صحافة دولية

تقرير يكشف دور الرياض وأبو ظبي في حرب دعائية ضد قطر

الموقع الأمريكي تحدث عن موقع مناهض لقطر تديره الإمارات والسعودية- أرشيفية

نشر موقع "شبكة الراديو العام الدولي الأمريكي" تقريرا، الثلاثاء، تحدث فيه عن حرب الدعاية المزيفة بين الدول الخليجية الغنية بالنفط، حيث عملت منظمات لها علاقة بالرياض وأبو ظبي تمزيقا للرأي العام الأمريكي من خلال حملات عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.


وأوضح موقع المعروف اختصارا "بي آر آي" في تقرير ترجمته "عربي21" أن "السعودية والإمارات أنفقتا منذ فترة طويلة مبالغ ضخمة من المال على جماعات الضغط في واشنطن وشركات العلاقات العامة لكسب التأييد مع من يتولون السلطة في الولايات المتحدة ومن يؤثرون عليها". 


ويورد الموقع أن "السعودية والإمارات أنفقتا على مقاطعة وحصار دولة قطر الصغيرة في شبه الجزيرة في العام الماضي، حاولت المنظمات التي لها علاقات بالرياض وأبو ظبي شيئا جديدا: فقد عملت على تمزيق الرأي العام الأمريكي من خلال حملات عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى صراع معقد وبعيد بين ثلاثة من حلفاء واشنطن على الشواطئ الأمريكية".


وبدأت أزمة الخليج في يونيو 2017 عندما قادت السعودية والإمارات الدول العربية الأخرى في قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر. واتهموا قطر بدعم الإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة، وهو اتهام ترفضه الدوحة. 


وبحسب الموقع، فإنه "بعد فرض حصار اقتصادي، أصدرت دول المقاطعة قائمة من 13 مطلبا تطالب قطر بتلبيتها، بما في ذلك مواءمة سياستها الخارجية مع سياستها، وإنهاء الدعم المقدم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وإغلاق قناة الجزيرة الإخبارية الفضائية، وقطع العلاقات مع إيران".


وأشار إلى أنه "في الوقت الذي اتخذت فيه خطوات ضد الدوحة، بدأت السعودية والإمارات أيضا جهودا دعائية في الولايات المتحدة تهدف إلى إضعاف تحالف واشنطن مع قطر- التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط -مع تعزيز صورهم أيضا".


وسلط تقرير "بي آر آي" الضوء على موقع "قطر إنسايدر" الإلكتروني المناهض للدوحة الذي انطلق في العام الماضي، وأعلن عن نفسه "مصدرك الشامل للمعلومات عن أزمة قطر"، فقد دفعت إلى تدفق مستمر من "التضليل"، وغالبا ما تعتمد على رسوميات مضللة جذّابة في محاولة لجذب الجمهور.


وأوضح أنه "لم يكن من إخبار عادي عندما دفعت اللجنة السعودية الأمريكية لشؤون العلاقات العامة (سابراك)، وهي مجموعة ضغط مؤيدة للسعودية غير مرتبطة رسميا بالحكومة السعودية، 2.6 مليون دولار العام الماضي لشركة (بوديستا) التي تتخذ من واشنطن مقرا لها الآن، والتي تمارس الضغط للحصول على خدمات الشؤون العامة والتي تشمل إدارة الموقع الشبكي المناهض لقطر وما يرتبط به من خصائص على وسائط التواصل الاجتماعي".

 

"قطر إنسايدر"


وذكر التقرير أن "من بين ادعاءات موقع (قطر إنسايدر) هو أن قطر أنفقت 64.2 مليار دولار أمريكي على دعم الإرهاب بين عامي 2010 و2015؛ وأن قطر لا تدعم تنظيم الدولة فحسب، بل تدرب مقاتليه".


وشملت ادعاءات "قطر إنسايدر" كذلك، بأن خالد الشيخ محمد (المسجون في غوانتانامو بتهمة تفجير برجي التجارة الأمريكية) "محمي" من قطر، وأن الدولة القطرية هددت صراحة بارتكاب الإبادة الجماعية ضد شعبها من أجل تهدئة المعارضة، وأن قطر قامت، في إطار التحضير لكأس العالم لعام 2022، بتمويل برنامج بيونغ يانغ الديكتاتوري والنووي بالسماح للعمال الكوريين الشماليين بالعمل في كأس العالم ومشاريع الهياكل الأساسية".


وكانت الإعلانات التلفزيونية التي تبثها في الولايات المتحدة مجموعة "بوديستا" التي أعلنت عن "قطر إنسايدر" للمشاهدين على أنها "توزع من سابراك" و"برعاية سفارة البحرين"، وهي حليف سعودي مقرب شارك في تمويل "سابراك". لكن موقع "قطر انسايدر" لم يذكر مجموعة "بوديستا" أو "سابراك" أو الحكومتين السعودية أو البحرينية.


