ملفات وتقارير

ماي أمام امتحان صعب بعد استقالة 5 وزراء

يرى محللون أن ماي ستجتاز التصويت في البرلمان حول بريكست- جيتي

استقال ثلاثة وزراء من حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الخميس احتجاجا على مشروع اتفاق "بريكست" من الاتحاد الأوروبي، وكان الوزير المكلف بالملف دومينيك راب أحد المستقيلين.

واستمرت مناقشات الحكومة البريطانية خمس ساعات، ونتج عنها إقرار الوزراء لمسودة اتفاق "بريكست"، على الرغم من وجود اعتراضات كثيرة على بعض بنود الاتفاق.

حدود إيرلندا واتفاقية السلام

ويرى محللون أن أحد أهم الاعتراضات هي حدود إيرلندا، وبحسب الصحفية المعتمدة لدى الاتحاد الأوروبي ليلى حداد، "فإن طبيعة الاعتراضات لمشروع الاتفاق ليست بهذه الحدة كما يروج البعض".

وتابعت في حديث لـ"عربي21": "لم يرفض المعارضون للاتفاق سواء المؤيدون للخروج من الاتحاد الأوروبي أو المعارضون كامل بنوده، هم فقط اختلفوا مع ماي في بعض النقاط".
وأوضحت حداد بأن أهم نقطة كانت مثيرة للخلاف هي المتعلقة بالحدود بين جمهورية إيرلندا وإقليم إيرلندا الشمالية، وفي حال خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوربي تصبح بلدا أجنبيا، وعليه، تصبح  الحدود بين الدولة والإقليم دولية، وما توصلت ماي له في هذه الحالة، هو حدود لينة تمنع عودة الحدود الصلبة إلى جزيرة إيرلندا، وتحفظ سلامها الذي مايزال هشا حتى بعد 20 عاما من التوقيع على الاتفاق بما يعرف باتفاق الجمعة المقدسة".

وأشارت إلى أن "حل مسألة الحدود يتمثل في إنشاء "منطقة جمركية واحدة"، تجمع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، الأمر الذي يجعل من الممكن حماية السوق الداخلية البريطانية، وضمان وصول البضائع من إيرلندا الشمالية لبقية سوق المملكة المتحدة، دون عوائق".

"لكن من ناحية أخرى، ستظل إيرلندا الشمالية متوافقة مع عدد محدود من قواعد السوق الفردية الضرورية لتجنب الحدود الصلبة مثل المعايير الصحية للفحوص الطبية، أو تلك الخاصة بضريبة القيمة المضافة ومساعدات الدولة"، تضيف حداد.

من جهته أشار المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، أحمد أبو علي إلى أن "تخوف المعارضين للاتفاق من إعادة الحدود بين إيرلندا الشمالية التي ما تزال جزءا من المملكة المتحدة، وبين جمهورية إيرلندا التي ما زالت عضوا في الاتحاد الأوروبي".

وتابع أبو علي في حديث لـ"عربي21": "قلقهم من إعادة الحدود نابع من الخوف على مصير اتفاقية السلام التي وقعت بين بريطانيا وحزب شين فين الجناح السياسي للجيش الجمهوري الإيرلندي عام 1998".

ولفت إلى أن المخاوف الاقتصادية هي أيضا أحد أسباب معارضة الاتفاق، وذلك بسبب الضريبة التي ستدفعها بريطانيا لخروجها من الاتحاد، حيث ستُجبر على دفع مديونية للاتحاد تقدر بحوالي 45 مليار دولار.

مجحف أم لا؟

وحول إذا ما كان اتفاق "بريكست" مجحفا بحق بريطانيا أم لا، أوضح أبو علي بأنه "غير مجحف، لا سيما أنه يدخل ضمن آلية وقوانين الاتحاد الأوروبي والمفوضية العليا".

بدورها قالت ليلى حداد: "لا يمكن القول بأنه مجحف، ولكن كان مناصرو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لديهم خوف من أن الاتفاق سيجبر المملكة المتحدة على الامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي لسنوات طويلة، ويمنعها من قطع العلاقات بشكل حقيقي".

وأضافت: "بعضهم يرى أنه لو أبرمت المملكة المتحدة اتحادا جمركيا مع الاتحاد الأوربي كما ينص عليه مشروع الاتفاق، فإنهم سيظلون في الواقع في السوق المشتركة، وإن ذلك سيجعل المملكة المتحدة دولة خاضعة للاتحاد الاتحاد الأوروبي، وهذا الوضع سيكلف البلاد أكثر مما تطيق ماديا و معنويا".

وأردفت: "بالمقابل يرى المؤيدون للمشروع أنه بعد عام 2020، ستبقى المملكة المتحدة في اتحاد جمركي أوروبي، والميزة في ذلك أنه خلال انتظار إبرام اتفاقية تجارية أو ما يسمى باتفاقية التجارة الحرة، لن يضطر البلد إلى دفع الرسوم الجمركية وهذا باعتقادي  انتصار لتيريزا ماي".

تصويت البرلمان

أشارت تقارير إعلامية إلى احتمالية تصويت البرلمان البريطاني ضد اتفاق "بريكست"، حيث قال ديفيد ديفيز الوزير البريطاني السابق لشؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي الجمعة، "إن البرلمان سيصوت ضد مسودة اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي التي أعدتها رئيسة الوزراء تيريزا ماي، بحيث يتعين عليها العودة إلى الاتحاد الأوروبي لإبرام اتفاق مختلف".

ترى المتخصصة في الشؤون الأورو-متوسطية ليلى حداد، بأن "إقناع البرلمان البريطاني بإقرار الاتفاق سيكون أصعب التحديات لرئيسة الوزراء السيدة تريزا ماي".

واعتبرت أن كل الاحتمالات واردة، خاصة بعد الاستقالات التي تلت موافقة مجلس الوزراء على مشروع الاتفاق.

ورجحت حداد أن تنتهي الأمور لصالح ماي؛ لأنها نالت دعم وزرائها الكبار ووصلت المفاوضات إلى نقطة لا عودة.

من ناحيته أكد الخبير في العلاقات الدولية أحمد أبو علي، بأن "التصويت في البرلمان على مسودة الاتفاق لن يكون سهلا، وماي أمامها صعوبات في إقرار هذا القرار، ولكني أعتقد بأن القرار حتى لو مر سيمر بصعوبة، وهو الذي سيحصل في الغالب".

مستقبل ماي

وفي ظل عدم وضوح موقف البرلمان من الاتفاق ومع استقالة عدد من الوزراء، بات مستقبل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على المحك، وبدأ الحديث يدور حول نية البرلمان حجب الثقة عن ماي، فهل ينتهي مستقبلها السياسي؟

يجيب أبو علي عن هذا التساؤل بالقول: "لا يمكن التكهن بمستقبل ماي بشكل واضح، خاصة أن هناك تجاذبات داخل حزبها، ما بين مؤيد لبقائها ومعارض".

بدورها أشارت ليلى حداد إلى أن "التصويت على حجب الثقة عن ماي يحتاج لطلب 15% من الأعضاء المحافظين في مجلس العموم، بالمقابل ماي أكدت بنفسها أنها باقية لنهاية المطاف، لذلك لا أعتقد أنها ستستقيل من تلقاء نفسها، ولكي تُسحب منها الثقة يجب أن تتوفر الشروط اللازمة لذلك".

 

اقرأ أيضا: أنباء عن "سحب الثقة" من تيريزا ماي.. ما مصير"بريكست"؟