صحافة دولية

آفي شليم: بعد ربع قرن.. لماذا فشلت اتفاقية أوسلو؟

شليم: طالما بقي نتنياهو في السلطة فإن أي اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين يظل حلما- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للأستاذ في جامعة أوكسفورد آفي شليم، يؤكد فيه أن الفلسطينيين لا يزالون يعيشون في ظل نظام تمييز عنصري في إسرائيل، رغم مرور 25 عاما على اتفاقية أوسلو

ويؤكد شليم في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي مصمم على خلق دولة يهودية قومية، وليس دولة ديمقراطية يهودية.

 

ويشير الكاتب إلى أن "اتفاقية أوسلو، التي وقعها كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، وبرعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، في حديقة الزهور في البيت الأبيض، كانت رغم ما فيها من مظاهر خلل، تنازلا تاريخيا بين اليهود والحركات الوطنية الفلسطينية، وتم التمسك بها من خلال المصافحة المترددة بين الزعيمين". 


ويستدرك شليم بأن "الاتفاق جعل من الرفض المتبادل اعترافا متبادلا، ووضعت الضفة الغربية وغزة في يد الفلسطينيين ضمن خطة تدريجية كان من المفترض أن تقود إلى حل القضايا العالقة بين الطرفين كلها، وكانت لحظة درامية عالية وفيها آمال كبيرة".

ويجد الكاتب أن "منظمة التحرير الفلسطينية تعاملت مع اتفاقية أوسلو على أنها وسيلة للوصول إلى حق تقرير المصير الوطني في المناطق التي احتلتها إسرائيل عام 1967، لكن لم يكن هذا الذي حدث، واستخدمت إسرائيل الاتفاقية، لا لإنهاء الاحتلال بل لإعادة تغليفه، ولم يكن الشخص الذي بدد الآمال التي عقدت على الاتفاق عرفات، كما زعمت الدعاية الإسرائيلية، بل بنيامين نتنياهو". 

 

ويلفت شليم إلى أن "اتفاقية أوسلو شهدت الكثير من الفشل والنجاح، لكن تم التخلي عنها بعد فشل المحاولة الأمريكية الأخيرة عام 2014، وعندما كان نتنياهو رئيس الوزراء، ولم يكن وزير خارجية باراك أوباما، جون كيري، أكثر تصميما وعنادا على تحقيق الاتفاق أكثر مما أبدى، لكن عمله كان تمرينا في العبثية، وفي هذه المرة حمل حتى داعمي إسرائيل في أمريكا اللوم على فشل العملية، فلماذا فشلت اتفاقية أوسلو؟".

وينوه الكاتب إلى أن "هناك تفسيرين مختلفين بطريقة جذرية، فقد عد نتنياهو منذ البداية أن اتفاق أوسلو لا يتوافق مع الأمن الإسرائيلي وحق الشعب اليهودي بالأرض كلها، بما فيها يهودا والسامرة، وهو الاسم التوراتي للضفة الغربية، وبحسب رأيي، فإن اتفاق أوسلو كان خطوة متواضعة في الاتجاه الصحيح، وتم قتلها عندما عادت الحكومة الليكودية اليمينية المتطرفة إلى السلطة".

ويبين شليم أن "نتنياهو كونه زعيما للمعارضة، قاد الهجوم على اتفاق أوسلو، عندما وضع للتصويت في الكنيست، ووصف رابين بأنه زعيم أسوأ من نيفيل تشامبرلين؛ لأن الأخير عرض دولة أخرى للخطر، فيما عرض رابين شعبه للخطر".

ويشير الكاتب إلى خطوة أخرى مهمة، وهي أوسلو 2 في أيلول/ سبتمبر 1995، حيث هاجمه نتنياهو باعتباره تنازلا للإرهابيين، وإهانة وطنية، وتعهد بالإطاحة بالحكومة، وألقى خطابا ناريا من منصة في القدس، وحمل المتظاهرون مجسمات لرابين في زي نازي، وواصل حملة التحريض ضد رابين، التي انتهت باغتياله في تشرين الثاني/ نوفمبر 1995.

ويذكر شليم أن أرملة رابين، ليا رابين، رفضت مصافحة نتنياهو عندما جاء لتعزيتها في جنازة رابين، فيما استقبلت ياسر عرفات في بيتها عندما جاء لتقديم العزاء، وقالت إن مصافحة عرفات تعبر عن الأمل بالسلام، وفي المقابل فإن مصافحة نتنياهو لا تحمل ذلك الأمل. 

