صحافة دولية

الغارديان: هل يمكن لمجاهدي خلق قلب النظام الإيراني؟

الغارديان: يشكك المحللون في قدرة جماعة مجاهدي خلق على قلب نظام الحكم في إيران- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا، أعده مراسلها سعيد كمالي دهقان، يتحدث فيه حول قدرة حركة مجاهدي خلق المعارضة على قلب نظام الحكم في الجمهورية الإسلامية.

 

وتقول الصحيفة إن محللين شككوا في قدرة جماعة مجاهدي خلق على قلب نظام الجمهورية الإسلامية في إيران

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه في وقت حذر فيه البعض من وقوع المسؤولين في شباك الأكاذيب التي تقدمها الحركة المقيمة في المنفى، عن ديمقراطيتها وشعبيتها، وكونها البديل عن النظام الحالي، فإن آخرين قالوا إن المحافظين الجدد في إدارة دونالد ترامب يحاولون استخدامها ورقة ضغط على النظام في طهران.

ويقول دهقان إن "المثير في علاقة الحركة مع إدارة دونالد ترامب أنها ظلت على قائمة الجماعات الإرهابية لوزارة الخارجية حتى عام 2012، إلا أن معارضتها للنظام الإسلامي في إيران جذبت انتباه جون بولتون ورودي جولياني وغيرهما ممن يريدون تغيير النظام في إيران".  

وتستدرك الصحيفة بأن تعيين جون بولتون مستشارا للأمن القومي كان بمثابة انقلاب في حظ الحركة، وأثار أسئلة حول استماع الرئيس لحركة تستخدم مظاهر حقوق الإنسان لدفن ماضيها، وتقديم نفسها على أنها بديل شعبي وديمقراطي عن الجمهورية الإسلامية.

ويلفت التقرير إلى أن عمدة نيويورك السابق والمحامي الشخصي للرئيس ترامب، جولياني، دعا إلى تغيير النظام في مناسبة نظمتها الحركة في باريس يوم السبت، مشيرا إلى أنه تم نقل عدد من الذين تحدث إليهم جولياني، وعددهم أربعة آلاف من أوروبا الشرقية. 

ويذكر الكاتب أن جولياني هو واحد من السياسيين الأمريكيين البارزين الذي تحدثوا في مناسبات الجماعة المعارضة، ومنهم جون بولتون، والسيناتور جون ماكين، الذين قابلوا زعيمة مجاهدي خلق مريم رجوي، أو تحدثوا في مسيرات الحركة، التي تم شطبها من قائمة الإرهاب عام 2012، إلا أن تعيين جون بولتون مستشارا للأمن القومي أعطاها حياة جديدة، وقربا من البيت الأبيض. 

وتنقل الصحيفة عن بولتون، قوله العام الماضي في تظاهرة في باريس: "هناك معارضة حية لحكم آيات الله، وتتركز المعارضة في هذه الغرفة"، وأضاف:" لن يتغير سلوك النظام ولا أهدافه، ولهذا فإن الحل الوحيد هو تغيير النظام ذاته". 

وينوه التقرير إلى أن عدد أنصار الحركة يقدر بما بين 5 آلاف إلى 13 ألف مقاتل، مشيرا إلى أنها أنشئت في الستينيات من القرن الماضي، وهي تؤمن بمزيج من الأفكار الماركسية والإسلامية، وبدأت حملة تفجيرات ضد نظام الشاه، واستمرت في هجماتها حتى بعد الثورة الإسلامية عام 1979 ضد الجمهورية الجديدة، وفي عام 1981 قتلت 74 مسؤولا بارزا، منهم 27 نائبا في البرلمان بعد سلسلة من التفجيرات، وفي نهاية العام قتلت الرئيس الإيراني ورئيس الوزراء.  

ويفيد دهقان بأن الحركة قاتلت خلال الحرب العراقية الإيرانية، التي امتدت لمدة ثماني سنوات، إلى جانب القوات العراقية، حيث منحها الرئيس السابق صدام حسين ملاجئ داخل العراق، لافتا إلى أن غزو الولايات المتحدة في عام 2003، والإطاحة بصدام، كانا نقطة تحول في الحركة، التي حاولت إعادة تجديد نفسها بصفتها قوة ديمقراطية. 

وتبين الصحيفة أن الحركة تعمل اليوم بصفتها جماعة منفية على الهامش، وتتميز بعبادة القيادة، وتعمل من أجل تغيير النظام في إيران، رغم عدم حضورها البارز في داخل البلاد، وتصور نفسها على أنها مؤسسة سياسية ديمقراطية، مع أن تركيبها الداخلي يشير إلى خلاف ذلك. 

وينقل التقرير عن الزميل في معهد "نيشين/ الأمة" إيلي كليفتون، قوله إن تأثير جماعة مجاهدي خلق في الولايات المتحدة متعدد الاتجاهات، "عندما يتدفق عناصرها على الكابيتال هيل، ويطلبون مقابلة أعضاء الكونغرس، فهم الأصوات الوحيدة التي يستمع إليها؛ نظرا لعدم وجود العديد من الإيرانيين الأمريكيين في الكابيتال هيل". 

