صحافة دولية

لوموند: استئناف العقوبات ضد إيران يهمش حسن روحاني

صحيفة فرنسية: حسن روحاني يعد بمثابة السد ونقطة التوازن في صلب نظام الملالي- الأناضول

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، ذكرت فيه أنه بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع مع إيران، فقد انتهج حلفاء الرئيس المعتدل، حسن روحاني، سياسة النأي بالنفس في حين عمدوا إلى التنكر له.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، وجد نفسه في موقف محرج للغاية خلال جلسة الاستماع التي عقدها في البرلمان الإيراني والتي امتدت لساعتين تقريبا.

 

ووقف الرئيس الإيراني أمام البرلمان يوم 28 آب/ أغسطس لتقديم توضيحات حول سياسته الاقتصادية التي أرهقتها العقوبات الاقتصادية الأمريكية.


وأشارت الصحيفة إلى أنه أول مرة يقف فيها رئيس إيراني للمساءلة أمام البرلمان كانت سنة 2012، حيث تمت دعوة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، المحسوب على الشق المحافظ المتشدد، ضمن سياق كانت فيه البلاد تعاني من جلدات سياط العقوبات الاقتصادية جراء الأزمة النووية. وقد نجح نجاد في تخطي الأزمة بعد أن احتمى خلف ظهر الهيئات غير المنتخبة وخلف المرشد الأعلى، علي خامنئي.

وأضافت الصحيفة أن روحاني بدا أثناء وقوفه بين أسوار البرلمان وحيدا بعد أن تبنت الأحزاب الإيرانية سياسة النأي بالنفس وتخلت عن رئيس معتدل وضعيف. وتسبب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الدولي، الذي تم توقيعه خلال شهر تموز/ يوليو سنة 2015، في تدمير سياسة روحاني المرتكزة على الانفتاح الاقتصادي.

وتجدر الإشارة إلى أن موجة العقوبات الاقتصادية الأمريكية، التي تم إقرارها منذ شهر آب/ أغسطس، ساهمت في تثبيط عزيمة الشركات الغربية في الاستثمار داخل البلاد. في الأثناء، فقدت العملة الإيرانية على مدار السنة 60 بالمائة من قيمتها.

ونوهت الصحيفة إلى أنه على الرغم من الصعوبات التي يواجهها، إلا أن حسن روحاني رفض إجراء تعديل وزاري. ولكن ذلك لم يثن نواب البرلمان الإيراني عن التدخل وإقالة كل من وزير التشغيل ووزير الاقتصاد. وحسب "وکالة تسنيم الدولية للأنباء"، المقربة من الحرس الثوري، وقع اقتراح حجب الثقة على وزير ثالث في حكومة روحاني، وتحديدا وزير الصناعة والمناجم.

وقد حظي هذا المقترح بموافقة 70 نائبا من أصل 290 في البرلمان الإيراني. بالإضافة إلى ذلك، تمت إقالة مدير البنك المركزي، وتعرض نائب مدير هذه المؤسسة للإيقاف على خلفية توجيه تهم متعلقة بالفساد له، علاوة على إخضاع العديد من صرافي العملات للتبعات العدلية.

وأقرت الصحيفة بأن النائب في البرلمان الإيراني عن مدينة قم الدينية، مجتبى ذو النور‎، هاجم الرئيس الإيراني قائلا: "لقد بنيت جبلا من الأمنيات، وكانت ضربة واحدة من ترامب كافية لإسقاطه، وليس أمامك بديل لسياستك الاقتصادية المتهاوية". وفي محاولة للدفاع عن نفسه، ذكر الرئيس المعتدل، أن "المواطنين ليسوا خائفين من العقوبات الأمريكية، بل قلقون بشأن دخولنا في خلاف… ولكن الخطير في الأمر، يتمثل في فقدان الإيرانيين لثقتهم في الجمهورية الإسلامية والشك في قدراتها".

ونقلت الصحيفة ما جاء على لسان حسن روحاني لتبرير سياسته، حيث أكد أنه "لا يجب أن نقول إننا نواجه أزمة، فلا وجود لأزمة من الأساس. وإذا تحدثنا عن أزمة فنحن بذلك نخلق مشكلة كبيرة في صلب المجتمع، الأمر الذي من شأنه أن يشكل تهديدا فيما بعد". في المقابل، تتطلع الولايات المتحدة لتطبيق المرحلة الثانية من موجة العقوبات، مع حلول شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، التي تهدف إلى استهداف النفط والتبادلات المالية. وتعهدت واشنطن بخفض صادرات إيران من النفط الخام إلى الصفر.

وذكرت الصحيفة أنه منذ توليه منصب رئاسة الجمهورية سنة 2013، سعى الرئيس حسن روحاني إلى تأسيس تحالف من البراغماتيين من جميع الأطراف والحد من دعم المرشد الأعلى. وفي الوقت الراهن، يراقب روحاني تنكر حلفائه الإصلاحيين له، خصوصا أن بعضهم شارك في التصويت يوم الأحد لإقالة وزير الاقتصاد. من جانبه، اتهم روحاني خصومه بتوظيف الضغوط الأمريكية لتصفية الحسابات معه، وهي طريقة كلاسيكية يستعملها الخصوم فيما بينهم في خضم العلاقات السياسة الإيرانية.

وقالت الصحيفة إن حسن روحاني يتهم الأحزاب المحافظة المتشددة بالوقوف وراء دفع الرئيس الأمريكي إلى الانسحاب من الاتفاق النووي. واتهم الرئيس الإيراني أتباع الأحزاب اليمينية المتشددة بإثارة المظاهرات والحراك الشعبي خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2017 بهدف إضعافه. والجدير بالذكر أن حالة السخط الشعبي قد امتدت لتهز نحو 80 مدينة، وتسببت في سقوط 25 قتيلا مع تسجيل الآلاف من الاعتقالات.

وصرحت الصحيفة بأن نواب البرلمان الإيراني قد صوتوا للمرة الرابعة يوم الثلاثاء على مقترح سحب الثقة من السياسة الاقتصادية التي أقرها رئيس البلاد. ومن المنتظر أن تحال مقترحات سحب الثقة على أنظار القضاء، الذي يديره المحافظون المتشددون.

وقالت الصحيفة إنه بغض النظر عن كل هذه الانتقادات التي تطارده، إلا أن حسن روحاني يعد بمثابة السد ونقطة التوازن في صلب نظام الملالي. وقد اعتبر المرشد الأعلى الإيراني خلال فصل الصيف الماضي أن كل من يطالب بسحب الثقة عن روحاني، هو في الواقع "يمارس ألاعيب العدو".