ملفات وتقارير

هل أطاحت النهضة و"الطموح الجامح" بوزير داخلية تونس؟

أثارت زيارة براهم للسعودية في شهر آذار/ مارس 2018 ولقائه بالعاهل السعودي بقصر اليمامة جدلا واسعا في تونس- واس

شكلت الإقالة المفاجئة لوزير الداخلية التونسي لطفي براهم من قبل رئيس الحكومة يوسف الشاهد، حديث الأوساط الإعلامية والسياسية والأمنية في تونس.


وإن كان السبب المعلن لإقالة براهم بعد اتهام وزارته بالتقصير الأمني على إثر كارثة غرق مركب مهاجرين غير نظاميين بجزيرة قرقنة جنوب البلاد، والتي أسفرت عن غرق ما لا يقل عن 74 شخصا في حصيلة غير نهائية، فإن مراقبين يعتبرون أن الإقالة تخفي وراءها دوافع أعمق وتراكمات تعود لصراع خفي بين الشاهد وبراهم بسبب طموحه السياسي من جهة، ومخاوف من تصاعد شعبية هذا الرجل سيما بين النقابات الأمنية التي لقبته بـ "قاهر الجرذان" في إشارة إلى محاربته للتطرف الديني وعدائه غير المعلن لتيار الإسلام السياسي في البلاد. 


وتم تعيين لطفي براهم سنة 2011 مديرا لإدارة الأمن العمومي ثم تدرج في المناصب ليحظى في 2015 برتبة آمر الحرس الوطني ثم عين في 2017 كوزير للداخلية خلفا للهادي مجدوب. 


وأثارت زيارة براهم  للسعودية في شهر آذار/ مارس 2018 رفقة وفد أمني رفيع المستوى ولقائه بالعاهل السعودي ووزير الخارجية عادل الجبير بقصر اليمامة جدلا واسعا في تونس.

 

اقرا أيضا : الشاهد يقيل وزير داخليته بعد حادثة غرق المهاجرين بتونس

 

وتصاعدت حينها مخاوف بعض الأحزاب من سيناريو انقلاب يطبخ في السعودية ضد الحكومة الحالية التي تعد حركة النهضة الإسلامية أبرز أركانها، حيث كشف المغرد السعودي "مجتهد" عبر سلسلة تغريدات عن حيفيات اللقاء الذي اعتبره تمهيدا لعودة الرئيس المخلوع بن علي للحكم من بوابة هذا الوزير المقرب من دوائر القرار في الإمارات والسعودية.


— مجتهد (@mujtahidd) 2 March 2018

 


وفي هذا الخصوص اعتبر الإعلامي مهدي الجلاصي في حديثه لـ"عربي21" أن العلاقة بين يوسف الشاهد ولطفي براهم منذ البداية كانت مضطربة.

 

وأضاف: "وزير الداخلية تم تعيينه بتوصية من القصر الرئاسي رغما عن الشاهد، وبقيت العلاقة بين الرجلين متوترة والتواصل بينهما يكاد يكون منقطعا إلا من بعض اللقاءات والاجتماعات الرسمية، بعد ذلك بدأت تخوفات يوسف الشاهد من براهم تتفاقم خاصة بعد الحملات المؤيدة له وصعود نجمه عبر صفحات التواصل الاجتماعي".


الجلاصي اعتبر أن "الشاهد وجد في أخطاء لطفي براهم من انتهاك للحريات الفردية واعتداءات على الصحفيين والجماهير الرياضية وآخرها غرق مركب قرقنة  فرصة لإبعاده في سعي لاسترضاء النهضة التي تمارس حذرا شديدا من لطفي براهم و تعتبره خطرا عليها".


وكان تسريب حكومي قد تحدث عن إمهال يوسف الشاهد للطفي براهم 48 ساعة للقبض على وزير الداخلية السابق ناجم الغرسلي المتهم في قضية التآمر على أمن الدولة والصادرة في حقه بطاقة جلب منذ شهر آذار/ مارس الماضي، والتي يرى مراقبون أنها أحرجت الوزير براهم في ظل اتهامات تتحدث عن التستر على الوزير الهارب من قبل أجهزة في الدولة. 


النهضة وبراهم 

 
اتهامات البعض لحركة النهضة بممارسة ضغوطات للإطاحة بوزير الداخلية السابق لما يمثله من خطر عليها، مقابل منح الشاهد دعما سياسيا من الحركة بعد إصرار نجل السبسي على إزاحته من الحكم، تصاعد على لسان العديد من الشخصيات السياسية والإعلامية.

 

وهو ما جعل الحركة تخرج عن صمتها وتنفي الأمر على لسان أبرز قيادييها محمد بن سالم الذي رفض في تصريحات إعلامية محلية تحميل النهضة مسؤولية الإطاحة ببراهم، مشددا على أن القرار يعود أساسا لتقصير الوزير في حادثة غرق مركب المهاجرين غير الشرعيين بجهة قرقنة.


وكان النائب عن الجبهة الشعبية –يسار معارض- المنجي الرحوي قد وصف في تدوينة له إقالة وزير الداخلية بـ"صفقة الخزي والعار بين الشاهد والنهضة"، معتبرا أن "من يريد أن يوهم أنّ إقالة وزير الداخلية جاء على خلفية حادثة غرق قارب بقرقنة وأن الأمر الطبيعي الذي يجب أن يحصل على غرار الديمقراطيات العريقة، هو استخفاف بالعقول وضحك على الذقون".

 

ورأى المختص في الشأن الأمني ورئيس المنظمة  الوطنية لمكافحة الفساد ماهر زيد أن إقالة الشاهد لوزير الداخلية تعود أساسا للخشية من تعاظم الطموح السياسي المفرط لهذا الوزير، مضيفا لـ"عربي21": "هذا الطموح السياسي يرعاه قطب ولوبي يترأسه رجل الأعمال المثير للجدل كمال اللطيف والذي صنع سابقا الرئيس مخلوع بن علي وأوصله لسدة الحكم فضلا عن المستشار بالقصر الرئاسي نور الدين بنتيشة وشخصيات تنحدر من نفس منظومة بن علي".

 

زيد اعتبر أن الشاهد عجل في أول فرصة بإقالة براهم بعد وصول تقارير تفيد بأن الرجل يسعى جاهدا للاقتراب من قصر الحكومة وخلافته في منصبه.


وحول علاقة النهضة بالوزير السابق أكد رئيس المنظمة أن "مخاوف النهضة من تصاعد نفوذ لطفي براهم وجدت منذ توليه منصب آمر الحرس الوطني، وضلوعه فيما سمي بـ "المهمات القذرة" على غرار العملية الإرهابية المصطنعة بجهة المنيهلة بتاريخ 11 مايو/ أيار 2016 والتي قتل فيها شابان تم استدراجهما و4 من رجال الحرس ورفعنا كمنظمة قضية ضد الوزير في قطب مكافحة الإرهاب بتهمة "الإيهام بعملية إرهابية" في وقت روج لها براهم كنجاح أمني في مقاومة الإرهاب".