: الإمارات تدرس استئناف الرحلات الجوية إلى سوريا


ولفتت إلى أن الإمارات اقترحت في عام 2016 تطبيع العلاقات مع دمشق، كجزء من خطة لإبعاد الأسد عن إيران، لكن تم تجاهل الخطة في ذلك الوقت من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشيرة إلى أنه "في وقت سابق من هذا العام بدأ كبار المسؤولين الإماراتيين في إعادة النظر في فكرة إعادة العلاقات مع الأسد، مشجعين حلفائهم السعوديين والبحرينيين على فعل الشيء نفسه".


وبينت أن "طبيعة الصراع السوري تغير بشكل جذري، حيث تستخدم الآن الدول العربية المؤثرة رأس مالها الدبلوماسي لتمكين النظام من استعادة السيطرة على سوريا"، منوهة إلى أن "هذه الدول التي كانت في السابق تمول المعارضة ضد الأسد، تعمل بجد لتقوية النظام على أمل أن يصبح أقل اعتمادا على منافسيها"، في إشارة منها إلى إيران.


من جهتها، اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين بسوريا في بيان نشرته على موقعها الرسمي أن إعادة فتح سفارات عربية لدى نظام بشار الأسد، يدعم الإرهاب في المنطقة، معربة عن أسفها لعودة العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، في ظل "انتظار ملايين السوريين من هذه الدول، مساعدتهم في التخلص من النظام وجرائمه، وتطبيق القرارات الأممية التي تحقق الانتقال السياسي وبناء سوريا المستقبل دون الأسد ونظامه".