وبحسب تقرير شبكة الراديو الأمريكية، فإن موقع "قطر إنسايدر" وصف نفسه بأنه في قسم "التعريف عن الموقع" بأنه "المصدر الشامل للمعلومات عن حقيقة تمويل قطر وأنشطتها ودعمها للإرهابيين والإرهابيين، والجماعات الإسلامية المتطرفة".


وكتبت مجموعة "بوديستا" في العقد الذي أبرمته مع "سابراك" أن حملتها على شبكة الإنترنت ستستهدف كما وصفته "الفاكهة ذات التعلق المنخفض"، التي وصفتها بأنها من المستخدمين الذين يسعون بنشاط للحصول على معلومات عن المملكة العربية السعودية وقطر. وكان الهدف هو ضمان "أن يروا المحتوى الذي نريدهم أن يشاهدوه في أعلى نتائج بحثهم".


وإلى جانب تصوير قطر كدولة صديقة للإرهاب، شجع "قطر إنسايدر" الولايات المتحدة على إزالة قاعدة العديد الجوية، التي تؤوي المقر الأمامي للقيادة المركزية الأمريكية، من قطر، ومارست الضغط ضد قطر التي تستضيف كأس العالم لعام 2022.


وأضاف تقرير الموقع الأمريكي أن شركة "سي سي إل سوشيال ليمتد"، التي تملكها الشركة الأم نفسها مثل شركة "كامبريدج أناليتيكا"، اتخذت نهجا مماثلا لمجموعة "بوديستا" عندما مُنحت عقدا بقيمة 333000 دولار للتواصل الاجتماعي نيابة عن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة.


وفي سبتمبر الماضي، أنفقت الشركة أكثر من 60 ألف دولار على الإعلانات على "فيسبوك" و"يوتيوب" و"تويتر" وغيرها من المنصات على الإنترنت لتعزيز الوسم "#BoycottQatar" والربط بمزيج من المقالات التي تنتقد قطر إلى جانب التضليل الإعلامي.


وذكر الموقع أن إعلاناتهم كانت صريحة وركزت على الأميركيين: "ترامب: قطر تشارك في النشاط المتعلق بالإرهاب".


وقد اختفت معظم المشاركات في صفحتي مقاطعة قطر على "فيسبوك" و"تويتر"، ولكن الوثائق المقدمة إلى وزارة العدل تبين أنها كثيرا ما ترتبط بموقع "قطر إنسايدر"، بينما تشير أيضا إلى مقالات تنتقد الدوحة في منشورات أكثر مصداقية. ولم تقتصر الجهود المبذولة على مجرد استخدام "الكليكبات" والإعلانات المميِّزة على وسائط التواصل الاجتماعي، بحسب الموقع.


وأشار إلى أنه في الخريف الماضي، ظهر فيلم وثائقي تثقيفي بعنوان "قطر: تحالف خطير" على شبكة الإنترنت وتم توزيعه على الضيوف في حدث استضافه معهد هدسون المحافظ الذي شارك فيه ستيف بانون، المستشار الأقدم السابق للرئيس دونالد ترامب.


ووفقا للموقع، فإنه كان للفيلم نزعة واضحة ضد قطر، لكنه قدم على أنه إنتاج أمريكي. لكن الوثائق التي قدمت إلى وزارة العدل في الأشهر الأخيرة تظهر أن الفيلم قدمته شركتان أميركيتان دفعتهما شركة "لابيس" الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي شركة اتصالات مقرها دبي وعملت في الإمارات مع الحكومة. 


وترأس إحدى هذه الشركات، أندريا وشركاؤه، تشارلز أندريا، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "بيل بوتنغر"، التي أنتجت أشرطة فيديو مزورة عن المسلحين العراقيين كجزء من حملة الدعاية التي شنتها الحكومة الأمريكية خلال فترة عمله مع الشركة. و دفع لأندريا و شركاءها مبلغ 565 ألف دولار مقابل دورهم في الفيلم الوثائقي المناهض لقطر. وحصدت أشرطة الفيديو التي تم تحميلها على قناة يوتيوب الفيلم ما يقرب من مليون مشاهدة.


وأوضح الموقع الأمريكي أنه "عندما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الولايات المتحدة في آذار/مارس، ظهرت مجلة تحمل صورته وتحتفل بعهده في 200 ألف منفذ في جميع أنحاء البلاد".

 

وأنكرت السفارة السعودية علمها بالمجلة، وأنكرت الشركة التي نشرتها، الناشر الوطني "انكوايرر" شركة "أمريكان ميديا"، تلقي توجيهات من السعوديين.


وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في وقت لاحق نقلا عن موظفين في شركة "أمريكان ميديا إنك"، أن المجلة كانت محاولة من قبل الرئيس التنفيذي للناشر للفوز بأعمال تجارية في المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، كانت هناك أدلة على أن السفارة السعودية ومستشاري الأسرة المالكة السعودية قد تلقوا نسخا متقدمة من المنشور، ملمحين إلى أنهم شاركوا في إنشائه وتحديد نبرته.


