سياسة عربية

هكذا تفاعل المغاربة مع جريمة قتل سائحتين اسكندنافيتين بمراكش

دعا النشطاء إلى إنزال أشد العقوبات في حق المتورطين بهذا الفعل الإجرامي - فيسبوك

أجمع المغاربة بمختلف تلاوينهم السياسية والحقوقية والفكرية على إدانة جريمة القتل "البشعة" التي أودت بحياة سائحتين اسكندنافيتين، الاثنين الماضي، بإمليل نواحي مدينة مراكش، ودعوا إلى إنزال أشد العقوبات في حق المتورطين بهذا الفعل الإجرامي الذي وصفوه بـ"الإرهابي والهمجي" وصلت لحد المطالبة بإعدامهم، معلنين عن تضامنهم مع أسر وعائلات الضحايا ومع الشعبين النرويجي والدنماركي.

ووقعت الجريمة الاثنين 17 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، في منطقة إمليل نواحي مراكش، عندما عثر على جثتي شابتين إحداهما من النرويج والثانية من الدنمارك، وقد تم قتلهما بالسلاح الأبيض وبطريقة بشعة.

وأعلن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بتنسيق مع عناصر الشرطة بولاية أمن مراكش، صباح اليوم الخميس، عن توقيف الأشخاص الثلاثة الذين يشتبه في مساهمتهم "في تنفيذ هذا الفعل الإجرامي"، لينضافوا إلى موقوف آخر اعتقل أمس الأربعاء.


الحكومة: طعنة في ظهر المغاربة
قال رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، إن "الحادث طعنة في ظهر المغرب والمغاربة، ولا ينسجم وقيم المغاربة وتقاليدهم وتقاليد تلك المنطقة".

وأضاف العثماني في كلمة له خلال المجلس الحكومي الذي انعقد، الخميس، بالرباط، أن "الحادث مرفوض ونستنكره استنكارا شديدا"، مقدما تعازيه إلى عائلة الضحيتين ولبلديهما.

وأوضح العثماني، أن المغرب منخرط في محاربة الإرهاب بمقاربة شمولية واستبقاية تحت قيادة العاهل المغربي، الملك محمد السادس، مشيرا إلى أن "العمل المتواصل مكن في السنة الماضية وهذه السنة، من تفكيك 20 خلية إرهابية".

 

اقرأ أيضاالنيابة العامة بالمغرب: "التطرف" وراء قتل سائحتين بمراكش

وأكد رئيس الحكومة، أنه "لا تنمية ولا استقرار ولا إصلاحات بدون أمن"، لافتا إلى أن "المغرب جدد مرة أخرى تنديده بجميع مكوناته وعزمه على المضي في طريق الإصلاح والتقدم والتنمية تحت قيادة الملك، ولا يضره هذا النوع من الأحداث".

وأشاد العثماني بالسرعة القياسية لعمل الأجهزة الأمنية للوصول إلى الجناة الأمر الذي مكن من إلقاء القبض عليهم، موضحا أن الوكيل العام للملك يشرف على الموضوع، وسيعلن عن المستجدات المتعلقة به، ومن ضمنها "التحقق من مصداقية الشريط المروج، وكذا ما يتعلق بملابسات هذا الحادث الأليم وظروف ارتكابه، وأيضا الخلفيات والدوافع الحقيقية التي كانت وراء ارتكاب الفعل والتحقق من فرضية الدافع الإرهابي للجريمة"، وفق قوله.

فعل همجي وجريمة نكراء
اعتبر حزب التقدم والاشتراكية (مشارك في الحكومة) جريمة قتل السائحتين الاسكندنافيتين "فعلا همجيا ووحشيا"، مشيرا إلى أن "أمثال هؤلاء القتلة الإرهابيين ليسوا منا ولا يمتون بصلة لهويتنا ولقيمنا ولحضارتنا".

فيما قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، إن "وحشية جريمة إمليل الإرهابية تستدعي منا أن نعلن للعالم بأسره، بقوة وبصوت واحد، بأن هؤلاء المجرمين الهمجيين الوحشيين وأمثالهم من القتلة ليسوا منا".

وسجل بنعبد الله، في تغريدة على "تويتر"، أن "جريمة إمليل الإرهابية تلطخنا جميعا بشكل عنيف، ووحشية هذا العمل الإجرامي البشع التي تجرحنا في أعماق ذواتنا تصدم هويتنا الإنسية، ومرجعيتنا الدينية، وتراثنا الحضاري، وقيمنا المشتركة، وتثير فينا الغضب الكبير، والشجب العميق، والرفض المطلق".

من جانبه، دعا حزب الأصالة والمعاصرة (معارضة) إلى التعبئة الوطنية المستمرة واليقظة اللازمة للوقوف في وجه منابع التطرف والإرهاب، أيا كانت أشكاله ومنابعه وقنواته ووسائطه، موضحا أن هذا الفعل يستهدف قيم التعايش، والتسامح، والسلم، التي تنتصر لها المملكة المغربية.

 

اقرأ أيضاالدنمارك: مقتل السائحتين بمراكش عمل إرهابي بدافع سياسي

فيما وصف حزب العدالة والتنمية (يقود الحكومة) بإقليم الحوز، الجريمة بـ"الشنعاء"، داعيا كافة المسؤولين إلى إيلاء السياحة الجبلية ما تستحق من التنظيم والعناية بتعاون مع أبناء المنطقة، تفاديا لتكرار مثل هذه الأحداث.

بدوره، أكد التجمع الوطني للأحرار (مشارك في الحكومة) أن "استهداف أرواح الأبرياء جريمة نكراء ومحاولة للنيل من سمعة ومكانة المغرب كأرض للأمن والأمان، والمساس باقتصاده عبر استهداف قطاعه السياحي وصورته في الخارج". 

وطالب حزب الحركة الشعبية بإلحاق أشد العقوبات وأقصاها في حق المتورطين في هذا الفعل الإجرامي الجبان، مضيفا أن هذه العملية الإجرامية في بشاعتها لا تستهدف البلدان التي تنحدر منهما الضحيتان، ولكن تستهدف المغرب كبلد معتنق للتسامح والتعايش وباقي القيم الإنسانية المشتركة.

وشدد المصدر ذاته على أن "اعتبار مكافحة الأفكار المتطرفة والمد الإرهابي معركة ومسؤولية الجميع، من خلال تعاون دولي حقيقي على مستوى كل المجالات، أمنية، تنموية، ثقافية وغيرها"، مطالبا بإلحاق أشد العقوبات وأقصاها "في حق المتورطين في هذا الفعل الإجرامي الجبان".

إساءة بليغة لشيم المغاربة
جماعة العدل والإحسان (أكبر جماعة إسلامية معارضة بالمغرب)، بدورها أدانت الجريمة الإرهابية، وقالت في بلاغ توصلت "عربي21" بنسخة منه، إنها تعتبر "هذه الجريمة البشعة أيا كان مصدرها ودوافعها اعتداء وحشيا على الحق في الحياة وإساءة بليغة لشيم المغاربة المعروفة بالتسامح وتقدير الغير ولحرمة الضيوف والنابذة لكل أشكال العنف والغدر". 

اعتداء ظالم
بدورها، أعلنت حركة التوحيد والإصلاح (مقربة من الحزب الحاكم)، في بلاغ توصلت "عربي21" بنسخة منه، عن استنكارها الشديد لـ"هذه الجريمة الشنعاء"، معلنة إدانتها المطلقة "لهذا الفعل الآثم، أيا كانت الجهة التي تقف وراءه، لما فيه من قتل لأنفس بريئة واعتداء ظالم وترويع للآمنين يتنافى مع جميع الشرائع السماوية والقوانين والأعراف الدولية". 

المجرمون مرضى
الشيخ والداعية السلفي حماد القباج، قال في تدوينة على حسابه بـ"فيسبوك" معلقا على الجريمة، إن "الذين ذبحوا السائحتين مرضى قبل أن يكونوا متطرفين". 


وأضاف القباج، "أنهم مرضى نفسانيون لا يجدون ما يسكنون به الاختلال النفسي إلا بأفعال متطرفة من ذلك القبيل؛ وهي حالة شبيهة بحال أولئك الذين لا يهدأون إلا بتناول نوع أو أنواع من المخدرات، وهكذا أصحاب هذا المرض يجدون في الأفكار والسلوكيات المتطرفة مسكنا لألمهم".

وتابع: "أصحاب هذه الجرائم، لهم صفة مشتركة، وهي ضعف معرفتهم بأحكام الإسلام وآدابه ومقاصده، فيندر جدا أن تجد فيهم عالما فقيها، وإذا وجدته فغالبا ما يكون عميلا درس بعض العلوم الإسلامية في إحدى البرامج الاستخباراتية الأجنبية؛ فيستهدف أولئك المرضى عبر الأنترنت وغيره بتحريف نصوص الدين وكلام علمائه أو بإخراجه عن سياقه ليتلاعب بعقول أولئك الجهال المتعطشين لإرواء نفسيتهم المريضة". 

ولم يستبعد الشيخ السلفي "أن يرتكب مثل تلك الجريمة شباب (مقرقبين) لا علاقة لهم بالتدين؛ وأثناء الجريمة رددوا ألفاظا دينية".