مقالات مختارة

كيف سيظهر التنظيم مجددا ؟!

1300x600

تعرض تنظيم داعش إلى ضربات كبيرة، في سوريا والعراق وليبيا، ومواقع عدة، وبرغم هذه الضربات ما يزال التنظيم يظهر بين وقت وآخر، في مواقع عدة، في هذه المنطقة.
التنظيم ضعف إلى حد كبير، والتنسيق الدولي والعربي، ضده واضح، وآخر تلك العمليات قصف القوات الجوية العراقية موقع هذا التنظيم داخل سوريا، بموافقة السوريين، وهي ليست العملية الأولى التي ينفذها العراقيون داخل سوريا، ولعل المفارقة هنا، أن التنظيم الذي فتح حدود البلدين، أحدهما على الآخر، هو التنظيم ذاته الذي يضطر البلدان لفتح حدودهما البرية والجوية، للتنسيق ضده كنتيجة طبيعية من نتائج هذا المشهد الذي نراه.
لكن السؤال يتعلق فعليا بالموقع الذي قد يظهر فيه داعش مجددا، على افتراض أنه سيكون قادرا على ذلك، وسط تحليلات تتحدث عن أن التنظيم بات ضعيفا جدا، ولن يتمكن من فتح جبهة جديدة، في بلد جديد، وسوف يضطر المقاتلون إلى التوجه إلى ليبيا فقط، باعتبارها المحطة المتاحة هذه الأيام لإعادة التموضع، على افتراض أن الوصول إلى ليبيا بهذه السهولة.
هناك من يرى أن التنظيم قد يخطط لتجنب كل الساحات التي جرّب قوته بها، خصوصا أن كل المنطقة تحاربه في سوريا والعراق، وفي مصر حيث سيناء، وحتى في ليبيا، ما يعني أن التنظيم قد يسعى إلى ساحة جديدة، تكون قابلة للنفاذ إليها، وإعادة إنتاج التنظيم بعنوانه الحالي، أو حتى بشكل جديد، بعد مراجعات قد يقوم بها التنظيم على مستويات مختلفة.
هذا الرأي يميل إلى المبالغة ضمنيا بقوة التنظيم، وهو يؤشر على خطته المقبلة؛ لأن الأغلب أن يتفرق أعضاء التنظيم في دول أخرى، ويحاولون إنشاء جماعات صغرى، تمهيدا لمرحلة مقبلة، إذ ليس من المنطقي أن يتمكن هؤلاء، مرة واحدة، من التموضع مجددا في أي بلد عربي أو إسلامي، وإعادة سيناريو العراق وسوريا، وقد يميل هؤلاء بسبب تشظي البنية التنظيمية وضعفها، إلى تحويل التنظيم إلى جماعات وتنظيمات أصغر في عدة دول عربية وإسلامية، خلال العامين المقبلين، بما يعني نقل المشكلة إلى مواقع جديدة، إذا تمكن هؤلاء بطبيعية الحال، من استدراج أنصار وأعضاء لتنفيذ مشروعهم.
هذا يعني أن الخطورة تتعلق ليس بالتنظيم من ناحية سياسية وعسكرية، وحسب، بل بأصل الفكرة وجذرها الديني والفقهي، وهنا، يأتي السؤال حول ظاهرة ولادة التنظيمات، إذ إننا كل عقد نشهد ولادة تنظيم جديد، من رحم سابقه، أو بشكل مختلف تماما، وهذا ما شهدناه عبر تنظيمات أفغانستان، أو تنظيم القاعدة، ثم تنظيم النصرة، ثم داعش، وهنا، لابد أن نتوقع ظهور حركات جديدة، أو تنظيمات جديدة بمسميات مختلفة، وعلى أساس مراجعات جديدة، خصوصا أن الشبهات حول توظيف أطراف دولية لبعض هذه المجموعات، لغايات إقليمية، ولبث الفوضى، أو تشويه سمعة الإسلام، وتقديمه بهذه الصورة والنسخة، شبهات تبقى واردة، بما يعني أن التصنيع سوف يتواصل.
الخلاصة تقول هنا، إن التنظيم البائد، سيعيد إنتاج نفسه عبر تنظيمات صغرى، تجنبا للظهور بصورته الحالية ذاتها، ولعل المشكلة تكمن في الأفراد الذين يناصرون التنظيم، ويرون فيه بنية دينية حقيقية، ولا تؤثر عليهم كل دعوات علماء الدين، ولا التيارات المعتدلة؛ ما يجعلنا أمام ظرف أكثر خطورة، يجعل تعداد الانتصارات في سوريا والعراق، ومواقع أخرى، مجرد حالة احتفالية، تخفي خلفها، الخطر الأهم، أي إعادة توليد التنظيم لنفسه بصور وصيغ معدلة، عبر أفراد وجماعات، مع الإقرار هنا، أن التنظيمات عادة بعد تعرضها لضربات كبرى، تدخل في مرحلة كمون مؤقت، وسرعان ما تظهر بعنوان وشكل جديد.
يقال كل هذا الكلام، لمن يظنون أن حرب التطهير الجارية هي نهاية المطاف، وهي حرب قد تؤدي إلى بداية من نوع آخر، في ظل هذا الصدام الذي لا ينتهي لاعتبارات مختلفة.

 

الدستور الأردنية