وأكد موقع شبكة الراديو الأمريكية أن "هذه المحاولات تأتي لإغراء الرأي العام الأمريكي حتى مع وصول السعوديين والإماراتيين إلى أعلى مستويات السلطة في الولايات المتحدة – وكذلك القدرة على التأثير على سياسة واشنطن الخليجية".


وكانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تواقتين إلى تعزيز علاقتهما مع مضيف تلفزيون الواقع السابق عندما تولى منصبه، على الرغم من انتقاده القاسي للإسلام والسعوديين (الذين، كما قال ذات مرة، "يريدون النساء كعبيد ويقتلون الشواذ)". 

 

"دعم ترامب" 


وفي أيار/مايو ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن مبعوثا لولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد عقدا اجتماعا مع دونالد ترامب الابن قبل انتخابات عام 2016، معربين عن دعمهما لترامب، فضلا عن مساعدة وسائل التواصل الاجتماعي في الفوز بالانتخابات.


ويبدو أن محاولات الاتصال الأولى كانت ناجحة: أول رحلة دولية يقوم بها ترامب كرئيس، في أيار/مايو 2017، كانت إلى السعودية، حيث وقع صفقة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار. وعندما اندلعت أزمة قطر في الشهر المقبل، أعرب ترامب بسرعة عن دعمه للرياض وأبو ظبي واتهم قطر بدعم الإرهاب.


وقال كريستيان اولريشسن الخبير في الشؤون الخليجية في معهد بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس: "أعتقد أن السعوديين والإماراتيين سرعان ما أدركوا أن لديهم صفحة نظيفة لمحاولة رسمها – واعتقد أن هذا هو بالضبط ما حاولوا فعله".


لكن (أولريسن) تساءل عن مدى فعالية جهود الدعاية الأوسع. وقال إن "عددا قليلا جدا من هذه التحركات -لاستهداف فيسبوك وتويتر، ولصنع فيديوهات يشاهدها عدد قليل جدا من الناس- سيكون لها أي تأثير على تشكيل الرأي العام". وأضاف: "فيما يتعلق بأزمة الخليج، فإن عددا قليلا جدا من الأشخاص (في الولايات المتحدة) يفكرون في الأمر على الإطلاق".


ووافق على ذلك، سيجورد نيوباور، المحلل في الشرق الأوسط الذي يتخذ من واشنطن مقرا له. وأضاف: "إذا سألتم الأمريكيين العاديين عن الخليج ورأوا هذه الإعلانات التجارية، فلن يتمكنوا من معرفة الفرق". وأردف: "بالنسبة للذين يعرفون الفرق، سيتذكرون أن السعودية، وليس قطر، كان مواطنوها يشاركون في هجمات 11 أيلول/سبتمبر".


وعلى الرغم من أن قطر لم تشارك فيما يبدو في نوع من الحرب الدعائية التي تشنها الجماعات المرتبطة بالسعودية والإمارات في الولايات المتحدة، إلا أنها لم تجلس مكتوفة الأيدي. شاركت قطر- أو في أحسن الأحوال أصدقاؤها- في اختراق وتسريب رسائل البريد الإلكتروني التي تهدف إلى إحراج دولة الإمارات العربية المتحدة وإظهار دورها في محاولة التأثير على حملة ترامب.


وقد زادت قطر من إنفاقها على جماعات الضغط في الوقت الذي تحاول فيه أيضا تخفيف صورتها عن طريق التشويش على الجماعات اليهودية الأمريكية، بما في ذلك المنظمة الصهيونية الأمريكية، التي دعت في السابق إلى إدراج قطر في قائمة الدول الراعية للإرهاب. وفي أيار/مايو، قامت قطر بثني عضلات قوتها الناعمة عندما عرضت الدفع لإبقاء المترو مفتوحاً في واشنطن العاصمة بعد المباراة النهائية للعاصمة.


ومع مرور الوقت، خفف ترامب من لهجته على قطر، والآن يحييهم مرة أخرى كحليف ضد الإرهاب. ولا يزال الوضع حساسا، ولكن الولايات المتحدة تقف مرة أخرى على قدم المساواة مع حلفائها الثلاثة، حتى في الوقت الذي يستمر فيه عداؤهم وتهدد فيه المملكة العربية السعودية بتحويل قطر إلى جزيرة.


ولكن بالنسبة لنيوباور، تركت أزمة الخليج جميع الأطراف المعنية تبدو سيئة. وقال: "بدلا من القول إن دولة واحدة أفضل من الأخرى فإن الجميع يبدو فظيعا حقا". وأضاف "أنها تثير تساؤلات حول أي نوع من الشركاء لهذه الدول بالنسبة للولايات المتحدة".