ملفات وتقارير

ضربات أمريكية متكررة في الداخل الليبي.. ما أهدافها ورسائلها؟

طائرات أمريكية نفذت العديد من الغارات على ليبيا مؤخرا- جيتي

تكررت الضربات الجوية التي قامت بها القوات الأمريكية في الداخل الليبي، بحجة استهداف مقاتلي تنظيم الدولة، وسط تساؤلات عن الجهة التي تنسق معها واشنطن في هذه الضربات، وما إذا كانت تتم بناء على معلومات مخابراتية ليبية أم لا.


وأسفرت ضربات نفذتها القوات الأمريكية في أفريقيا "الأفريكوم"، مساء الجمعة، في بلدة العوينات (جنوب غرب ليبيا) عن مقتل 11 شخصا، يشبته بأنهم من عناصر تنظيم القاعدة، ونفذ الهجوم ليل الخميس وهو الثالث من نوعه منذ آذار/ مارس الماضي، بحسب تصريحات لقيادة "الأفريكوم" لرويترز.

لمصلحة من؟

ورأى مراقبون وعسكريون، تحدثوا لـ"عربي21"، أن "تكرار هذه الضربات في الداخل الليبي، خاصة الجنوب، يبعث برسالة إلى الأطراف الداخلية، بأن "واشنطن" متواجدة بقوة هناك، ولن تسمح بتدخل أي دولة أخرى إفريقية أو أجنبية، خاصة مع حالة الفوضى التي يشهدها الجنوب الليبي، مؤكدين أن هذا التنسيق يتم مع حكومة الوفاق وفقط.

وأثارت الضربات الأمريكية المتكررة عدة تساؤلات، من قبيل: لمصلحة من تقاتل "واشنطن" داعش وتطاردها؟ وهل تريد واشنطن قطع الطريق على أي تدخل آخر في الجنوب سواء من قبل فرنسا أو تشاد والنيجر؟ ومع من تنسق قوات "الأفريكوم" في ضرباتها داخل ليبيا؟

"مثلث الرعب"

من جهته، أكد وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي أن "الولايات المتحدة الأمريكية تلبي طلبات المستنجد فيما يرضي الطرفين (غربا وشرقا)، خاصة في الضربات الموجهة ضد مقاتلي "داعش" سواء شرق البلاد أو غربها أو جنوبها، أما التنسيق فتقوم "الأفريكوم" بذلك فقط مع حكومة الوفاق المعترف بها دوليا".

وأوضح لـ"عربي21" أن "الجنوب الليبي أصبح الآن مأوى للجماعات الإرهابية، التي تسعى أمريكا وفرنسا للقضاء عليها، خوفا من انتشارها فى ليبيا والجزائر والنيجر، وقد سبق أن تدخلت فرنسا بقوة في مالي، وما يسمى بمثلث الرعب بين ليبيا والجزائر والنيجر، الذي تنشط فيه تنظيم القاعدة فى شمال إفريقيا"، وفق رقوله.

"عين حمراء لروسيا"

ورأى مدير مركز "بيان" للدراسات، نزار كريكش، أن "منطقة شمال ووسط أفريقيا فيها أكثر من مئتي ألف جندي أمريكي ومحاطة بالقواعد العسكرية، والتعامل مع فرنسا وإيطاليا وكذلك دول المغرب العربي ليس بسر بل هو جزء من استراتيجية وضعت من بعد الحرب العالمية الثانية لمنع أي تواجد روسي في المنطقة".

وأضاف الباحث الليبي لـ"عربي21" أن "القوات الليبية لاتعني شيئا، إلا إذا تطور الوضع لحرب تقليدية، هنا سينظر الحلفاء أي القوى يمكن أن تحقق وضعاً استراتيجيا مناسبا للأطراف الدولية، أما اعتبار مصر أو فرنسا أو الجزائر قوة أخرى في المنطقة فهو غير صحيح وحرب مالي وتدخل "الناتو" بعد الثورة يكذب هذه الأسطورة".

"مسكنات عسكرية"

وقال رئيس مؤسسة الديمقراطية وحقوق الإنسان الأمريكية، عماد الدين المنتصر، إن "محاربة القاعدة وداعش هي الأولوية الوحيدة للسياسة الأمريكية في ليبيا، ولدى "واشنطن" فرق مخابرات واستطلاعات في كافة أنحاء ليبيا وبالتعاون مع كل الفرقاء الليبيين كخليفة حفتر في الشرق وحكومة الوفاق في الغرب".

وأشار في تصريحه لـ"عربي21" إلى أنه "ليس من السهل القضاء على هذه التنظيمات "الإرهابية" بالاعتماد على الضربات الجوية فقط، فلابد من وجود حليف ليبي على الأرض يطارد فلول "الإرهاب"، لكن الخلافات السياسية الليبية تحول دون ذلك، وتجعل الخيار الوحيد هو استعمال هذه "المسكنات" العسكرية وعدم اللجوء لحل جذري ومستديم لمشكلة الإرهاب"، بحسب تقديره.

وقال المحلل السياسي السوداني، عباس صالح، إن "هناك قوى غربية تقوم بشن هجمات لصالح إسناد مجموعات محلية موالية لها كما هو شأن فرنسا في جنوب إفريقيا والمناطق المؤدية إلى النيجر، أما بخصوص الغارات الأمريكية ضد أهداف أو تهديدات بعينها، فالغربيون "براغماتيون" جدا هم يستغلون الطرف الفاعل على الأرض فحسب.

وتابع لـ"عربي21": "قوات "الأفريكوم" تتحالف مع "مليشيات" مناطقية وقبلية عبر التراب الليبي سواء لشن هجمات أو جمع المعلومات"، بحسب كلامه.

قيادة "الملف الأمني"

وأشار الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد إلى أن "التوجه الأمريكي في ليبيا أمني بالدرجة الأولى، وهذا ما يفسر اجتماعات "الأفريكوم" المتعددة وتنسيقها مع حكومة "السراج"، ما يعني عدم اعتدادها بتحركات قوات "حفتر" العشوائية والمعاقة"، بحسب وصفه.

وأضاف لـ"عربي21": "واشنطن تدرك أن تحركات بقايا "داعش" في الصحراء الليبية الشاسعة يحتاج تقنيات ومعدات متطورة لا تمتلكها أغلب الدول المجاورة، كما أنها تريد إرسال رسالة للدول الأوروبية خاصة فرنسا بأنها أمريكا ستبقى في صدارة الملف الأمني ومحاربة الإرهاب في ليبيا".

وكشف الناشط من الجنوب الليبي، طاهر النغنوغي، لـ"عربي21"، أن "الضربات استهدفت ثلاث سيارات مسلحة في صحراء بلدية غات، وبالتحديد في منطقة العوينات بالجنوب الليبي، وهذا يؤكد مساندة "واشنطن" لليبيا في استهداف المجرمين والمتطرفين لتؤكد أنها قادرة على التدخل ومعرفة الاختراقات الواقعة بالجنوب الليبي".