سياسة عربية

قراءة في اقتطاع إسرائيل لأموال الضرائب لتعويض العملاء

محكمة إسرائيلية أصدرت في حزيران/ يونيو الماضي قرارا يلزم السلطة بدفع تعويضات لعملاء- جيتي

كشفت صحيفة معاريف العبرية في عددها الصادر أمس الثلاثاء أن الحكومة الإسرائيلية اقتطعت للمرة الثانية مبلغ مليون شيكل (290 ألف دولار) من عائدات الضرائب التي تحولها للسلطة لتعويض عدد من العملاء ممن تعرضوا للتحقيق في سجون السلطة بالضفة الغربية.


ويأتي القرار الإسرائيلي ترجمة لقرار المحكمة اللوائية في القدس في 29 من حزيران/ يونيو الماضي، بإلزام السلطة بدفع تعويضات مالية لـ52 فلسطينيا من الضفة الغربية اتهموا بالتخابر مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وبعضهم اعترف بأنه عمل لصالح جهاز الشاباك.


بدايات القضية

 
وكانت الأجهزة الأمنية قد اعتقلت أولئك الفلسطينيين في الفترة الممتدة بين عامي 1997 و2002، قبل أن يتمكنوا من الهرب من سجون السلطة بعد قصف إسرائيل لمقرات الأجهزة الأمنية خلال عملية السور الواقي في آذار/ مارس 2002، ليستقروا بعد ذلك في إسرائيل.


وقبلت المحكمة الإسرائيلية في تموز/ يوليو 2017، ملف الدعوى المشترك الذي رفعه المتخابرون في نيسان/ إبريل من ذات العام، متهمين السلطة بتعذيبهم جسديا، وطالبوا بتعويضات مالية عن فترة اعتقالهم بـ13.2 مليون شيكل (3.7 مليون دولار).


وبررت المحكمة قبولها ملف الدعوى بأن اعتقال السلطة لأي شخص على خلفية أمنية هو مخالف للاتفاقية الموقعة مع إسرائيل بعدم التعرض لأي من هؤلاء المدانين سواء بالعنف أو الانتقام.


من جانبه أكد المستشار القانوني في وزارة الداخلية، فتحي الربعي، أن "قبول المحكمة الإسرائيلية ملف الدعوى غير قانوني، لا سيما أن الأشخاص المدعين يحملون الهوية الفلسطينية، ولم يستوفوا الإجراءات القانونية والقضائية الفلسطينية حتى يذهبوا للمحاكم الإسرائيلية".


وأضاف الربعي في حديث لـ"عربي21" أن "الوزارة تدرس كل شكوى ترفع إليهم من قبل مؤسسات حقوق الإنسان حول اتهامات لمعتقلين تعرضوا للتعذيب داخل السجون".


وينص قانون العقوبات الثوري لمنظمة التحرير لعام 1979، في مواده من 130 إلى 133 على الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة لكل من تعاون مع جهات معادية للثورة الفلسطينية.


وتعتبر هذه المرة الثانية التي تقتطع فيها إسرائيل مبلغا من أموال الضرائب لتعويض هؤلاء العملاء، بعد أن قامت في وقت سابق من هذا العام باقتطاع مبلغ نصف مليون شيكل (137 ألف دولار) تنفيذا لقرار القضاء الإسرائيلي.


قرصنة إسرائيلية

 
من جهته اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، في حديث لـ"عربي21" أن قرار الجانب الإسرائيلي اقتطاع أموال الضرائب لتعويض العملاء "قرصنة وسرقة لأموال ليست من حقها التصرف بها"، موضحا أن "القيادة الفلسطينية تجري هذه الأيام مناقشات للرد على استمرار إسرائيل باقتطاع أموال الضرائب، من بينها تطبيق قرارات المجلس المركزي، والتحلل من الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، والذهاب لمؤسسات دولية لتقديم الشكاوى ضد إسرائيل جراء تلك القرصنة".


وفي السياق ذاته نفى مسؤول دائرة الرصد والتوثيق في مؤسسة الحق لحقوق الإنسان، تحسين عليان، "تلقي المؤسسة خلال السنوات الماضية أي شكوى تعذيب تعرض لها أشخاص خلال فترة اعتقالهم في السجون بتهمة التخابر مع إسرائيل".


ووصف عليان في حديث لـ"عربي21" قرار المحاكم الإسرائيلية بقبول الدعوى من هؤلاء المتخابرين "بأنه غير قانوني، لأنه لا يجوز أن تمد محكمة ولايتها القانونية لإقليم مجاور أو حتى إقليم محتل بغض النظر عن شكل الدعوى، إلا إذا فقد الأشخاص المدعون الجدية والإنصاف من قبل المحاكم التي يتبعون لها".


فيما اعتبر أستاذ القانون في جامعة القدس، محمد شلالدة، أن "الاتفاقيات الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بما فيها اتفاقية باريس الاقتصادية 1994، تؤكد أن أموال الضرائب هي حق للفلسطينيين ولا يجوز لإسرائيل اقتطاعها، إلا برضا الطرف الفلسطيني ضمن لجنة مشتركة بين الطرفين".


ورأى المستشار شلالدة في حديث لـ"عربي21" أنه "يجوز للسلطة أن تقوم برفع دعوى قضائية أمام المحاكم الدولية لإلزام إسرائيل بوقف إجراءات القرصنة التي تمارسها بحق أموال الضرائب".