صحافة دولية

ما الذي تبحث عنه إسرائيل في القارة السمراء؟

الصحيفة قالت إن إسرائيل تسعى للحصول على مقعد "مراقب" في الاتحاد الأفريقي- جيتي

نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على رغبة إسرائيل، التي عرفت ببحثها عن الدعم الدبلوماسي والفرص التجارية، في استعادة علاقاتها مع القارة السمراء والدول الإسلامية الموجودة فيها. وتعد المنافسة مع إيران والأهمية الاستراتيجية للقارة، من المحفزات الأساسية التي دفعت إسرائيل على اتخاذ هذه الخطوة.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رسالة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أوردت أن "دولته تؤكد عودتها إلى أفريقيا وأن القارة السمراء قد تصالحت بدورها مع إسرائيل". وقد جاءت هذه الرسالة لتعلن عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل ودولة تشاد، ذات الأغلبية المسلمة والتي يرأسها إدريس ديبي، بعد قطع للعلاقات الثنائية بين البلدين دام 40 سنة. وتجدر الإشارة إلى أنه خلال سبعينيات القرن الماضي، أعلنت حرب أكتوبر وأزمة النفط الأولى عن نهاية أفضل أطوار العلاقة الأفريقية الإسرائيلية.

وبينت الصحيفة أن إسرائيل تأمل في عقد قمة كبرى تجمعها بالدول الأفريقية، والحصول على مقعد "مراقب" في الاتحاد الأفريقي. كما تنوي التقرب من الدول الإسلامية على غرار السودان ومالي وموريتانيا. علاوة على ذلك، تحاول الحكومة الإسرائيلية تلميع صورتها في هذه المنطقة، فقد ذكرت العدالة الإسرائيلية أنها ستنظر في ملفات عديد رجال الأعمال، مثل دان جيرتلر أو بيني شتاينميتز، المعروفين بأنشطتهما المشبوهة في كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وغينيا.

وتتمثل الأسلحة الدبلوماسية التي تستخدمها إسرائيل لبلوغ أهدافها المذكورة في مهاراتها في المجال الأمني وخبرتها في الزراعة وإدارة المياه والتقنيات العالية. ولكن، على الرغم من أنها تسير نحو تطبيع علاقتها مع بلدان القارة السمراء، إلا أن إسرائيل لا زالت بعيدة عن تحقيق مبتغاها.

وذكرت الصحيفة أن أهمية أفريقيا الاستراتيجية تكمن في إطلالها على البحر الأحمر. وتسعى إسرائيل إلى تعزيز أو تجديد علاقاتها مع الدول المجاورة لهذه المنطقة البحرية، التي تُعد أساسية لتزويدها بمستحقاتها وأمنها أيضا. وقد يمتلك الجيش الإسرائيلي قاعدة تجسس واستخبارات في إريتريا، كما يحاول التقرب من السودان.

 

اقرأ أيضا: صحيفة إسرائيلية تتحدث عن "ربيع إسرائيلي" في أفريقيا

وأوردت الصحيفة أنه في الماضي، كانت دولة السودان بمثابة نقطة عبور لنقل الأسلحة الإيرانية إلى حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة. وقد شنت إسرائيل غارات عسكرية على الأراضي السودانية للاعتراض على ذلك. لكنها لم تعد تعتبر أن هذه الدولة تُشكل تهديدا وإنما حليفا محتملا. في الواقع، تتمثل الصعوبة التي تواجهها إسرائيل في إقناع دول مسلمة- يُعادي الرأي العام فيها إسرائيل- بعدم إخفاء علاقاتها السرية معها؛ الأمر الذي جعلها تجند لوبياتها لهذا الهدف.

وأوردت الصحيفة أنه على الرغم من أن الأمر ليس جليا كما في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن المواجهة والصراع من أجل النفوذ بين إيران وإسرائيل يعبران أفريقيا أيضا. وتحاول تل أبيب التغلب على طهران في الدول التي تمكنت من تعزيز علاقات معها. وفي إطار هذا الصراع، تحظى إسرائيل بدعم الولايات المتحدة. أما في أوغندا، حيث تمتلك إيران مصنعًا للجرارات، فقد عمدت إسرائيل إلى بناء مستشفى وتوقيع مذكرة تفاهم مع البلاد في سنة 2015.

في الحقيقة، تصب إسرائيل كامل اهتمامها على حزب الله، ذلك أن هذه الحركة الشيعية اللبنانية المؤيدة لإيران نشطة جداً في منطقة غرب أفريقيا. وتاريخيا، سبق وأن استقر المجتمع اللبناني في هذه النقطة من القارة الأفريقية.

وذكرت الصحيفة أنه خلال أواخر ثمانينيات القرن الماضي أدرك الموساد أن منطقة غرب أفريقيا كانت بمثابة قاعدة يتراجع إليها زعماء الجناح المسلح للحزب الله، حين يحتاجون لذلك. وإثر إجراء تحقيقات أخرى، توصلت أجهزة الأمن السرية إلى أن حزب الله يقوم بعمليات جمع تبرعات مهمة بطريقة شبة قسرية من "اللبنانيين" الأفارقة. وللحد من هذا النفوذ، استفاد الإسرائيليون من مساعدة الأمريكيين مرة ثانية.

وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة، ساعدت على إغلاق العديد من البنوك اللبنانية في كل من بنين وغانا. كما وُضعت مؤسسات لبنانية في بيروت وأمريكا الجنوبية على قائمة سوداء، حيث اشتبه في تمويلها تجارة المخدرات نحو أوروبا، مرورا بأفريقيا. من جانب آخر، تُمثل الخبرة في مجالي الأمن والمراقبة الحجة الدامغة التي يُقدمها الإسرائيليون لإقناع رؤساء الدول الأفريقية بأهمية التقارب بين الطرفين.

 

اقرأ أيضا: هذه استراتيجية نتنياهو للعودة إلى أفريقيا.. ما علاقة إيران؟

وتطرقت الصحيفة إلى أن شركات خاصة أسسها جنود سابقون في جيش الدفاع الإسرائيلي تقدم المساعدة على الميدان في تدريب الحرس الشخصي التابع لرؤساء أفارقة أو وحدات النخبة. وهذا ما حدث فعلا في الكاميرون، حيث نظمت دورات تدريبية وجهزت كتيبة التدخل السريع من قبل جنود إسرائيليين سابقين.

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن المعادلة تبدو بسيطة في ذهن بنيامين نتنياهو؛ وتشير إلى أنه "إذا كنت تملك شيئا يحتاجه الآخرون، فإن هذه الدول سترغب في التعامل معك، حتى ولو كانوا يختلفون معك". وفي الواقع، يُراهن هذا المسؤول الإسرائيلي على تمييع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعلى الانقسامات الداخلية الفلسطينية، من أجل تغيير مواقف الدول من بلده. ومع ذلك، تبدو إقامة مصالحة حقيقية مع جميع الدول العربية المسلمة في أفريقيا غير محتملة، دون حل القضية الفلسطينية وتسوية وضع القدس.