سياسة دولية

الحرب بين سلفيي مصر.. سباق على الزعامة أم بداية للتصفية؟

يوضح مراقبون أن الحرب الدائرة الآن ليست الأولي ولن تكون الأخيرة، بين التيارات السلفية - أرشيفية

وصف المتابعون لتطور الأزمة بين الدعوة السلفية وحزب النور من جهة، والشيخ محمد حسنين يعقوب أشهر دعاة السلفيين من جهة أخري، بأنها تأتي في ظل الصراع الدائر بين التيارات السلفية على زعامة السلفيين بعد أن خلت الساحة الدعوية نتيجة الحرب التي شنها رئيس الإنقلاب عبد الفتاح السيسي ضد جماعة الإخوان.


الأزمة التي ظلت تحت السطح لأيام أخرجها للعلن بيان أصدره سكرتير الهيئة العليا لحزب النور النائب أحمد رشوان في بيان مطول، حصلت صحيفة "عربي21" على نسخة منه، أنتقد فيه ما نشره يعقوب ضد الدعوة السلفية واتهامه لهم بالتنازل عن المبادئ والقيم، في إشارة لمقالات نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي حول "درء الدعوة السلفية للمفاسد، مقدم على جلب المصالح".


واكد رشوان أن القصة التي أوردها يعقوب عن الديك الذي هدده صاحبه بنتف ريشه إذا استمر في الصياح وقت آذان الفجر، تمثل إهانة للشيخ برهامي والدعوة السلفية، خاصة وأنها جاءت في حديث يعقوب عن الربانية وقاعدة درء المفاسد.


وقد نُسب ليعقوب مقال على موقعه تحت عنوان "حكاية قبل النوم" إلا أنه سرعان ما تم حذفه بعد أن تداول نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي صورة منه، وقد أكد فيه أن "البعض قدموا تنازلات عن المبادئ والقيم، منتقدا مقالات ياسر برهامي، ثم أورد يعقوب قصة الديك التي أكد فيها أن "ديكًا كان يوقظ الحي للصلاة، وطلب منه صاحبه أن يتوقف وإلا ذبحه، الأمر الذي جعل الديك يتنازل بحجة درء المفاسد، ثم توالت التنازلات حتى بكى الديك وتمنى الموت وهو يؤذن"، مؤكدا أن "الأخذ بفقه الواقع الذي يؤيد التنازل عن المبادئ لا يأتي بثمار".


من جانبه شن الداعية السلفي سامح عبد الحميد حمودة، هجوما على يعقوب مؤكدا في بيان نشره عبر صفحته بالفيسبوك أن كلام يعقوب "عجيب ومُريب، فلا هو مع الدعوة السلفية، ولا هو مع الإخوان،  ولا داعم لمؤسسات الدولة، ولا خرج ليثور ضد ما يظنه باطلًا، فلماذا هو في الظل والمنطقة الرمادية؟"، مضيفا "الشيخ يعقوب أصدر بيانًا يسخر فيه ممن اتهمهم بتقديم سلسلة تنازلات عن المبادئ والقيم، والشيخ يعقوب دائم التلميح والتصريح بالطعن في الدعوة السلفية، ويتهمهم بالتخاذل والتنازل عن المبادئ، وكل ذلك بسبب مواقف الدعوة الداعمة للدولة المصرية ومؤسساتها".


واستكمل حمودة "العجيب أن الشيخ يعقوب ما زال مُصرا على مواقفه الكارثية رغم مرور السنوات واتضاح الرؤية، وظهور الحق الذي لا مرية فيه، وكان المنتظر من الشيخ يعقوب أن يُعلن أسفه وندمه على السنوات التي غرر فيها الشباب؛ وشحنهم بالأحقاد والأكاذيب والكراهية؛ ضد علماء الدعوة السلفية الذين هم شيوخ الشيخ يعقوب، ولكنه شرد وحده دون فهم للتكييف الشرعي للأحداث".


من جانبه أكد الباحث في شؤون الحركات الإسلامية عبد الرحمن الحمادي لـ "عربي21" أن الأزمة الحالية بين التيارات السلفية، هي حرب على الزعامة بين مدرستين متنافستين، الأولي يمثلها الشيخ يعقوب والشيخ أبو اسحق الحويني وهي المدرسة المعروفة بمدرسة كفر الشيخ معقل الحويني، أمام مدرسة الاسكندرية معقل الدعوة السلفية التي يتزعمها ياسر برهامي.


ويوضح الحمادي أن المدرستين ينظران لبعضهما بعداوة قديمة، إلا أنه يجمعهما في النهاية المصالح المشتركة مع أجهزة الدولة بشكل أو بآخر وإن كانت الدعوة السلفية قد رسخت أقدامها بعد تأييدها المعلن لرئيس الإنقلاب عبد الفتاح السيسي وتبنيها لكل مواقفه بما فيها مجازر رابعة العدوية وما بعدها وما قبلها، وهو ما ترفضه المدرسة الأخرى للشيخ يعقوب وإن كانت لا تقف أيضا مع جماعة الإخوان.


ولم يستبعد الحمادي وجود أياد لأجهزة الدولة في إشعال الحرب بين التيارات السلفية، خاصة أنه التيار الوحيد في ساحة الدعوة الإسلامية بعد اختفاء الإخوان من المشهد ، إما نتيجة الاعتقال أو المطاردة لكثير من رموزهم الدعوية بمساجد القرى والمدن المختلفة.


ويري الحمادي أن السيسي يعمل بسياسة "لا صديق دائم" وبالتالي فهو يتخلص من أنصاره الواحد تلو الآخر، وبطرق شبه مختلفة معتمدا على آلته الإعلامية الضخمة وقبضته الأمنية القاسية، فضلا عن عسكرة مفاصل الدولة وتحكم أنصاره المقربين فيها، وبالتالي فهو يدشن ولايته الجديدة بترسيخ فكرة إخفاء شركائه في الانقلاب، مثلما جرى مع وزير الدفاع صدقي صبحي، وتهميش كثير من الشخصيات والأحزاب التي دعمته ضد الرئيس محمد مرسي.


ويوضح الحمادي أن الحرب الدائرة الآن ليست الأولي ولن تكون الأخيرة، بين التيارات السلفية، حيث سبق لقيادات بحزب النور أن وجهوا انتقادات حادة لمشايخ السلفية الآخرين وعلى رأسهم أبو إسحاق الحويني ومحمد حسنين يعقوب، بعد تخلي النور عن فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية في المرحلة الراهنة، متوقعا أن تستمر الحرب حتى ينتصر طرف ضد الآخر ووقتها تجد الدولة نفسها في مواجهة سهلة مع ما تبقى من رموز هذا التيار المنتشر في ربوع مصر.