 

ويضيف كليفتون أن حركة مجاهدي خلق تعمل ضمن عدد من الواجهات الأمامية، وتكتب الشيكات لمن يتحدثون في مناسباتها، حيث تتراوح قيمة الشيك للمتحدث بما بين 30 ألف دولار إلى 50 ألفا، ويقال إن بولتون حصل على مبلغ 180 ألف دولار للحديث في عدد من المناسبات التي نظمتها الحركة، وبحسب الكشوفات الأخيرة لحساباته، فإن الحركة دفعت له 40 ألف دولار للتحدث في مناسبة من مناسباتها العام الماضي. 

ويورد الكاتب نقلا عن الصحافي في "واشنطن بوست" الإيراني الأمريكي جيسون راضائيان، الذي سجن في طهران لمدة عام، قوله إنه في السنوات السبع التي قضاها في البلاد سمع الكثير من النقد للملالي، لكنه لم يلتق أبدا بشخص يعتقد أن مجاهدي خلق يمكن أن تكون البديل الحقيقي عن النظام. 

وبحسب الصحيفة، فإن كليفتون يرى أن حركة مجاهدي خلق تحمل الكثير من الملامح التي تشترك مع الجماعات التي تعبد قيادتها أو "كلت"، وهو وصف يتفق معه الناشط الإيراني المقيم في السويد إيراج مصداقي، الذي سجن في الفترة ما بين 1981- 1991؛ لعلاقاته مع الحركة، وغادر مصداقي إيران عام 1994، وعمل في مقر القيادة في فرنسا حتى عام 2001، حيث قال: "في مجاهدي خلق كل شيء يجب أن يعود إلى القيادة، وهذا يعني مسعود رجوي (المختفي منذ عام 2003)، ليس قلبك فقط ينتمي إليه، بل الحب كله له، وممنوع عليك أن تحب زوجتك وأمك وأولادك". 

ويشير التقرير إلى أنه قارن العمل مع مجاهدي خلق بمن يحمل سلكا كهربائيا، فقال: "عليك أن تتبع الطريق، وعليك توصيل ما أعطيت كما هو، وليس من المتوقع أن تضيف أو تخفض أي شيء، ولا يحق لك السؤال". 

 

ويورد دهقان أن تقريرا لوزارة الخارجية في عام 2007 احتوى مزاعم بأن حركة مجاهدي خلق أجبرت أشخاصا على الطلاق، فيما ألقى تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" من 28 صفحة، ضوءا على المعاملة السيئة لعناصر الحركة، وزعم التقرير أن من حاول مغادرة الحركة فإنه تعرض إلى "اعتقال انفرادي طويل وضرب وتعذيب". 

وتلفت الصحيفة إلى أن إيران، التي تعد مجاهدي خلق جماعة إرهابية، عاملت أفرادها بشكل سيئ، وأعدمت في عام 1988 آلافا من اليساريين وداعمي مجاهدي خلق، في مذبحة جماعية للسجناء السياسيين، حيث قال مصداقي إن عناصر مجاهدي خلق، الذين يقيمون في مجمع عسكري في ألبانيا، يعانون من وضع سيئ، وليست لديهم إقامات قانونية، ويعتمدون على القيادة للنجاة، فيما هناك حوالي 3 آلاف عنصر تم نقلهم من العراق إلى ألبانيا، في الفترة ما بين آذار/ مارس 2013 وأيلول/ سبتمبر 2016 . 

وينقل التقرير عن المسؤول السابق في الحركة مسعود خوداباندي، قوله إن عناصرها في ألبانيا يعيشون وضع يشبه العبودية الحديثة، ووصف في مقابلة أجريت معه قبل فترة الحركة بأنها "جماعة كلتية مدمرة"، وتسيطر على أفرادها ماديا وجسديا وعاطفيا، مشيرا إلى أن الحركة لم ترد على أسئلة الصحافي. 

ويورد الكاتب نقلا عن المؤسس المشارك لمجموعة "الوحدة من أجل الديمقراطية"، وهي مظلة للجماعات الإيرانية المعارضة، ضيافاد خادم، قوله إن "تعاون مجاهدي خلق مع صدام حسين لن يمحى من ذاكرة الشعب الإيراني"، ويضيف خادم أن تعيين بولتون في منصب مستشار الأمن القومي يعد انقلابا للحركة، مشيرا إلى أن بولتون يقوم بالتصرف بطريقة مسؤولة داخل الإدارة، و"يقوم بولتون باستخدامهم وسيلة للضغط على النظام.. هذا أسلوب سيئ؛ لأن النظام الإيراني سيستخدم هذا لتخويف الطبقة الوسطى، كما فعل خلال الأربعين عاما الماضية". 

وتنقل الصحيفة عن كليفتون تعليقه قائلا إن مزاعم الحركة الاستخباراتية هي عبارة عن فرص ضائعة أحيانا، مشيرة إلى أن المجموعة كشفت عن معلومات استخباراتية عن المشروع النووي الإيراني، التي يقول كليفتون إنها مررت على الأغلب للسعودية أو إسرائيل.

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن مدير الاستخبارات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل، كان في عام 2016 واحدا من كبار الشخصيات التي حضرت مؤتمر الجماعة في باريس.