كتاب عربي 21

بشار الأسد وابن سلمان: الفوارق السبعة

1300x600
إن عنوان "الفوارق السبعة" يذكّر بتسلية البحث عن الفوارق بين لوحتين متشابهتين في المجلات السيارة، ويعني أنهما متطابقتان سوى في هذه الفوارق.. سنبحث عن بعض التشابهات بين بشار الأسد وابن سلمان.

أكد منشار الأسد في حوار مبثوث، أن السعودية عرضت عليه مبلغاً من المال بعد اندلاع الثورة السورية لاحتواء الثورة ببعض الإصلاحات، لكنه رفض، ليس كرامةً وأنفةً، فلم تكن سوريا الأسد يوماً في هذه المثابة. فقد كانت تعيش على المساعدات، والماء فوق ظهور الحمير محمول، وليس لأن الرشوة إفساد ولعنة، وإنما لأنها اشترطت عليه الابتعاد عن إيران "الحبيبة".. الحب في حالة الأسد حب قاتل.

وكان المبلغ سيسرق قبل أن يصل إلى أفواه الشعب، مثل أموال الأمم المتحدة التي بلغت 35 مليار دولار خلال سنوات الثورة، وذهبت إلى الموالين. سوريا من أغنى الدول العربية إن عُمّرتْ، وحُررتْ. كان الأسد يمنع بناءها؛ لأنه ينوي إعادة البناء من جديد بشعب جديد، على ما يظهر، والله الموفق والمستعان. كانت السعودية تتخوف من الثورات، وانتصار إسلام جديد غير إسلام "جلد ظهرك وأكل مالك" وزنا نصف ساعة على الهواء، وشرب الخمر، وقد بلغها زلزال الربيع العربي من غير مظاهرات، بجنازة رجل واحد قُتل غدراً في كمين القنصلية. العالم كله يريد أسداً واحداً في سيرك سوريا، وليس شعباً من السباع الغضاب أيها القارئ الكريم.

كانت تلك مقدمة للمقارنة بين الشابين اللذين لم يبلغا سن الرشاد السياسي حسب الدستور، وكنت أكرر في مقالاتي القول: إن سوريا دولة علمانية (على الطريقة العربية) في الداخل، وإسلامية في الخارج، على العكس من السعودية، فهي إسلامية في الداخل، وليبرالية في الخارج.

أول وجوه الشبه، أنهما خرقا الدستور، الجمهوري في سوريا، والعائلي في السعودية. والثاني، أنهما شابان حدثان، والشباب قد يصلحون لقيادة الحروب والجيوش، لكن قيادة الدول والممالك تحتاج إلى حكمة الكبار ومجالس الشورى...

وتزعم تسريبات ليس لها تأكيدات غير تصرفاتهما الحمقاء؛ أنهما عانيا من اضطراب في التربية، كالتهميش في الصغر، في حالة بشار مقارنه بأخيه، أوالدلال الزائد في حالة ابن سلمان، وأنهما يعانيان من أمراض نفسية، وكفى بالكبر والغرور داءً. وهما يتشابهان في عقاب الفاسدين القتلة بالإعفاء من المناصب، مثل عاطف نجيب وسعود القحطاني على أخطاء، أدت في سوريا إلى قتل مئات الألوف، وفي القنصلية السعودية (أرض الحرمين) إلى ثورة عالمية ضد السعودية.

وهما يعاقبان المعارضين بالسكتة القلبية والإخفاء، وإنهما وعدا الشعب بالتطوير والتحديث، ومشاريع إمبريالية تنقصها الديمقراطية، وإنهما يؤمنان بحرق المراحل، وقد أثبتت الأيام أن حرق الزمان يؤدي إلى حرق المكان.

ولا يريان أبعد من أنفهيما، وإن كان الأنف طويلاً بسبب الكذب. وإنهما تربية غربية، ومن جيل غير جيل الآباء، فهما غافلان عن الأعراف والتقاليد السياسية والأخلاقية. وإنهما خاضا حروباً ظالمة ضد الإخوة في لبنان واليمن، وكلاهما يشتركان في اعتبار الإسلام السياسي عدواً أول، وهو واحد من أكبر أحزاب الأمة من المحيط إلى الخليج، والمنافس الوحيد على السلطة. وإنهما يحميان أمكنه مقدسة، ويحتميان بها: بشار يحمي القبلة الأولى تحت الاحتلال طبعاً، وابن سلمان يحمي القبلة الثانية الأسيرة. تقول الأنباء: إن الثاني سيلحق بالأول بالارتماء في حضن إيران، كما هدد صحفي سعودي، وهدد ابن سلمان في حديث هاتفي مع صديقه كوشنر بنفس التهديد. النكاية أسوأ طريقة للانتقام، وأشهر أمثلة عن النكاية هي الرجل الذي جبَّ مذاكيره نكاية بزوجته.

يذكر عزيز نسين ستة شروط واجب توفرها في الإنسان حتى يصبح رجلاً، هي: معاناة الفقر، والخدمة العسكرية، وقصة حب، والسجن، والزواج، وشرط أخير نسيته. لم يحقق وليا العهد اللذان ولدا وفي فميهما ملعقتا ذهب، واقتحما الشرعية الدستورية؛ من هذه الشروط سوى قصة الحب، وهي قصة حب الذات على الأغلب، فهي أسهل الشروط. وكلاهما يشتركان في خصيصة معاداة الجزيرة القطرية وتركيا، مع أن بشار وابن منشار من دينين مختلفين، متعاديين ظاهرياً، وقد أثبتت الوقائع أن دينهما واحد، وهو عبادة العجل الذهبي، وكلاهما يحبان مهنة النجارة؛ نشر واحد دولته، ونشر الثاني جثة معارض وجثة العائلة، وكلاهما يؤمنان بالمؤامرة نظرية للحكم الرشيد.

وكلاهما ملهمان، مع إضافة صفة جديدة هي "محدَّث" إلى ابن سلمان. الفروق بينهما قليلة: أحدها أن بشار دافع بإخلاص عن القبلة الأولى مع محتلها، بينما فرّط الثاني في بعض شروط حماية قدسية الثاني، وأنهما يجنيان أموالاً من الحج؛ الأول من قبر زينب، والثاني من الكعبة.. الأول نجا حتى الآن لأنه علوي باطني، والثاني سني ظاهري ولأسباب أخرى الله أعلم بها. وهما عنيدان، والشباب شعلة من الجنون، كما جاء في الحديث، والدول لا تقاد بكلمة سرّ فهي ليست كهف علي بابا وليست آلة.

.. ويشتركان في أنهما سقطا على العرش من صرة اللقلق، وتشابهات أخرى كثيرة.