سياسة دولية

كولومبيا تنظم أول انتخابات رئاسية بعد السلام مع "فارك"

قد تجرى جولة إعادة في حزيران المقبل - جيتي

 يدلي الناخبون في كولومبيا بأصواتهم اليوم الأحد في انتخابات رئاسية تثير انقساما عميقا ومخاوف من احتمال أن يقوض الفائز فيها اتفاقية هشة للسلام مع مقاتلي جماعة القوات المسلحة الثورية الكولومبية الماركسية (فارك) أو يعطل النموذج الاقتصادي المؤيد لقطاع الأعمال في البلاد.

وفي أول انتخابات منذ التوقيع على اتفاقية السلام في 2016 مع "فارك" سيحدد الناخبون الشخصية التي ستحل محل الرئيس خوان مانويل سانتوس الذي فاز بجائزة نوبل للسلام لإنهائه الصراع الذي استمر 50 عاما في كولومبيا.

وإذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50 في المئة سيخوض المرشحان اللذان تصدرا القائمة في الجولة الأولى جولة إعادة في 17 حزيران/ يونيو.

وقال رئيس الدولة خوان مانويل سانتوس (66 عاما)، لدى الإعلان عن تعزيزات من 155 ألف عسكري لتوفير أمن الدورة الأولى في 27 أيار/ مايو، إن هذه الانتخابات "مرحلة إضافية، بالغة الأهمية لهذه الكولومبيا الجديدة التي نقوم ببنائها: كولومبيا تعيش في سلام".

ويتصدر اليمين المحافظ جدا استطلاعات الرأي. وهو ينوي من خلال مرشح شاب، آت حديثا إلى السياسة، استعادة الرئاسة. فقد قام إيفان دوكي (41 عاما) بحملة وعد خلالها باستئصال "سرطان الفساد" وإعادة إنعاش الاقتصاد الرابع في أميركا اللاتينية، الذي سجل نموا سلبيا بلغ 1.8% .

ولم يتوان عن تكرار القول خلال تجمعاته الانتخابية إن "لحظة التغيير قد حانت"، وشدد على القيم التقليدية للعائلة، محذرا من الوقوع في ما وصلت إليه فنزويلا المجاورة.

المعارضون في الطليعة

بين ستة مرشحين، حصل المحامي والخبير الاقتصادي دوكي، الذي يمثل ائتلافا يقوده "المركز الديمقراطي" ويضم الإنجيليين، على أكثر من 41% من نوايا التصويت. ويتقدم بنحو اثنتي عشرة نقطة على منافسه الرئيسي غوستافو بيترو (58 عاما) رئيس البلدية اليساري السابق لبوغوتا ومرشح حركة "كولومبيا الإنسانية".

وقد فتن هذا المقاتل السابق في حركة أم-19 المنحلة، والذي يأخذ عليه نقاده قربه من الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، الجماهير التي تتزايد أعدادها من خلال برنامج يتصدى للنظام ويدعم الفقراء المعدمين.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال المحلل أندريس ماسياس، الباحث في جامعة إكسترنادو، إن "صعوده يمكن أيضا أن يُفسر بالاستقطاب الكبير في البلاد. وهو باعتباره أحد الأقطاب المعارضين لهذا الاستقطاب".

وفي كولومبيا التي يبلغ عدد سكانها 49 مليون نسمة ويحكمها تاريخيا اليمين وحليف الولايات المتحدة، يدافع بيترو عن الاتفاق مع فارك والحوار مع جيش التحرير الوطني، آخر مجموعة متمردة في البلاد. وينوي دوك تعديل الأول تمهيدا لتشديد العقوبات على قدامى المقاتلين المتهمين بجرائم خطرة، ويشكك في الثاني.

لكن يبدو أنه لا الأول ولا الثاني يمكن أن يفوز في الدورة الأولى بأكثر من 50% من الأصوات. لذلك يتعين عليهما أن يتواجها في الدورة الثانية، المقررة في 17 حزيران/ يونيو.

لكن الهزيمة غير المتوقعة لـ"نعم" للاتفاق مع القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) خلال استفتاء 2016، أثبتت أن نتيجة الانتخاب لا تُقرأ في استطلاعات الرأي، وخصوصا في بلد تبلغ فيه نسبة الامتناع عن التصويت 50%.

وترسيخ السلام من أجل طي صفحة حرب داخلية مستمرة منذ أكثر من نصف قرن، وأسفرت على الأقل عن ثمانية ملايين ضحية بين قتيل ومفقود ومهجر، سيكون إحدى أبرز مهمات الرئيس الجديد.

دوكي.. وارث أوريبي


وسيتسلم خلف سانتوس -غير القادر قانونيا على الترشح بعد ولايتين متعاقبتين- مهامه في السابع من آب/ أغسطس، عيد استقلال كولومبيا.

من جانبها، تخلت القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) عن المشاركة في السباق. وقد منيت فارك التي جردت من سلاحها وتحولت إلى حزب سياسي بالاسم نفسه، بهزيمة ساحقة عندما واجهت حقيقة صناديق الاقتراع في آذار/ مارس. حتى إنها لم تبلغ الـ0.5% من الأصوات الضرورية لزيادة تمثيلها فوق الـ10 مقاعد التي منحها إياها الاتفاق.

وكان اليمين الذي يدعم دوك فرض نفسه خلال تلك الانتخابات التشريعية. وإذا ما انتخب، فسيتمكن من الاعتماد على دعم الكونغرس.

لكن أكثر من 36 مليون ناخب كولومبي يقولون إنه يستفيد خصوصا من هالة عراب بالغ الأهمية، رئيس "المركز الديمقراطي" والرئيس السابق ألفارو أوريبي (65 عاما).

واعتبر ماسياس أنه "لو كان دوك مرشح حزب آخر، لما كان حل في مقدم استطلاعات الرأي"، مشيرا إلى "الرصيد السياسي الكبير" للشخص المثير للجدل لكنه الرئيس الشعبي السابق.