سياسة دولية

مسؤولو خارجية أمريكا محبطون من الرياض بشأن ملف خاشقجي

واشنطن بوست: تأكيد مقتل خاشقجي أو اختفائه على أيدي السعوديين سيخلق موجة جديدة من الضغط في الكونغرس لإعادة تقييم العلاقات معها

قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن المسؤولين في الخارجية الأمريكية، بدءا من وزير الخارجية مايك بومبيو، محبطون بسبب عدم وجود رد موضوعي سعودي على الاستفسارات الأمريكية رفيعة المستوى بشأن اختفاء الصحافي جمال خاشقجي.

وقالت الصحيفة إن تأكيد مقتل خاشقجي أو اختفائه على أيدي السعوديين، سيخلق موجة جديدة من الضغط في الكونغرس لإعادة تقييم العلاقات مع السعودية.

وأضافت أن تأكيد المسؤولية السعودية عن اختفاء خاشقجي، قد يعقد الجهود المبذولة لإطلاق تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي إذا قرر الكونغرس معاقبة الرياض، وإذا طالب الرأي العام في الولايات المتحدة بالرد.

وفي السياق ذاته، قال القيادي الجمهوري في لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي ماركو روبيو، إنه إذا تأكد هذا التقرير الإخباري المزعج (عن خاشقجي)، يجب على الولايات المتحدة والعالم المتحضر أن يستجيب بقوة، وسأقوم بمراجعة جميع الخيارات في مجلس الشيوخ (بشأن التعامل مع السعودية).

 

كما قال القيادي الديمقراطي وعضو لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ تيم كين، إنه اتصل بالخارجية الأمريكية (بشأن خاشقجي). مضيفا أنه "يجب أن نعرف ما حصل فعلا وفرض عقوبات. استهداف الصحافيين يجب أن يتوقف".

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه تم في الشهر الماضي إقناع النواب بالتخلي عن خطط لمنع بيع السلاح إلى السعودية، التي تعد أكبر مشتر للسلاح الأمريكي في العالم، والشريكة في الخطط الأمريكية ضد إيران، لافتا إلى أن شهادة بومبيو بأن السعودية تقوم باتخاذ الإجراءات الواضحة لتجنب سقوط المدنيين في الهجمات التي تقوم بها السعودية، مستخدمة السلاح الأمريكي، تأتي بعد تعليق الكونغرس صفقات أسلحة مع السعودية،عقب الحصار الذي فرضته على قطر، التي تعد حليفا مهما للولايات المتحدة في المنطقة.

 

وتفيد الصحيفة بأن الصحافي السعودي البارز خاشقجي يعيش في منفى اختياري منذ العام الماضي، بعدما غادر بلاده خوفا من الاعتقال، لافتة إلى أن مقالاته التي ظهرت في "واشنطن بوست" وأماكن أخرى أثارت حنق العائلة السعودية، خاصة نقده لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، النجل القوي للملك سلمان.

 

ويورد التقرير نقلا عن خاشقجي، قوله في مقالته الأخيرة في الصحيفة، التي نشرت في 18 أيلول/ سبتمبر، إن الأمير ابن سلمان "وعد بتبني الإصلاح الاجتماعي"، بما في ذلك رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، "لكن كل ما أراه هو الموجة الأخيرة من الاعتقالات"، التي شملت مثقفين وقادة دينيين ممن تجرأوا على انتقاد ولي العهد، والناشطين الذين تجرأوا على انتقاد ولي العهد، والناشطين الذين طالبوا بحق المرأة بقيادة السيارة.  

 

وتقول الصحيفة إن السعوديين كانوا متلقين راغبين، وحاولوا التقرب من الرئيس دونالد ترامب في أول زيارة له للخارج، التي ذهب فيها إلى السعودية في أيار/ مايو 2017. بالإضافة إلى حديثه عن الملك سلمان بصفته رجلا حكيما ورجلا يعمل لمنفعة شعبه، وأعلن عنه باعتباره زعيما للعالم الإسلامي والحليف العربي الأقرب للولايات المتحدة.

 

ويلفت التقرير إلى أنه نظر لهذه الزيارة باعتبارها تحولا في السياسة الخارجية الأمريكية، التي بدأت فيها الإدارة بموازاة شراء السلاح بالمصالح الأمريكية، ومنذ ذلك الوقت لم يلتق الرئيس ترامب بزعيم من المنطقة إلا وأثنى عليه؛ لشرائه "الكثير من المعدات العسكرية الجميلة"، وكانت ذروة هذا في زيارته العام الماضي، التي كانت فيها صفقة بـ110 مليارات دولار كمبيعات سلاح إلى السعودية. 

