سياسة عربية

برلماني مصري يسعى لتقنين "سرقة" الفكة من جيوب المصريين

طالب السيسي البنوك بإيجاد آلية تتيح للدولة الاستفادة من "الفكة"
أعلن أمين لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، عصام الفقي، الثلاثاء، عن تجهيزه مشروع قانون جديد يقنن ضم "كسر الفكة" لموازنة الدولة، مدعيا أنها "ستنعش خزائن الدولة"، ويمكن "توجيهها للصحة والتعليم"، زاعما أن "ذات النهج متبع بدول كبرى".

"حكاية الفكة"

حكاية "الفكة"، بدأت في 26 أيلول/سبتمبر 2016، عندما طالب السيسي البنوك بإيجاد آلية تتيح للدولة الاستفادة من "الفكة" -أقل من جنيه- بتعاملات 30 مليون عميل لديها لتمويل مشروعات خدمية.



وتأكيدا لفكرته خرج السيسي للمصريين في أيار/مايو 2017، عبر مكالمة هاتفية ببرنامج "كل يوم" لعمرو أديب، قائلا: "لو أخذنا من كل موظف جنيها، سنجمع نحو 7 ملايين جنيه شهريا، تضاف لمساهمات رجال الأعمال والبنوك والدولة للقضاء على مظاهر الفقر".

 


مبادرة "الفكة" لم تكن الأولى التي طرحها السيسي لجمع أموال المصريين، فقد دشن صندوق "تحيا مصر"، في تموز/ يوليو 2014، وطرح مبادرة "صبَّح على مصر بجنيه"، يوميا عبر هواتفهم المحمولة في 24 شباط/ فبراير 2016، مؤكدا أنها تجمع 4 مليارات جنيه بالسنة.

فشل التنفيذ يدعو للتقنين

وانتقلت قضية "الفكة" من إطار مجرد الحديث والطلب من السيسي والتي واجهها المصريون بموجات متتابعة من السخرية في الشوارع والمنتديات وعبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ إلى حيز فرضها بالقانون، ولكن لم تتضح بعد آليات التطبيق.

وكان الرئيس التتفيذي لصندوق "تحيا مصر"، رشاد عشماوي، قد تبني التواصل مع نحو 39 بنكا مع بنكي "مصر" و"الأهلي" الحكوميين لتنفيذ مقترح السيسي، وبالفعل أعلن البنك المركزي في 11 كانون الثاني/ يناير 2018، فتح حساب مصرفي لخصم كسور الشيكات والحوالات المصرفية بعد الحصول على موافقة كتابية من العملاء.

وطالب المركزي البنوك بفتح حساب لديها لتجميع الكسور وتحويلها للحساب المفتوح لديه نهاية كل شهر ثم تحويلها لصندوق "تحيا مصر"، ولكن في آذار/ مارس 2017، أكدت صحيفة "المصري اليوم" أن المبادرة توقفت بسبب عوائق قانونية.

50 مليار جنيه

ولاستعادة الفكرة إعلاميا، عرضت صحيفة "الأخبار" الحكومية في 17 كانون الثاني/ يناير الماضي، دراسة للاقتصادي أيمن إبراهيم، أكدت أن مبادرة السيسي بعد التنازل عن كل ما على يمين العلامة العشرية توفر 50 مليار جنيه سنويا، تتوزع ما بين "22 مليار جنيه من الحسابات المصرفية، و1.5 مليار جنيه من تعاملات (الفيزا) و(الماستر كارد)، مضاف إليها كسور فواتير الاتصالات بقيمة 25 مليار جنيه، والكهرباء بنحو 360 مليون جنيه، مع تعاملات البورصة 70 مليون جنيه، بجانب المرتبات والمعاشات بمبلغ 384 مليون جنيه".

الفكرة يدافع عنها اقتصاديون مؤيدون للنظام بحجة أنه تم تطبيقها بفرنسا عام 1989، لتمويل الصحة والتعليم، إلى جانب بعض الدول مثل ألمانيا التي تضع صناديق التبرع بالفكة بمطاراتها لحماية البيئة.

إلا أن الفكرة في مصر تثير الشكوك حول من المستفيد منها؛ هل هم الفقراء والمناطق العشوائية والصحة والتعليم، أم أنها ستدخل طيات حسابات صندوق "تحيا مصر" الذي لم يعلن رسميا منذ إنشائه عن قيمة المبالغ والواردة إليه أو المنصرفة منه.

ويؤكد اقتصاديون ومصرفيون أن الفكرة تقتضي النظر ببعض الآليات مثل كيفية جمع البنوك والهيئات والمصالح والمؤسسات الحكومية "الفكة"، مع وضعها بإطار تشريعي وقانوني، على أن يكون الأمر طواعية من صاحب الحساب البنكي أو الراتب أو المعاش، وضخ تلك الأموال بموازنة الدولة وليس بصناديق سرية.

عشوائية النظام

وحول جدوى الفكرة ومدى فائدتها للمصريين وقيمة ما يمكن أن توفره تلك الفكة لخزينة البلاد، قال الكاتب والمحلل الاقتصادي، علاء البحار، إن "هذا التوجه يعكس عدم وجود رؤية وعشوائية حكومة الانقلاب في مواجهة الأزمات".

وأكد في تعليقه لـ"عربي21"، أن "هذه دعاوى فارغة على وزن دعوة السيسي للمصريين بشعار صبح على مصر بجنيه".

وفي تعليقه اعتبر الناشط السياسي محمد نبيل، أن "مثل هذه الأفكار فارغة القيمة والمضمون لا تقيم اقتصادا ناجحا، موضحا أنه في ظل النظام الحاكم لن تكون هناك نهاية لهذا الكلام الفارغ، وأن المركب تغرق بنا جميعا بسبب سياسات اقتصادية خاطئة، وأن محاولاتهم لا تعدو إصلاح المركب بلا فائدة لإقناع الركاب أنها تسير بطريقها" حسب حديثه لـ"عربي21".