ملفات وتقارير

روايات سعودية وتركية عن مقتل خاشقجي.. أيها سيصدق العالم؟

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه سيكشف عن تفاصيل قضية خاشقجي يوم الثلاثاء

تعددت الروايات السعودية حول اختفاء ومقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده، ففي بداية الحادثة ردت الرياض على الرواية التركية القائلة إن خاشقجي لم يخرج من القنصلية بنفي وجوده داخلها، وأشار السعوديون إلى أنه خرج بعد دقائق من دخوله إليها.

وأكد ولي العهد السعودي هذه الرواية التي تناقلها الإعلام السعودي، في حديث له لوكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، حيث أشار إلى أن خاشقجي خرج من القنصلية، وأن بلاده على استعداد للسماح لتركيا بتفتيش مبنى القنصلية باسطنبول.

وانضم ما يسمى الجيش الإلكتروني السعودي لحملة نفي مسؤولية السعودية عن اختفاء خاشقجي، وتم الترويج لنظرية المؤامرة، وأن قطر ودولا أخرى كإيران تحاول تجييش العالم إعلاميا ضد السعودية، ووصلت هذه الحملة إلى حد المبالغة باتهام الدوحة وطهران بالمسؤولية عن اختفاء الصحفي خاشقجي، والتشكيك بوجود خطيبته، الشاهدة الوحيدة على دخوله القنصلية.

ومع إصرار الجانب التركي وخطيبة خاشقجي على رواية أنه دخل القنصلية ولم يخرج منها، قام القنصل السعودي محمد العتيبي بمرافقة مراسل "رويترز" داخل القنصلية، والنظر فيها، والبحث عن جمال بطريقة اعتبرها البعض "ساخرة"، خاصة بعد أن قام بفتح خزائن صغيرة الحجم أمام مراسل الوكالة؛ للتأكيد على عدم وجود خاشقجي داخل القنصلية.

وبعد ظهور تسريبات عدة في وسائل الإعلام تشير إلى أن خاشقجي قُتل داخل القنصلية، ونشر صور ومقاطع فيديو تُثبت مشاركة 15 سعوديا في العملية، أقرت الرياض بأنه قُتل داخل القنصلية، ولكن أثناء مشاجرة، ومن ثم عادت لتقول إن عناصر أمنية هي من قامت بذلك دون علم السلطات، خاصة ولي العهد السعودي.


ما هو سبب تعدد الروايات السعودية؟

تعدد هذه الروايات أثار تساؤل المراقبين عن سر هذا التخبط السعودي، الذي تدحرج من النفي، ثم للاعتراف بقتله بطريق الخطأ، ثم القول بأن المسؤول عن قتله هو مسؤول أمني كبير.

واتفق المحللون على أن تعدد الروايات هدفه إبعاد ولي العهد السعودي عن المسؤولية عن الحادثة، حيث أشار أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية، حسن البراري، إلى أن سبب تعدد الروايات السعودية حول اختفاء خاشقجي هي محاولة من السعودية لخداع العالم أجمع، وحتى تفلت من العقوبة.

وقال البراري في حديث لـ"عربي21": "هدفت السعودية أيضا من تعدد روايتها بين الإنكار تارة وبين الاعتراف بقتله تارة أخرى عبر رواية ركيكة، لحرف التركيز العالمي عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وذلك حتى يفلت من المسؤولية عن هذه القضية".

من جهته، أشار الكاتب والمحلل السياسي عامر عبد المنعم إلى "أن التخبط السعودي ناتج عن عدم قدرة الرياض على الاعتراف الصريح بالمسؤولية عن اختفاء وقتل خاشقجي".

وأضاف عبد المنعم في حديث لـ"عربي21": " تعدد الروايات السعودية كان هدفه إيجاد سيناريو يُخرج ولي العهد السعودي من الجريمة، ويبعده عن المسؤولية، لكن الأمر كان معقدا جدا، لأن أي رواية قد تصدر من طرف الرياض سيترتب عليها التشكيك في مجمل ردها على الاتهامات الموجهة لها".

وأوضح أيضا أن "عدد المتهمين الكبير وانتماءهم القبلي ساهم بتعدد هذه الروايات، خاصة أن التضحية بهم ككبش فداء عوضا عن التضحية بولي العهد السعودي ليس بالأمر السهل، خاصة إذا وُجدت قرائن تدين بن سلمان".

بدوره، قال المحلل السياسي جو معكرون، لـ"عربي21"، إن "تعدد الروايات السعودية حول اختفاء وقتل خاشقجي عكس حالة الغموض التي تلف هذه الجريمة، إضافة لتعدد أجهزة الاستخبارات ومصالح الدول المعنية".

وأردف معكرون: "يبدو أن السعودية راهنت بإنكار مسؤوليتها في البداية، على أن تمر القضية دون ردود فعل قوية، وبأن العالم سيصدق روايتها أن خاشقجي خرج من القنصلية فور انتهاء معاملته".

هل سيصدق العالم الروايات السعودية أم الرواية التركية؟

بمقابل تعدد الروايات السعودية حول الحادثة وتناقضها، كان هناك تماسك بالرواية التركية، وتشابه إلى حد ما بين ما تم تسريبه ونشره في الإعلام التركي، وبين الرواية شبه الرسمية، فأي الروايات سيصدق العالم؟

يجيب المحلل السياسي حسن البراري بالقول: "يجب علينا أولا انتظار صدور الرواية التركية الرسمية، والتي لا نعلم هل ستعبر عن تحقيق جنائي شفاف، أم أنها ستكون نتيجة لصفقة تركية سعودية".

وتابع البراري مستدركا: "بالطبع، إلى الآن لم يصدق العالم الرواية السعودية، ورفض الجميع قبولها، وهناك إجماع عالمي على تحميل ولي العهد السعودي مسؤولية مقتل خاشقجي، وهذا الإجماع هو انعكاس لانطباع الرأي العالمي نتيجة للتسريبات الصحفية التركية".

من ناحيته، أشار المحلل السياسي عامر عبد المنعم إلى أن "الرواية التركية شبه الرسمية هي الأقرب للتصديق عالميا، كونها متماسكة"، وأوضح أن الرواية التركية "موثقة منذ اليوم الأول، بالمقابل الرواية السعودية لا يوجد بها معلومات ولا رابط بينها، إضافة إلى أن الجانب السعودي كان يخرج كل يوم برواية تختلف عن التي سبقتها".

هل تقطع الدول علاقاتها مع السعودية؟

ضغط الإعلام الغربي على قادته لاتخاذ موقف حاد ضد السعودية بعد اتهام الأخيرة بمسؤوليتها عن إخفاء وقتل خاشقجي، فهل ينصاع هؤلاء القادة للمطالب الإعلامية والشعبية في دولهم ويخفضون علاقتهم مع السعودية، خاصة صفقات السلاح؟

أكد البراري على "أنه إلى الآن لم تتحدث أي دولة عن احتمالية قطع علاقاتها ووقف صفقات السلاح مع السعودية سوى ألمانيا، بالتالي أعتقد بأنه لن تقطع أي دولة العلاقات مع الرياض بسبب قضية خاشقجي، خاصة أمريكا التي تريد إدامة العلاقات الإستراتيجية والتسليح والعسكرية مع السعودية".

واستدرك: "لكن من الممكن أن تضغط هذه الدول على السعودية لتغيير منظومة الحكم، تحديدا ولاية العهد، بحيث يتم تنحية الأمير محمد بن سلمان من منصبه".

وكانت بعض الدول قد هددت بوقف بيع السلاح للسعودية نتيجة لحربها على اليمن، لكنها لم تفعل ذلك، فما الذي سيدفعها لفعل هذا الأمر كرد فعل على قضية خاشقجي؟

يجيب الكاتب عامر عبد المنعم بأن "قضية خاشقجي تختلف نوعا ما، حيث كانت الإدانة لمقتله عالمية، ولأول مرة يحدث توافق عالمي على رفض الجريمة، بالتالي لن يستطيع أي زعيم سياسي خاصة ترامب الاستمرار في الدفاع عنه، وسيُجبر على التخلي عنه".

وعبر عبد المنعم عن "اعتقاده بأن الدول ستوقف بيع السلاح للسعودية، واعتبر أن هذا الأمر سيكون بداية الرد العالمي على هذه الجريمة، حيث سيكون هناك أيضا سياسات أخرى ستؤدي لحصار ابن سلمان، ما يجعل السعودية تصل لحالة لم تكن مستعدة لها، وقد يؤدي هذا الأمر لحالة تمرد داخل دوائر الحكم في السعودية ضده حتى لو كان عليها ضغوط وقيود".

بدوره، قال الباحث في شؤون الشرق الأوسط جو معكرون: "هذه التطورات ستؤدي على الأرجح إلى تعديلات في مقاربة واشنطن لعلاقتها مع الرياض، لا سيما شروط وقنوات التواصل بين البلدين، لكن على المدى الطويل ستستمر العلاقات الأمريكية السعودية".

وتابع: "أما في المستقبل المنظور، فسيكون مفتاح أو مصير هذه الأزمة في أيدي صناع القرار في واشنطن وأنقرة".

وختم حديثه بالقول: "سيعتمد الأمر على الأدلة الحسية التي تمتلكها تركيا، وفي حال توفر هذه الأدلة، قد يؤدي هذا الأمر إلى تحول في نظرة المجتمع الدولي حيال القيادة السعودية، دون أن تصل إلى حد القطيعة الكاملة، بالمجمل الكرة الآن في الملعب التركي".

 وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه سيكشف عن تفاصيل قضية خاشقجي يوم الثلاثاء.

وقال أردوغان، خلال لقاء جماهيري في منطقة أوسكودار في الطرف الآسيوي من اسطنبول، إن جميع تفاصيل مقتل خاشقجي سأدلي بها يوم الثلاثاء المقبل.

ولفت الرئيس التركي إلى أنه سيدلي بالتفاصيل خلال اجتماع مع نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم الثلاثاء.

 

لقراءة جميع ما نشر في "عربي21" عن قضية اختفاء خاشقجي اضغط (هنا