 

وبحسب الصحيفة، فإنه لم يتم توقيع الصفقات كلها، فرغم خفض السعر بنسبة 20%، فإن السعوديين تركوا موعد 30 أيلول/ سبتمبر النهائي للتوقيع على شراء نظام صاروخي عالي المستوى "ثاد" ضد الصواريخ الباليستية دون التوقيع، وعبر مسؤولون أمريكيون، رفضوا الكشف عن هويتهم؛ بسبب حساسية الموضوع، عن قلقهم بسبب أن سعر الصواريخ التي ستنتجها شركة "لوكهيد مارتن" سيزيد حتى مع استعداد الولايات المتحدة للاستجابة لمطالب السعوديين مع تناقص حجم الطلب. 

 

وينوه التقرير إلى أنه عندما سئل مسؤول سعودي عن الصفقة، فإنه قال إن المملكة لا تزال "مهتمة جدا" في نظام "ثاد"، "لكن مثل بقية مشتريات الجيش، فإن هناك مفاوضات جارية، ونأمل الانتهاء منها في أقرب وقت".

 

وتقول الصحيفة إن السعوديين قاموا بمراجعة المناشدات الأمريكية للتخلي عن خطط لشراء النظام الصاروخي الروسي "أس- 400"، وواصلوا المحادثات مع موسكو، مشيرة إلى أن شراء الأنظمة الدفاعية الأمريكية هو واحد من مكونات أخرى، بالإضافة إلى التنسيق في الموضوع الإيراني، والتقارب مع إسرائيل، وما تخطط له إدارة ترامب لجمع دول الخليج مع مصر والأردن في حلف دفاعي مشترك "تحالف الشرق الأوسط" (ميسا)، فيما كانت هناك خطط لعقد قمة لتقوية الحلف المقررة في شهر كانون  الثاني/ يناير في منتجع كامب ديفيد، تم تأجيلها بسبب الخلافات بين أعضائه الذين تجادلوا حول الغرض منه. 

 

ويشير التقرير إلى أن هناك دولا عبرت عن رغبتها في إنشاء تحالف على شكل الناتو، وبتعاون متبادل كبند رقم 5 في ميثاق الناتو، الذي ينص على أن الهجوم على عضو هو هجوم على الجميع. بالإضافة إلى اتفاقية تعاون تجاري مشتركة، منوها إلى أنه لا يبدو أن الإدارة مهتمة بأي من هذا في الوقت الحالي.

 

وتستدرك الصحيفة بأن هناك من يرى أن تكون واشنطن أداة لحل الخلاف مع قطر، إلا أن السعودية والإمارات تعارضان الفكرة بشدة. فيما تخشى قطر وعمان من العدوان السعودي الإماراتي والأمريكي ضد إيران، لافتة إلى أن الدول العربية الأعضاء في الحلف كلها تخشى أن يتم استخدامها لتقوية الخطة الأمريكية للسلام على حساب الفلسطينيين.

 

ويجد التقرير أنه إذا تأكدت مسؤولية السعودية في اختفاء خاشقجي فإن ذلك قد يعقد الجهود للإعلان عن التحالف، لو قرر الكونغرس معاقبة الرياض، وطالب الرأي العام الأمريكي برد، مستدركا بأنه رغم الخلافات الواضحة، فإن البيت الأبيض والسعوديين حاولوا تقديم جبهة موحدة، بعد أن أهان الرئيس ترامب الملك سلمان، قائلا بأنه لن يبقى في الحكم لولا الحماية الأمريكية، وطالبه بدفع ثمن هذه الحماية.

 

وتختم "واشنطن بوست" بالإشارة رد ابن سلمان في مقابلة مع ب"لومبيرغ" بالقول: "الأصدقاء يقولون أشياء جيدة وسيئة.. ستجد سوء تفاهم، ولهذا نضع هذا ضمن هذه الفئة"، واصفا كلام ترامب بأنهمجرد تصريح سياسي لشعبه، قائلا: "لو نظرت إلى الصورة بالكامل فسترى 99% من الأشياء الجيدة، ونسبة 1% من الأمور السيئة.. واحد بالمئة وأنا أعشق العمل معه"، وأضاف أن السعودية دفعت ثمن كل شيء اشترته من الولايات المتحدة.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

 

لقراءة جميع ما نشر في "عربي21" عن قضية اختفاء خاشقجي اضغط (هنا)