ملفات وتقارير

انتهاكات جسمية بحق أهالي المعتقلين بمصر أثناء الزيارات

أهالي المعتقلين يشتكون من حرمانهم الزيارة رغم حصولهم على موافقات القضاء- جيتي
يشتكي أهالي المعتقلين بسجون الانقلاب في مصر؛ من مخالفات أمنية واسعةتتمثل في حرمانهم من حق الزيارة، رغم حصولهم على موافقات قضائية؛ مؤكدين أن الرفض دائما ما يأتي بحجة عدم وجود تصريح أمني، وهو ما اعتبره حقوقيون مخالفة واضحة للقانون والدستور.

الدكتورة منى المصري، زوجة الدكتور أحمد عبدالعاطي، مدير مكتب الرئيس السابق محمد مرسي، والمعتقل منذ الانقلاب العسكري منتصف 2013، بسجن العقرب شديد الحراسة، كانت آخر ضحايا التعنت الأمني مع المعتقلين، حيث أكدت منعها وأطفالها من زيارة زوجها رغم حصولها على إذن المحكمة المسبق.

وقالت المصري، عبر صفحتها بـ"فيسبوك" مساء السبت، إنه رغم ذهابها لمقر سجن العقرب ومكوثها منذ صلاة الفجر وحتى العصر مفترشة الأرض، إلا أن الأمن ظل يؤجل دخولها لرؤية زوجها التي مٌنعت زيارته لأكثر من عامين وشهرين، وفي النهاية تم رفض دخولها.

أمر المنع لم يقف عند هذا الحد؛ بل وصل لمنع كامل للزيارة عن بعض المعتقلين بالقضايا الكبرى وخاصة العسكرية، وقبل أسبوع كشفت الناشطة سمية ناصف، عبر صفحتها بـ"فيسبوك"، عن أن معتقلي قضية "64 عسكرية"، لا يسمح لذويهم بالزيارة، وأنه لا يمكنهم رؤيتهم إلا خلال جلسات المحاكمة.

من جهة أخرى، تشتكي أسر المعتقلين من الانتظار لساعات، والتضييق ومنع الطعام والدواء، عن ابنائهم أثناء الزيارات، وهو ما تحدثت عنه والدة المعتقل ياسر الأباصيري، لـ "عربي21"، والتي يسمح لها بزيادرة ابنها كل شهر مرة.

 

 






وحول كيفية التعامل مع تلك المخالفات بشكل قانوني، قال وزير العدل الأسبق المستشار أحمد سليمان: "للأسف الشديد ليس بمصر قانون يٌحترم، والقضاء ليس مستقلا، وبات أداة من أدوات الانتقام"، موضحا أنه وبرغم ذلك فلابد أن نسلك الطرق القانونية دفاعا عن حقوق المعتقلين".

المستشار سليمان، أوضح لـ"عربي21"، أن "الإجراء الواجب اتخاذه هو التقدم ببلاغ للنائب العام بمضون الواقعة ورفض إدارة السجن تنفيذ قرار المحكمة، وترفق صورة الإذن بالبلاغ، وإرسال إنذار على يد محضر لمأمور السجن والضابط الذي منع الزيارة ورفض تنفيذ الإذن".

وأكد أن "هذا الامتناع عن تنفيذ قرار المحكمة بالزيارة يشكل جريمة يعاقب عليها بالمادة (123) من قانون العقوبات"، مشيرا إلى أن فقرتها الثانية نصت على أنه "يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمدا عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر - في الفقرة الأولى: ومنها وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو أية جهة مختصة- بعد مضى 8 أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلا باختصاص الموظف".

وشدد الوزير سليمان، على ضرورة "تقديم شكوى للمجلس القومي لحقوق الإنسان لتوثيق هذه الجرائم، إلى جانب تقديم البلاغ والإنذار سالفي الذكر، ويمكن إرسال إنذار بنفس المضمون لوزير الداخلية".

استنساخ الفشل


ويعتقد الحقوقي المصري محمد زارع، أن "غلق السجون بوجه الأهالي ليس جديدا حيث شهدت إبان حكم مبارك إغلاقا ومنعا للزيارات بقرارات صادرة ظاهريا من وزارة الداخلية ومدير مصلحة السجون، بحجة التعليمات الأمنية، وأسباب فنية أخرى".

نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان أكد لـ"عربي21" أن "كل هذا يخالف قانون ولوائح السجون، وكنا نضطر لرفع دعاوي فتح السجون والتمكين من الزيارة أمام قضاة (مجلس الدولة) ولكن الحكم كان لا يصدر إلا بعد سنة وأكثر وينفذ لمرة واحدة فقط"، مبينا أن "هناك سوء نية بعدم تنفيذ الأحكام حتى يصدر قرار جديد بغلق السجون ما يضطر أهالي المعتقلين لرفع دعوى جديدة تظل بالمحاكم سنة وأكثر لأجل زيارة واحدة".

وحول جدوى تلك الإجراءات، أوضح رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أن الأمور طوال الوقت بيد الداخلية وجهاز (مباحث أمن الدولة) من يسمح ويمنع، ورغم أن القاضي يحكم بالزيارة فلا يتم التنفيذ وتصبح أحكامه ورقية"، مؤكدا أن "الأجهزة الأمنية هي الحاكم الفعلي للسجون وقانون ولوائح السجون والقانون والدستور موجود ولا ينفذ على أرض الواقع".

زارع، أضاف أنه "رغم أن هذه الإجراءات لن تحقق كل ما يتمناه أهالي المعتقلين أو تحمل نتائج إيجابية إلا أنه يجب الضغط بشكل قانوني وإقامة دعاوى عدم تنفيذ الأحكام لعلها تجد عقلاء داخل أجهزة الدولة يٌمكنون الأهالي من زيارة ذويهم بشكل إنساني"، مشيرا لاعتقاده بأن "ذلك قد يدفع لمحاولة التهدئة وامتصاص الغضب".

ورفض زارع، قبول حجة أن منع الزيارة يتم لأسباب أمنية، موضحا أنها تتم تحت إشراف ورقابة الأجهزة الأمنية وكاميرات مراقبة، مضيفا "وربما يكون المنع لأسباب انتقامية ولمزيد من التنكيل بالمعتقلين وأسرهم أو الضغط للوصول لحلول توافقية ومبادرات".

ويتصور الحقوقي المصري، أن منع الزيارات لا يقود لتهدئة بل لمزيد من الغضب، معتبرا أنه خطر على المستقبل والاستقرار ويعد دعوة لمزيد من العنف ضد مؤسسات الدولة ومنها الشرطة، وأنها نظرة غير صائبة ثبت فشلها بعهود سابقة، رافضا استنساخ تجارب عصر مبارك الفاشلة.

إسقاط النظام

من جهته، قال المحامي الحقوقي عمرو عبدالهادي، إن الدولة المصرية "أمنية" وهرمها الديمقراطي "مقلوب"، مشيرا إلى أنه "في الدول الديمقراطية يصرح القاضي فينفذ الضابط، بينما في مصر يصرح الضابط فيقننها القاضي".

عبدالهادي، أكد لـ"عربي21"، أنه "لولا تغاضي العالم عن انتهاكات السيسي، بأوامر صهيونية لكان الآن مساءلا أمام الجنائية الدولية، ولكن حقوق الإنسان هي ضريبة خدمة السيسي لإسرائيل"، معلنا أسفه لعدم وجود أي طريقة لعودة حق السجناء إلا بـ"سقوط هذا النظام".