صحافة دولية

كاتب أمريكي: ترامب يقدم مبيعات الأسلحة على حياة اليمنيين

أمريكان كونزيرفتف: لا فائدة مرجوة من مساعدة السعودية في اليمن سوى إثراء تجار الأسلحة- جيتي

نشرت مجلة "أمريكان كونزيرفتف" مقالا لمحلل السياسات الخارجية مايكل هورتون، يبدؤه بسؤال استنكاري، قائلا: "كم هي قيمة الطفل اليمني؟".

 

ويجيب هورتون قائلا: "ليس كثيرا على ما يبدو، حوالي 400 دولار إن استخدمنا حسابات إدارة ترامب، وتقدر مؤسسة (Save the Children) البريطانية بأن حوالي 5 ملايين طفل يمني على شفير المجاعة، وزاد هذا الخطر بسبب خوف إدارة ترامب من خسارة صفقة قيمتها مليارا دولار من الأسلحة للسعودية والإمارات".

 

ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بحسب تقرير نشر في "وول ستريت جورنال"، فإن صفقة الأسلحة للسعودية هي العامل الأساسي الذي جعل وزير الخارجية مايك بومبيو يقرر أن يجدد الشهادة للكونغرس، بأن السعودية والإمارات تتخذان إجراءات فاعلة لحماية حياة المدنيين؛ وذلك ليسمح لأمريكا بالاستمرار في تزويد طائرات التحالف السعودي بالوقود وأشكال الدعم العسكري الأخرى. 

 

ويلفت هورتون إلى أن هذا كله جاء بعد إطلاق صاروخ أمريكي من طائرة سعودية أو إماراتية على حافلة ملأى بأطفال مدرسة الشهر الماضي، مشيرا إلى أن هذا الحادث جاء في وقت حرج بالنسبة للسعودية والإمارات، وهما اللتان تدعمان خليطا من المليشيات في محاولة للسيطرة على الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون

 

ويذكر الكاتب أن مدينة الحديدة، التي يصل عدد سكانها إلى 600 ألف نسمة، مهمة؛ لأن 70% من الغذاء المستورد إلى اليمن يدخل عن طريق مينائها، حيث بدأت الحملة للسيطرة على الحديدة قبل شهرين، وتوقفت قليلا ثم عادت، مشيرا إلى أن القوات التي تقاتل الحوثيين تدعي بأنها تحدث تقدما، إلا أنه يتوقع للمعركة أن تأخذ أسابيع إن لم تكن عدة أشهر.

 

ويقول هورتون إنه "خلال هذا ستتباطأ شحنات الغذاء، وربما تتوقف نهائيا، لكن يبدو أن هذه هي استراتيجية السعودية لهزيمة الحوثيين: تجويعهم حتى لو كان هذا يعني الموت البطيء لمئات الآلاف، أو حتى الملايين، وقد استهدفت السعودية المزارع اليمنية وأفضل الأراضي الزراعية -بالإضافة إلى البنية التحتية المدنية- منذ أن بدأت الحرب في آذار/ مارس 2015".

 

ويرى الكاتب أن "خسارة الحديدة ستكون ضربة استراتيجية للحوثيين، لكنها لن توقف القتل، بل إنها على الغالب ستشكل بداية لفصل جديد أكثر دموية في حرب اليمن التي دخلت عامها الرابع".

 

ويبين هورتون أنه "حتى لو استطاعت المليشيات التي تدعمها السعودية والإمارات السيطرة على الميناء، فإن ذلك لن يعطل إمكانية الحوثيين للقتال، فهم يحتفظون بالمناطق الجبلية في شمال غرب اليمن، وهي مناطق جيدة لحرب عصابات طويلة الأمد، فعلى بعد لا يزيد على 40 ميلا من السهل الساحلي ترتفع الجبال، وتشكل حائطا صعب الاختراق، وهناك القليل من الطرق، وتلك الموجودة محاطة بنقاط دفاع عالية متتابعة".

 

وينوه الكاتب إلى أن "المليشيات التي تدعمها السعودية والإمارات أخذت عامين لتشق طريقها على ساحل البحر الأحمر، وهي منطقة مستوية وسهلة الإمداد، فكم شهرا أو سنة ستأخذ هذه المليشيات، التي هي في العادة متعارضة ومتنافسة، للتقدم عبر الجبال إلى العاصمة صنعاء؟ وطيلة هذا الوقت سيتناقص الطعام والمساعدات التي تصل إلى المناطق المرتفعة في اليمن، حيث بدأ بعض اليمنيين بأكل أوراق الشجر".