وتفيد الصحيفة بأن نتنياهو فاز على شمعون بيريز بنسبة أقل من 1% في انتخابات عام 1996، وبدأ حملة من أجل إلغاء ما فعله حزب العمل، وقضى سنواته الثلاث في السلطة لتجميد وتخريب وتقويض اتفاقيات أوسلو، وعامل السلطة ليس على قدم المساواة، لكن على أنها أداة معيبة لأمن إسرائيل، وواصل عمليات الاستيطان في الضفة الغربية بمعدلات سريعة، وبخرق صارخ لمبادئ أوسلو، و"كانت العملية التي أطلق عليها العملية السلمية مهزلة: عملية دون سلام، وفي الحقيقة كانت أسوأ من كونها مهزلة؛ لأنها أعطت إسرائيل الغطاء الذي تريده لمواصلة مشروعها الاستيطاني في الضفة الغربية".

 

ويلفت الكاتب إلى أن "نتنياهو اعترف مكرها في ولايته الثانية، بصفته رئيسا للوزراء، وبعد ضغوط أمريكية، بأن الفلسطينيين بحاجة إلى دولة فلسطينية، لكن رؤيته لدولة كهذه لم تكن سوى نسخة من كانتونات منزوعة السلاح دون اتصال إقليمي، وأضاف شرطا جديدا على الفلسطينيين، وهو الاعتراف بإسرائيل دولة قومية لليهود قبل توقيع أي اتفاق، ووضع نتنياهو هذا الشرط وهو يعلم أنه لا يمكن لأي زعيم فلسطيني أن يقبله؛ لأنه يعني شرعنة للمشروع الصهيوني، وهو ذاته الذي يواصل حرمان الفلسطينيين من دولتهم".

ويبين شليم أن "حزب الليكود لم يعترف بدولة فلسطينية، حتى بناء على هذه الشروط التافهة، وفي الأيام التي قادت إلى انتخابات عام 2015، عاد نتنياهو لرفضه المعتاد، حيث أكد أن لا دولة فلسطينية ستقام وهو في الحكم، وحث الناخبين اليهود للخروج لصناديق الاقتراع؛ لأن الفلسطينيين العرب يتدفقون على صناديق الاقتراع أشتاتا وجماعات، وكان يقصد العرب الفلسطينيين من مواطني دولة إسرائيل، الذين من المفترض أن يتمتعوا من الناحية النظرية بحقوق متساوية مع اليهود".

ويورد الكاتب نقلا عن العضو الفلسطيني في الكنيست أحمد الطيبي، تعليقه قائلا إن إسرائيل هي دولة ديمقراطية لليهود، لكنها دولة يهودية للعرب، و"في المعنى الضيق لا تزال إسرائيل ديمقراطية، حيث يسمح للعرب بالتصويت في الانتخابات، وإسرائيل الكبرى بمستعمراتها في الضفة الغربية ليست ديمقراطية بالتأكيد، بل إثنوقراطية، وهو النظام السياسي الذي تحكم فيه إثنية جماعة أخرى، وهناك اسم لهذا النظام وهو التمييز العنصري أو أبارتيد". 

ويفيد شليم بأن "أي غطاء عن هذا كشف بالقانون الذي أقره الكنيست أخيرا، الذي أعلن إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي، وأصبح القانون الأساسي جزءا من دستور البلد، ويؤكد أحقية الشعب اليهودي في تقرير المصير في دولة إسرائيل، ويتناقض هذا القانون مع إعلان الاستقلال عام 1948، الذي يعترف بالمساواة الكاملة لمواطني الدولة كلهم، دون تفريق بين الدين والعرق والجنس، وتم تخفيض مستوى اللغة العربية، من لغة رسمية مع اللغة العبرية إلى (لغة خاصة)، وقام نتنياهو بإعادة تشكيل الدولة إلى دولة للشعب اليهودي، بدلا من كونها دولة يهودية وديمقراطية، ومن هنا وطالما ظلت حكومته في السلطة، فإن أي اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين يظل حلما". 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "ما يثير بشأن نتنياهو هو أن أفكاره لم تتغير طوال مسيرته السياسية، ووصف زعيم الليكود المتشدد إسحاق شامير نتنياهو بأنه (فارغ ومتغطرس، وله ميول للتدمير الذاتي، وعرضة للضغوط)، وتمسك شامير بأن السلام هو مجرد خدعة؛ لأن ما يقوله العرب علنا لا يخفي نيتهم، وهي رمي إسرائيل في البحر، وكانت مقولته الشهيرة: (العرب هم العرب أتفسهم، والبحر هو البحر ذاته)، وما لا يعرف من مقولته هو: (البحر هو البحر ذاته، ونتنياهو هو نتنياهو نفسه".

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا