سياسة عربية

4 منظمات دولية تطالب بتحقيق أممي بقضية خاشقجي

المنظمات الدولية تعتقد أن خاشقجي أعدم خارج إطار القضاء- تويتر

دعت أربع منظمات دولية، الاثنين، تركيا إلى مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بإنشاء لجنة تحقيق على وجه السرعة، للتحقيق في احتمال أن يكون الصحفي السعودي جمال خاشقجي، قد أعدم خارج نطاق القضاء.


أكدت المنظمات الأربع بحسب بيان نشره موقع "رايتس ووتش" أن "مشاركة الأمم المتحدة هي خير ضمانة لكيلا تتم تبرئة السعودية مما حدث، وفي وجه محاولات أي دول أخرى لأن تخفي تفاصيل الحادثة حفاظا على مصالحها التجارية المربحة مع الرياض".


وتاليا نص البيان الكامل كما ورد على مواقع "رايتس ووتش":


قالت "لجنة حماية الصحفيين" و"هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية" و"مراسلون بلا حدود" اليوم إنه ينبغي على تركيا أن تطلب من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إنشاء لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة، على وجه السرعة، للتحقيق في احتمال أن يكون الصحفي السعودي البارز، جمال خاشقجي، قد أعدم خارج نطاق القضاء.


ينبغي أن يحدد التحقيق الظروف التي أحاطت بدور السعودية في اختفاء خاشقجي القسري، واحتمال أن يكون قد قتل. وينبغي أن يهدف إلى تحديد هوية كل شخص مسؤول عن إصدار الأوامر ذات الصلة بالقضية أو شارك بالتخطيط لها أو في تنفيذ أي من العمليات المتصلة بها.


وقال روبرت ماهوني، نائب المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين: "ينبغي على تركيا الطلب من الأمم المتحدة مباشرة تحقيق ذي مصداقية وشفاف وفي الوقت المناسب. فمشاركة الأمم المتحدة هي خير ضمانة لكيلا تتم تبرئة السعودية مما حدث، وفي وجه محاولات أي دول أخرى أن تخفي تفاصيل الحادثة حفاظا على مصالحها التجارية المربحة مع الرياض".


وينبغي حفظ الأدلة التي يجمعها فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لكي تستخدم في إجراءات المقاضاة المستقبلية. ويجب أن يتمتع فريق التحقيق بالصلاحيات الكاملة كي يسافر إلى حيث يشاء ويجري المقابلات مع من يختار من الشهود أو المشتبه فيهم دونما تدخل من أحد. وينبغي كذلك أن يوصي الفريق بالأماكن التي تعقد فيها محاكمة أي شخص يثبت أن هناك أدلة معقولة ومقبولة على مشاركته في الجريمة.


ودخل خاشقجي القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018 ولم يُرَ بعدها أو يتصل بأحد. بينما أنكرت السعودية تورطها في اختفاء خاشقجي، وادعت أنه غادر القنصلية وحده بعد فترة وجيزة من دخوله، ولم تقدم أي دليل يسند ادعاءها هذا.


وكانت السلطات السعودية قد صعدت حملتها القمعية ضد الأصوات المعارضة لسياساتها في البلاد منذ أصبح محمد بن سلمان وليا للعهد في حزيران/يونيو 2017، حيث شهدت البلاد مذذاك قمعا منهجيا للآراء المنتقدة، بما في ذلك لأشكال التعبير السلمي الرامية إلى تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. تقريبا جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والأصوات الناقدة، بما فيهم رجال دين وصحفيون وأكاديميون، قد استهدفوا بحملة الاعتقالات الأخيرة هذه.

ويأتي اختفاء خاشقجي عقب أكثر من عام على عمليات اعتقال استهدفت الصحفيين الذين كشفوا النقاب عن الفساد وطالبوا بحقوق المرأة وطرحوا قضايا حساسة من هذا القبيل. وطبقا لبحوث لجنة حماية الصحفيين، يحتجز أشخاص عدة من هؤلاء في أماكن مجهولة دون توجيه تهمة إليهم.


وقد طالت الاعتقالات التعسفية العديد من الأفراد، بما فيهم مدافعات بارزات عن حقوق الإنسان مثل لجين الهذلول وإيمان النفجان وعزيزة اليوسف، اللاتي لم توجه إليهن أية تهم طيلة شهور. وقد تواجه هؤلاء الناشطات وآخرون كثر فترات سجن مطوّلة، أو حتى عقوبة الإعدام، بناء على محاكمات بالغة الجور أمام محكمة مكافحة الإرهاب، لا لسبب إلا لممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير أو التجمع أو تكوين الجمعيات والانضمام إليها.


وأعلنت السلطات التركية أنها باشرت تحقيقا جنائيا منذ اليوم الأول لاختفاء خاشقجي، في 2 أكتوبر/تشرين الأول. وكجزء من هذا التحقيق، أجرت فحصا جنائيا لمحتويات القنصلية السعودية في 15 أكتوبر/ تشرين الأول. وجرى نقل معلومات توصل إليها التحقيق إلى وسائل الإعلام عبر سلسلة من التسريبات، وشملت ادعاءات بوجود أشرطة صوتية وتسجيلات بصرية تثبت أن خاشقجي قتل في القنصلية.


وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر، أمر الملك السعودي "النيابة العامة" بفتح تحقيق في اختفاء خاشقجي. وبالنظر لاحتمال تورط السلطات السعودية في اختفاء خاشقجي القسري واحتمال قتله، ومع الأخذ في الحسبان انعدام الاستقلالية في نظام العدالة الجنائية للسعودية، فإن حيادية أي تحقيق تجريه السلطات السعودية سيظل موضع شك وتساؤل.


وأبلغت خطيبة خاشقجي، خديجة جنكيز، وهي مواطنة تركية، وسائل إعلامية، أنه عندما دخل خاشقجي القنصلية السعودية في 2 تشرين الأول/أكتوبر للحصول على وثائق مطلوبة لإتمام زواجهما، ترك معها هواتفه وتوجيهات بإخطار السلطات التركية إذا لم يعد بعد ساعتين. وكانت تلك هي آخر مرة تراه خديجة فيها. وتعتقد السلطات التركية أن خاشقجي قتل وقطِّعت أوصاله على يد عملاء داخل القنصلية نفسها.


وقال كريستوف ديلوار، الأمين العام لـ مراسلون بلا حدود: "هذا يبيِّن بجلاء وبمنتهى الوضوح مدى ضرورة إجراء تحقيق محايد ومستقل لتبيان الحقيقة وضمان تحقيق العدالة لجمال خاشقجي. وإذا ما جرت تعبئة طاقات الأمم المتحدة حقاً لمحاربة الإفلات من العقاب على ما يرتكب من جرائم ضد الصحفيين، فإن هذا يعني في الحد الأدنى انخراطها التام في إحدى أكثر القضايا إثارة للصدمة والقلق في السنوات الأخيرة، وتعهدها باستكمال هذا التحقيق حتى نهايته".


ثمة سابقة لمثل هذا التحقيق من جانب الأمم المتحدة. ففي عام 2008، طلبت باكستان من الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بان كي-مون، مباشرة التحقيق في اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو. وكشف التحقيق عن ما قال المحققون في حينه إنه محاولة من السلطات الباكستانية لإخفاء آثار الملابسات التي أحاطت بمقتل بينظير بوتو.

 

التحقيق في اختفاء خاشقجي القسري واحتمال قتله يجب أن يبدأ على وجه السرعة، وأن يكون وافيا ومحايدا ومستقلا. وينبغي على الأمين العام، غوتيريس، تعيين محقق جنائي متمرس وعظيم الخبرة في مجال التحقيقات الدولية ليرأس فريق المحققين. وما إن ينتهي التحقيق، فإنه ينبغي على الأمين العام إصدار تقرير علني يبيّن تفاصيل الحصيلة العامة للقضية، ويقدم التوصيات اللازمة لمتابعتها.


وقال لويس شاربونو، مدير مكتب الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش: "عائلة جمال خاشقجي والعالم يستحقون معرفة الحقيقة كاملة بشأن ما حدث له. أما التفسيرات الجزئية والتحقيقات الأحادية الجانب من قبل السعودية، التي يشتبه في تورطها بالأمر، فإنها غير كافية. وما من جهة سوى الأمم المتحدة تملك المصداقية والاستقلالية المطلوبتين لفضح المخططين الذين يقفون وراء اختفاء الخاشقجي القسري، ولإخضاعهم لما يستحقون من حساب".


على تركيا والسعودية والدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتحدة جميعا التعاون التام مع تحقيق الأمم المتحدة لضمان حصوله على الدعم اللازم لمعرفة ما حدث لخاشقجي. ولتسهيل التحقيق، فإن على السعودية أن تتخلى فورا عن جميع الحصانات الحمائية الدبلوماسية، ولا سيما تلك المتعلقة بحصانة المقار والمسؤولين المكتسبة بموجب معاهدات دولية من قبيل "اتفاقية فيينا بشأن العلاقات القنصلية لسنة 1963".  وقد دعت ميشيل باشوليه، المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إلى رفع الحماية الدبلوماسية في القضية.


وينبغي على تركيا تسليم كل ما بين يديها من أدلة، بما فيها الأشرطة الصوتية والتسجيلات البصرية التي دأب المسؤولون الأتراك على الادعاء أمام الإعلام بأنها تكشف عن قتل الخاشقجي في القنصلية السعودية. فريق العمل التركي السعودي الذي شُكل مؤخرا للتحقيق في عملية القتل لن يكون قادرا على تحقيق أي تقدم في وجه الإنكار التام والرفض المطلق اللذين تواصل السعودية إطلاقهما بشأن تورطها في إخفاء خاشقي قسرا.


وقالت شيرين تادروس، رئيسة مكتب نيويورك لمنظمة العفو الدولية: "الحكومة السعودية ستكون أكبر المستفيدين من ظهور نتائج التحقيق المحايد الذي ستقوم به الأمم المتحدة بشأن ما حدث، إذا لم تكن متورطة في ما آل إليه مصير جمال خاشقجي. وما لم يجر تحقيق يتمتع بالمصداقية من جانب الأمم المتحدة، فستظل غيوم الشك تحوم على الدوام فوق رأس السعودية، مهما قالت قيادتها لإبعاد شبح جريمة اختفاء خاشقجي عنها".