صحافة دولية

إندبندنت: هذا ما على الرياض فعله لتنجو من تراجع أسعار النفط

إندبندنت: السعودية بحاجة لتنويع اقتصادها لتتحمل تراجع أسعار النفط- جيتي

نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للصحافي هاميش ماكري، يبدأه بطرح السؤال الآتي: كيف يمكن تنويع الاقتصاد من الاعتماد الزائد على قطاع واحد فقط؟ 

ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "هذا التحدي هو الذي تواجهه السعودية وروسيا، فكلاهما تعتمدان بشكل كبير على صادرات النفط للحفاظ على اقتصاديهما، لكن في حين أن روسيا ليست لديها خطة متماسكة لفعل ذلك، فإن هذا كان هدفا على رأس قائمة السياسات في السعودية، وهو الذي يجعل السعودية من وجهة النظر الاقتصادية إحدى أكثر الدول إثارة للاهتمام في العالم".

ويضيف ماكري: "كما يعرف معظم الناس، فإن السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، ولديها أكبر احتياطي من النفط في العالم، لكن عددا أقل من الناس يعرفون أن السعودية تمتلك اقتصادا يعد التاسع عشر في العالم، أي حجم اقتصاد سويسرا ذاته تقريبا، وأقل قليلا من هولندا وأكثر كثيرا من بولندا، وهناك عدد أقل من ذلك من الناس الذين يعرفون أن السعودية أجرت 9 خطط تطويرية خمسية منذ 1970، وتلك الخطط كلها سعت لتنويع الاقتصاد السعودي، وعدم اعتماده كليا على النفط، لكن نجاحها كان محدودا جدا، وشكل النفط والغاز والصناعات المتعلقة 42% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، و87% من الضرائب الواردة، و90% من دخل المملكة من الصادرات، إلا أن انخفاض سعر النفط على مدى الأعوام الأربعة الماضية أثر على التمويل العام بشكل كبير". 

ويشير الكاتب إلى أن "هناك الآن خطة جديدة أكثر راديكالية، أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان عام 2016، وأطلق عليها اسم (السعودية رؤية 2030)، إنها تجربة مثيرة حقا، وهي أفضل مكان للبدء في فهم المعضلة التي تواجهها البلد". 

 

ويلفت ماكري إلى أن "الموارد كلها محدودة، والمعضلة هي هل على المملكة أن تستخدم ثروتها للاستثمار في أنحاء العالم من خلال صندوق الثروة السيادي، ليوفر دخلا لذلك اليوم الذي تتراجع فيه واردات النفط والغاز، أم هي محاولة لإيجاد قطاعات محلية أخرى لا تتمتع بميزة طبيعية؟ طبعا الخيار هنا ليس توجها دون الآخر، بل ربما كلاهما، لكن يجب أن يكون هناك توازن بين الاستراتيجيتين".

ويجد الكاتب أن "رؤية 2030 ليست خطة مفصلة، لكنها تصريح عن نية، فهناك عدة بنود، أحدها التخفيف من البيروقراطية، بما في ذلك تخفيض عدد الموظفين الحكوميين بنسبة 20%، ومراقبة عن كثب لأدائهم، وبند آخر هو إزاحة العراقيل من أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإصلاحات قانونية وتنظيمية أخرى، ولأنه كان هناك عجز مالي مقداره حوالي 8% العام الماضي، فإن هناك التزاما لضبط الميزانية لعام 2019، وتحقيق فائض عام 2020".

ويرى ماكري أنه "على المدى القصير سيكون تحقيق هذه الأهداف المالية أسهل إن تعافت أسعار النفط، لكن ذلك لن يساعد البلد في موازنة اقتصادها، والفكرة هنا هي جعل السعودية مركزا سياحيا، بالإضافة إلى صناعات خدمية أخرى، ويتضمن ذلك بناء مدينة جديدة (نيوم)".

ويتساءل الكاتب قائلا: "فكيف يمكن تمويل هذا؟ سيساعد ارتفاع أسعار النفط، لكن البلد تنوي أيضا أن تعوم 5% من أسهم شركة النفط (أرامكو)، وهي أكبر شركة نفط في العالم، التي تملكها الدولة حاليا، وليس واضحا متى، أو حتى إن كان هذا الأمر سيحدث، وتقول السلطات السعودية بأنه سيتم فعل ذلك، لكن هناك شائعات بأنه تم تأجيل تلك العملية".

ويعلق ماكري قائلا إن "هذه القصة أصبحت معقدة، ولا أظن أنه من المفيد محاولة التوقع لما سيتم فعله، فإن تم تعويم الشركة، يجب عليها أن تلتزم بالمعايير الدولية لكشف المعلومات والحسابات، وينطوي على ذلك إيجابيات وسلبيات بالنسبة للحكومة السعودية، ففتح الدفاتر يدفع نحو الالتزام الأفضل، لكن فيه أيضا كشفا للخصوصيات، بالإضافة إلى أن هناك موضوع السعر، فكان هناك حديث عن أن النسبة المعروضة قيمتها تريليونا دولار، لكن تقييما آخر هو ربع ذلك المبلغ، ومن الصعب جدا تقييم الشركة لعدد من الأسباب، ولن تعرف قيمتها إلا إذا دخلت السوق". 

ويفيد الكاتب بأنه "إن لم يتم بيع الشركة، فإنه يمكن تمويل الخطط، لكن يجب تنفيذها ببطء أكبر، وقد لا يهم ذلك نهائيا، وفي الحقيقة، فإن هناك حجة قوية بأن البلد ستقع في أخطاء استثمارية أقل إن هي قامت بتوليد شركات جديدة من الشركات الموجودة، لكن السؤال الحقيقي هو إن كان بإمكان السعودية أن تصبح مركز خدمات إقليميا".

وينوه ماكري إلى أن "دبي أظهرت إحدى الطرق لفعل ذلك، لكن هناك أسبابا كثيرة تجعل المجتمع السعودي الأكثر قيودا لا يريد أن يسير في الطريق ذاته، وعلى أي حال فقد لا يكون هناك متسع كبير لمركز خدماتي آخر إذا ما أخذنا في عين الاعتبار ما تقوم به دبي وأبوظبي، وبشكل آخر قطر، فعلى سبيل المثال خطة بناء مدينة نيوم، لقد تم الإعلان عن (ست مدن اقتصادية) عام 2005، وحتى أكثر تلك المدن إنجازا مدينة الملك عبدالله الاقتصادية تبدو متأخرة كثيرا عن المخطط له".

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "أعتقد أن الموضوع هنا موضوع ثقافي، ويتعلق فيما إذا كان السعوديون يريدون العمل في القطاع الخاص في وظائف غير مضمونة، وتتطلب انضباطا أكثر، بدلا من وظيفة حكومية مضمونة، وتقف وراء ذلك مسألة التعليم والتدريب للقوة العاملة، ويمكن دائما استيراد القوة العاملة من الخارج، كما أظهرت دول الخليج، لكن بناء قطاع خاص يمكنه الاستمرار يجب أن يأتي من القاعدة إلى الأعلى، ولا يفرض من الحكومة، وما يحاول ولي العهد فعله مهم وكبير، لكن هناك خطر خيبة الأمل؛ وذلك بسبب الطريقة الذي يحاول فيها تحقيق أهدافه".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا