سياسة دولية

معهد واشنطن: كيف يغير الأسد تركيبة السكان في سوريا؟

بات النظام يسمح الآن لأفراد العائلة بتقديم الوثائق المناسبة في حال عجز المالك عن تقديمها بنفسه- جيتي

تطرق معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى لسعي رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إلى تغيير التركيبة السكانية في البلاد.

 

المعهد وفي تحليل حمل عنوان "قانون الأسد رقم 10: إعادة تشكيل الخصائص السكانية في سوريا"، قال إنه وبرغم عودة نسبة من المهجرين إلى بلدهم، "يخشى الكثير من السوريين السنّة اليوم، سواء كانوا داخل سوريا أو خارجها، أن تكون حكومة الأسد تحاول إجراء تغييرات سكانية من أجل قلب موازين القوى بين مختلف الجماعات الإثنية في البلاد، لتصب في مصلحة الأسد، وذلك من خلال منع اللاجئين السنة من العودة إلى المناطق الاستراتيجية التي تسيطر عليها قوات الأسد".

 

وأضاف المعهد أنه "إذا أصبح السُنّة يشكلون أقل من 50 في المئة من السكان، يمكن لأقليات أخرى أن تنشئ أغلبية فعالة قادرة على الوقوف ضد المصالح السورية السنية".

 

وتابع: "بالفعل، إذا نجح الأسد في إقامة سوريا لا يشكّل السُنّة فيها أغلبية السكان بعد الآن، فقد يكون قادرًا على ممارسة المزيد من الضغوطات على مجموعة كان بينها وبين الأقليات السورية توترات، ويلومها مؤيدو الأسد اليوم على اندلاع الحرب".

 

ويُعدّ القانون رقم 10 من التدابير المهمة التي تشكل تهديدًا لأي سوري غير موالٍ للأسد بشكل صريح، بحسب معهد واشنطن.

 

ويسمح القانون الجديد الذي تم وضعه في نيسان/ أبريل 2018 للحكومة بتحديد المناطق التي سيتم تخصيصها في البلاد لإعادة الإعمار. وبحسب القانون، ما إن تختار الحكومة منطقةً من أجل إعادة إعمارها، سيتعين على السلطات المحلية الحصول على قائمة بأصحاب الأملاك من السلطات العقارية العامة لهذه المنطقة، وذلك ضمن مهلة أسبوع، على أن يكون أمامها مهلة 45 يومًا فقط لتقديم هذه القائمة.

كما ينص القانون رقم 10 على أنه إذا لم يرِد اسم مالك العقار في الوثائق الرسمية، فلديه مهلة سنة واحدة لإثبات ملكيته بعد تلقيه إخطارا بأن ممتلكاته تقع في منطقة مخصصة لـ"إعادة الإعمار". وإذا عجز المالك عن تقديم الإثباتات، فلن يتم تعويضه عن الخسارة، وسيتم نقل الملكية إلى المقاطعة أو البلدة أو المدينة التي يقع فيها العقار. أمّا من ينجح في إثبات ملكيته، فإمّا أن يتلقى أسهم أراضٍ من المنطقة المخصصة لإعادة الإعمار، أو يبيع أسهمه، أو ينشئ شركة للاستثمار في منطقة إعادة الإعمار وتطويرها.

وبالنسبة للاجئين الذين لن يعودوا قريبا إلى سوريا، فيعد "تقديم إثبات بالملكية على بعد أميال من وطنهم أمرا مستحيلا. كما أنّ احتمال أن يصلهم إخطار بأن ممتلكاتهم تقع ضمن ما تسمّيه الحكومة منطقة "إعادة الإعمار" ضئيل جدًا".

 

ومن غير الواقعي، بحسب المعهد، توقّع أن يتم التسجيل ضمن المهلة المحددة لجزء كبير من سوريا: فأكثر من نصف إجمالي الممتلكات الخاصة داخل سوريا إمّا أنها غير مسجلة، أو أنها تفتقر إلى وثائق الملكية التي دُمّرت أو فُقدت بسبب الحرب. فالوقائع حول الملكية العقارية ما بعد الحرب تدل على إمكانية أن يهجّر القانون بشكل دائم أولئك الذين اضطروا إلى الفرار من البلاد ذات مرة.

ونتيجةً لذلك، أثار الغموض في صياغة القانون تكهنات بأنّ هذه المبادرة الحكومية تعمل للسيطرة على مساحات شاسعة من الأملاك الشخصية، ما يسمح لها بأن تصبح صاحب القرار النهائي للمكان الذي سيقيم فيه كل مواطن في أعقاب الحرب في سوريا. كما يخشى الكثير من السوريين عزم النظام على إعادة توزيع ممتلكات مواطنيها السنّة على أنصار الأسد والوكالات الشيعية غير السورية، وتوفير المساكن للقوات الشيعية وعائلاتهم، وبالتالي جعل وجودهم في البلاد دائمًا.

ونقل المعهد عن مصادر في المعارضة، قولها إن النظام لن يسمح للسنة في الإقامة بما بات يعرف بـ"مناطق إعادة الإعمار".


ومدّدت الحكومة السورية في حزيران/ يونيو الفترة التي يُطلب فيها من المدنيين تقديم إثبات ملكيتهم من 30 يومًا إلى عام واحد. كما قامت بتمديد قائمة الوثائق التي يمكن تقديمها إلى الحكومة كدليل على الملكية،

 

وبات النظام يسمح الآن لأفراد العائلة بتقديم الوثائق المناسبة في حال عجز المالك عن تقديمها بنفسه. فقد أُجريت كل هذه التعديلات في محاولة واضحة للإثبات للشعب السوري (والمجتمع الدولي) أن لا نية للحكومة بالاستيلاء على عقارات شعبها.