صحافة دولية

الغارديان: مستقبل قاتم لبريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي.. لماذا؟

الغارديان: تواجه بريطانيا مستقبلا كئيبا في عالم ترامب- جيتي

كتب المعلق في صحيفة "الغارديان" سايمون تيسدال مقالا عن توقعات العام المقبل لبريطانيا، تحت عنوان "خارج الاتحاد الأوروبي، تواجه بريطانيا مستقبلا كئيبا في عالم ترامب".

ويشير تيسدال في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الخلافات حول شروط مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي تخفي وراءها التحديات الدولية العسيرة التي تواجه البلاد عندما تتخلص من قيودها الأوروبية. 

ويقول الكاتب إنه "عالم قاس غير متسامح ويتشكل عام 2019 ليكون عالما صعبا أكثر من المعتاد، فمن خلال الابتعاد عن تحالف مهم تبدو بريطانيا دون رفيق، ولا تستطيع التعامل مع هذه التهديدات".

ويجد تيسدال أنه "في ظل هذا كله فإن دونالد ترامب لا يزال يحوم في الأفق العالمي المضطرب، ففي منتصف حكمه يساعد ترامب على خلق عالم لم تعد فيه قاعدة واحدة ومهمة ذات قيمة قائمة، وهي الزعم بالعلاقة الخاصة مع واشنطن، التي أصبحت فكرة عفا عليها الزمن ومثيرة للإحراج". 

ويرى الكاتب أن "عالم ترامب هو عالم فوضوي وخطير وواهم ومربك، وهو يشبه متنزه عاطل في فلوريدا، ويواجه إعصارا من الدرجة الخامسة، فعالم ترامب يتميز بالتخريب البنيوي تدفعه المصالح الشخصية والأكاذيب والشتائم". 

ويبين تيسدال أنه "في عالم ترامب الجاهل والصدامي فإنه يحاول تجاوز وتخريب النظام الدولي القائم على القوانين، ويقوم بشكل منتظم بالهجوم على الأمم المتحدة، وإعاقة عملها، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، وجهود التغلب على التغيرات المناخية، ويشجع عالم ترامب على السلوكيات السيئة في كل مكان".

ويقول الكاتب إن "بريطانيا من أجل النجاة في عالم خطير فهي تعتمد أطرا معروفة ومؤسسات دولية متعددة بالإضافة إلى القوانين والتنظيمات والأعراف الدبلوماسية والدساتير التجارية، التي تغطي العلاقات بين الدول منذ عام 1945، إلا أن هذا النظام الإجماعي هو الذي يحاول ترامب القضاء عليه، ففي حال تم عقد اتفاقية تجارية بين أمريكا وبريطانيا فإنها ستكون بناء على شروط (أمريكا أولا) التي يدعو إليها ترامب".

ويرى تيسدال أن "استمرار سيطرة نزوات ترامب عليه سيزيد حروب الضريبة رغم أثرها على الشركاء الدوليين، وقد تقدم بريطانيا نفسها على أنها المدافعة في القرن العشرين عن التجارة الحرة والتعامل الدولي، إلا أن ما يسيطر على العالم هو شعارات ترامب الانعزالية القومية".

ويقول الكاتب إنه "عالم ترامب المخيف ليله مليء بالإرهاب، وسيكون هذا صحيحا في عام 2019 ، فهو بحاجة إلى حرب للفت النظر والتخويف للهروب من الملاحقات القانونية التي يتعرض لها، في الوقت الذي يحاول فيه الحصول على ولاية ثانية، وغض النظر يأتي من الخارج ومن الأجانب الذين يعرفون في عالم ترامب بالأصدقاء، لكنهم أعداء محتملون، وعليه فإن زيادة المواجهة مع إيران قد تكون واحدة من الطرق لحرف النظر، فقد قام ترامب باستفزاز إيران من خلال التخلي عن الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015، وفرض العقوبات من جديد، ويحب السعوديون والإسرائيليون دعم أي مواجهة ضدها، لكنها ستكون بداية غير جيدة لبريطانيا في مرحلة ما بعد البريكسيت". 

ويلفت تيسدال إلى أنه "في الوقت ذاته فعدوانية ترامب ضد نشر القوات في الخارج تتصدر المشكلات الموجودة على جبهة السياسة، ومثالا على هذا قراره المتسرع لسحب القوات من سوريا وتخفيضها في أفغانستان، وقد يتبع هذا انسحاب منها، حيث لم ينجح وزير الدفاع جيمس ماتيس في وقفه عن اتخاذ القرار المتعلق بسوريا".  