 

ويقول هورتون: "قد تكون الجبال هي أقل المشكلات التي تواجه السعودية والإمارات، فالمناطق التي تسيطر عليها قواتهما أو القوات بالوكالة شكليا ليست مستقرة، فعدن تعاني من العنف والاغتيالات والتفجيرات أسبوعيا، والخدمات للمدينة التي يصل عدد سكانها إلى 800 ألف نسمة لم تتم إعادتها، والبطالة ترتفع بشكل جنوني، والمناطق الجنوبية التي تسيطر عليها القوات السعودية والإماراتية تسودها الاحتجاجات، وكثير من اليمنيين مستاؤون مما يرون أنه احتلال جديد للأرض والمقدرات، وقامت كل من السعودية والإمارات باستقطاع مناطق نفوذ خاصة بهما".

 

ويفيد الكاتب بأن "السعودية قامت بالسيطرة على محافظة المهرة في شرق اليمن، حيث تعتزم مد أنبوب نفط سيسمح لها بتجاوز مضيق هرمز، ويقوم السكان في تلك المنطقة بالاحتجاج، ومنعوا إلى الآن إنشاء قاعدة عسكرية سعودية، أما الإمارات، وبسبب امتلاكها لجيش قوي من المرتزقة، فكانت أكثر عدوانية في اليمن من حليفتها، حيث أقامت قاعدة عسكرية بالقرب من مدينة المكلا وعلى الجزيرتين اليمنيتين بريم وسقطرى، التي كانت يوما محمية إيكولوجية ومصنفة على أنها موقع إرث عالمي من اليونسكو". 

 

ويقول هورتون: "إن لم يكن السعوديون والإماراتيون قادرين على جلب الاستقرار للمناطق التي يسيطرون عليها شكليا، فكيف يمكنهم ضمان أن القوات الوكيلة التي يدعمونها ستكون قادرة على حكم الحديدة؟". 

 

ويشير الكاتب إلى أن "هناك نسبة مهمة من المقاتلين الذين يقاتلون الحوثيين للسيطرة على الحديدة من الانفصاليين الجنوبيين الذين لديهم مظالم شرعية ومزمنة ضد ما كان يسمى اليمن الشمالي، وبعضهم يريد إنشاء يمن جنوبي مستقل، فبدلا من الاستمرار في قتال الحوثيين بعد السيطرة على المرفأ فغالبا أنهم سيقتتلون فيما بينهم".

 

ويقول هورتون إن "جزءا من القوات التي تقاتل الحوثيين هم سلفيون متطرفون، يتعاطفون مع تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، فما الذي يمكن فعله لمنعهم من كسب نفوذ في الحديدة كما فعلوا في عدن وغيرها من المناطق التي يسيطر عليها التحالف في اليمن؟".

 

ويضيف الكاتب: "أما الحوثيون فسوف يستمرون في القتال، وبالرغم من أنهم يفتقدون الشعبية، ويعانون من الفساد، ويقمعون الشعب في المناطق التي يسيطرون عليها، إلا أن الحرب تعطيهم ما يكفيهم من الشرعية لإبقاء تحالفاتهم التي تسمح لهم بالحفاظ على نفوذهم في شمال غرب اليمن".

 

ويؤكد هورتون أن "هذا سيؤدي إلى عدم وصول المواد الغذائية اللازمة لأكثر المناطق حاجة لها، وكما حذرت الأمم المتحدة فإن هناك ملايين اليمنيين معرضون للمجاعة في ما وصفته بأكبر أزمة إنسانية في العالم".

 

ويعلق الكاتب قائلا إن "هذا كله يجب أن يجعل صانع القرار الأمريكي يسأل: كيف يمكن أن تفيد مساعدة السعودية والإمارات للاستمرار في حربهما اليمنيين، وكيف يمكن أن تفيد في دعم الاستقرار الإقليمي، أو تخدم مصالح الأمن القومي الأمريكي؟ والجواب باختصار هو أنها لا تجدي، لكنها تساعد مصنعي الأسلحة في أمريكا وخارجها".

 

ويبين هورتون أنه "في هذه القضية يتفق موقف إدارة ترامب مع موقف مستضيف برامج التلفزيون على (سي أن أن)، وولف بليتزر، ففي أيلول/ سبتمبر 2016 خلال مقابلة مع السيناتور راند بول، الذي عارض باستمرار دعم الحرب في اليمن، كان رد بليتزر لانتقادات السيناتور، إذ قال: (بالنسبة لك فإن الموضوع أخلاقي، فأنت تعرف أن هناك الكثير من الوظائف في خطر إن توقف مقاولو الدفاع عن بيع الطائرات الحربية وغيرها من المعدات المتطورة للسعودية، وستكون هناك خسائر كبيرة في الوظائف والدخل هنا في الولايات المتحدة، فهل ذلك ثانوي في وجهة نظرك؟)".

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "واضح أن بول يضع حياة ملايين الأطفال قبل مبيعات الأسلحة، فلماذا لا تفعل إدارة ترامب والكونغرس الشيء ذاته؟".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا