صحافة دولية

الغارديان: لهذا تخطط بريطانيا للخروج من اليونسكو

الغارديان: خطط بريطانيا الخروج من اليونسكو استجابة لترامب وإسرائيل- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لمسؤولة الشؤون الخارجية في حكومة الظل العمالية إميلي ثورنبري، تعلق فيه على خطط بريطانيا الخروج من منظمة اليونسكو.

 

وترى الوزيرة أن قرار بريطانيا الخروج من منظمة اليونسكو قد يكون تقليدا مثيرا للخجل للعزلة الأمريكية.

وتقول ثورنبري في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إن نائبا شابا وقف في مجلس العموم، ولم يكن قد مضى على انتخابه في البرلمان سوى عامين، وعارض خطط الحكومة البريطانية الخروج من وكالة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، وهي المنظمة التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية؛ لتشجيع التنمية والتعاون الدوليين في مجالات الثقافة والتعليم والعلوم. 

وتشير الكاتبة إلى أن هذا النائب رد على مبررات حكومة مارغريت تاتشر، بأن الخروج تستدعيه الميزانية والبيروقراطية للمنظمة الدولية، قائلا: "الأساس لهذا النقاش ليس المالية أو طريقة إدارة اليونسكو، لكن قوة اليمين المتطرف في الولايات المتحدة". 

وتقول ثورنبري: "كان هذا الشخص هو جيرمي كوربن، النائب العمالي الوحيد الذي شارك في النقاش، الذي لا يزال واقفا في مجلس العموم اليوم، وليست هذه المرة الأولى والأخيرة التي يقف فيها إلى الجانب الصحيح من التاريخ، لكن التاريخ يعيد نفسه الآن، بالأخبار عن خطط وزيرة التنمية الدولية بيني موردونت بمتابعة خطى الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، والخروج من اليونسكو، وبعد 21 عاما من إعادة روبن كوك عضوية بريطانيا للمنظمة الدولية". 

وتلفت الكاتبة إلى أنه "كما في عام 1985، فإن الوزيرة البريطانية تبرر القرار بناء على قضايا المالية والميزانية، ومرة أخرى فإن ذلك ليس سوى ذريعة للمحافظين، وهو غطاء مخجل في سبيل إرضاء دونالد ترامب، فقد أعلنت إدارته وبشكل مشترك مع إسرائيل العام الماضي، أن السبب هو (مواقفها المعادية من إسرائيل)، وعنت بهذا هو قرار اليونسكو عام 2011 قبول عضوية فلسطين الكاملة في المنظمة". 

وترى ثورنبري أن "قرار موردانت الخروج من اليونسكو بذريعة التمويل والميزانية هو بالضرورة تسخيف للرأي العام، وهي خطوة جبانة من وزيرة عادة ما تعبر عن مواقفها بصراحة". 

وتجد الكاتبة أن "فعل الوزيرة هو تناقض، فقبل تسعة أشهر عبرت عن رضاها وثنائها عن اليونسكو، ومديرتها الجديدة أودري أزولاي، وأنها (تركز على أجندة الإصلاح)، وأكدت أنها (ستدعمها بشكل واسع) في (وظيفتها الصعبة)، فما الذي تغير في الأشهر التسعة الأخيرة؟ وماذا تغير في الشهر الماضي؟ فقد أكد السفير البريطاني في اليونسكو ماثيو لودج، لزملائه في الحكومة البريطانية أنه (رغم وجود التحديات، فإن تمويل اليونسكو جيد، وانخفض مستوى النزاعات السياسية التي رافقت هذه المنظمة ولمدة طويلة، وهناك شعور بالتفاؤل للمستقبل)، وبعد أربعة أسابيع فإن الحكومة تقترح الخروج من المنظمة". 

وتعلق ثورنبري قائلة: "علينا أن نكون واضحين للسبب الذي يدفعنا للخروج: تقوم منظمة الأمم المتحدة من بين عدة أشياء برفع مستويات القراءة حول العالم، ودعم المساواة بين الجنسين في مجال التعليم وحماية حرية الصحافة، وتنسيق التحذير المبكر من التسونامي، والحفاظ على أكثر من ألف موقع تراثي حول العالم، منها 31 في بريطانيا".

وتستدرك الكاتبة بأنه "علاوة على هذا كله، فنحن نبتعد عن تراثنا، فكان السياسيون البريطانيون، مثل راب باتلر، هم من طوروا فكرة اليونسكو أثناء مؤتمر عقد في لندن عام 1945، التي نبع منها دستور المنظمة، وكان السياسي البريطاني كليمنت أتلي، الذي أصبح أول مدير لها ورئيس للوزراء البريطاني لاحقا، هو من لخص مهمة اليونسكو، بقوله: (لأن الحروب تبدأ من عقول الرجال، فيجب أن يبدأ بناء السلام من عقول الرجال)".

 

وتذهب ثورنبري إلى أن "هذا كان تفكير جيل هزته الحرب العالمية الثانية، وكان حريصا على خلق مؤسسات دولية لا تمنع فقط تكرارا للحرب، بل إنها توقف القوى القومية الداعية للكراهية والانقسام والتحيز من الظهور مرة أخرى، ويمكن القول أن اليونسكو هي أهم مساهمة بريطانية لبنية السلام العالمي، وظهور بيني موردانت لتدمير هذا التراث من خلال سحب عضوية بريطانيا ليس إلا تخريبا ثقافيا وتاريخيا". 

وتقول الكاتبة: "لو كان المبرر هو المالية فلربما تحسرنا على ضيق نظر بيني، لكن كما قال جيرمي كوربن قبل 33 عاما، وكما قال السفير البريطاني لدى اليونسكو في تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، فإنه لا مكان لهذه المبررات، وتحقق بريطانيا أرباحا جيدة من العضوية، فقد ساهمت بريطانيا بـ11 مليون جنيه في مالية اليونسكو، لكنها حصلت بالمقابل على 100 مليون جنيه لقاء اعتبار المنظمة معالم تاريخية تراثا إنسانيا". 

وترى ثورنبري أن "الحقيقة التي تثير الانقباض هي أن حكومة المحافظين تتبع كما في عام 1985 الطريق الأمريكية نحو العزلة، وفك العلاقة المتزايدة مع المنظمات الدولية، وإن لم تستمع حكومة المحافظين للعمال فإنه يجب عليها الاستماع لآخر زعيم محافظ دولي، الذي تحدث في النقاش ذاته الذي تحدث فيه كوربن عام 1985، الذي ربما يتحرك في قبره خجلا مما يفعله خلفاؤه اليوم". 

وتنوه الوزيرة إلى أن "تيد هيث شاهد نمو العقلية الضيقة السيئة للقومية، التي تعتقد أننا نستطيع النجاة دون بقية العالم، وتعتقد في أعلى تجلياتها غطرسة أنه يمكننا أن نملي على بقية العالم ما يجب عمله، ونعتقد أنه يمكننا الطلب من بقية العالم (افعلوا ما نطلبه منكم أو سنخرج) بشكل يعطي فكرة أن خسارتنا كبيرة لدرجة أنهم سيستجيبون لما نطلبه منهم". 

وتختم ثورنبري بالإشارة إلى قول هيث: "في العالم الحديث لا شيء سيكون بعيدا عن الحقيقة"، وتعلق قائلة: "كم كان محقا، لكن المحافظين لا يستمعون إليه".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)