ويعتقد الكاتب أن "روسيا هي المستفيد الأول من ازدراء ترامب للتضامن الدولي، والمشكلة هي أن روسيا ليست رفيقة لبريطانيا، فقد سمم فلاديمير بوتين البئر في سالزبري، وأسهم في التلاعب في أصوات البريكسيت، وعادة ما اخترق الأجواء البريطانية والبحرية والإلكترونية".

ويرى تيسدال أن "أصدقاء بريطانيا يواجهون مشكلات، فأنغيلا ميركل، التي يكرهها ترامب، في طريقها للخروج من السلطة، أما حاكم فرنسا إيمانويل ماكرون غير الشعبي فيواجه حصارا، ولو لم يحتفظ التحالف الألماني الفرنسي بمركزه فإن الجماعات الشعبوية واليمينية في إيطاليا وبولندا ستفوز، فالمخاطر التي تتعرض لها الديمقراطية الأوروبية حقيقية وهذه هي معركة بريطانيا كما كشفت دروس التاريخ الماضي". 

ويقول الكاتب: "انس ولو للحظة ترتيبات إيرلندا الشمالية وسعر السمك، فمن سيوقف زحف بوتين والأحزاب اليمينية الأوروبية؟ ليس ترامب بالتأكيد، فهو يرحب بأي شيء يضعف أوروبا". 

ويجد تيسدال أن "التهديد الذي تمثله الصين في مرحلة ما بعد البريكسيت مختلف من ناحية أخلاقية وتجارية، ويحكم الرئيس شي جينبنغ أكثر الأنظمة القمعية في العالم، حيث يعاني سكان إقليم تشينجيانغ والبوذيون في لاهسا والمسيحييون والمدافعون عن الديمقراطية في هونغ كونغ والإعلام المستقل والأكاديميون، ولا يهتم ترامب بحقوق الإنسان في الصين أو في أي مكان في العالم، لكن بريطانيا تهتم، فهل ستتورط مع ديكتاتورية شيوعية يتوسع نظامها اللاليبرالي؟".

وينوه الكاتب إلى أن رئيس وكالة الاستخبارات البريطانية (أم آي6) حذر من المخاطر الأمنية، خاصة استثمار الشركات الصينية في البنى النووية والاتصالات. 

 

ويقول تيسدال إن "أصدقاء ترامب من الدرجة الثانية لا يتمتعون بجاذبية جيدة، فالسعودية هي لاعب هذه الأيام في المجالين السياسي والاقتصادي، إلا أن صفقات السلاح البريطانية للرياض طالما كانت محل اعتراض من الناحية الأخلاقية، فالصفقات المثيرة للشك لن تلقى دعما في المستقبل، خاصة أننا نعلم الآن أن ولي العهد في السعودية يتعامل في صفوفه مع قتلة، وتركيا هي سوق أخرى ليست على علاقة جيدة مع بروكسل، وهل تريد بريطانيا التعامل مع رجب طيب أردوغان، الذي يقتل الأكراد ويسجن الصحافيين، وخذ مثلا البرازيل التي انتخبت رئيسا متطرفا يخطط لحرق غابات الأمازون لتوليد المال، الأمر الذي لا يتناسب مع التزامات بريطانيا في الدفاع عن البيئة". 

ويجد الكاتب أن "بريطانيا ربما احتاجت لإحياء الكومنولث في مرحلة ما بعد البريكسيت، لكن من يحتاج إليه من دول رابطة الشعوب البريطانية، فقد تجاوزت الهند السنوات الاستعمارية، وستتفوق على بريطانيا في مجال الناتج المحلي العام المقبل، وأي صفقة مع الهند ستكون محفوفة بالمخاطر، وقد يأتي اليوم الذي تتخلى فيه بريطانيا الصغيرة عن موقعها في مجلس الأمن، فقد تمت إعادة ترتيب الأدوار، وفي عالم ترامب لا مكان للضعيف". 

ويختم تيسدال مقاله بالقول: "يبدو البريكسيت وكأنه وقت دفع الثمن، فمن خلال قطع علاقاتها مع أوروبا، فإن بريطانيا التي تدمر تقدم نفسها على أنها بلد غير محبوب، وغير مستعدة لعالم مليء بالآلام".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)