ملفات وتقارير

لماذا أعلن "أولتراس الأهلي" تجميد نشاطهم في مصر؟

تكونت رابطة "أولتراس أهلاوي" وأولتراس وايت نايتس" عام 2007- أ ف ب

أثار الإعلان المفاجئ لرابطة مشجعي النادي الأهلي "أولتراس أهلاوي" الاثنين، بتجميد نشاطها لأجل غير مسمى بعد 11 عاما من تأسيسها كانت مليئة بالصدام والخلافات مع السلطة الحاكمة، جدلا في مصر.


وأصاب القرار الكثيرين بالدهشة، خاصة وأن الرابطة اكتفت بالإعلان عن تجميد نشاطها دون إبداء أي أسباب لهذه الخطوة.


وكانت "أولتراس أهلاوي" وأولتراس "وايت نايتس" التابعة للزمالك من المجموعات الفاعلة في ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، حيث أعطى قرارهم بالمشاركة في التظاهرات زخما شعبيا وشبابيا كبيرا للثورة، كما كان لتلك الروابط حضور مميز في العديد من الأحداث التي تلت الثورة.


علاقة متوترة


وتكونت رابطة "أولتراس أهلاوي" وأولتراس "وايت نايتس" عام 2007 واجتذبت آلاف المراهقين والشباب بسبب لافتاتها المبتكرة وهتافاتها الحماسية.


لكن العلاقة بين السلطة والأولتراس اتسمت بالتوتر والصدام، الذي وصل إلى ذروته في شباط/ فبراير 2012، حينما قتل 72 من شباب الأولتراس في أحداث شغب "ستاد بورسعيد"، التي اتهم الأولتراس المجلس العسكري الحاكم بأنه يقف وراء المجزرة لتأديب الأولتراس الذين كانوا يهتفون في كل مباراة بسقوط حكم العسكر وتطهير الداخلية.


وتم إلغاء مسابقات كرة القدم في هذا العام، ومنذ ذلك الحين منعت الجماهير من حضور المباريات باستثناء مباريات المنتخب الوطني أو المشاركات الأفريقية للأندية.


وفي شباط/ فبراير 2015، وقعت كارثة ستاد الدفاع الجوي التي راح ضحيتها 20 من مشجعي الزمالك بسبب التدافع والاشتباك مع الأمن، لتتوالى بعدها الوقفات الاحتجاجية من جانب الرابطة المطالبة بالقصاص لزملائهم.


وطوال السنوات الست الماضية، لم تتوقف الأزمات والصدامات وأحداث الشغب والاعتقالات بين الأولتراس وقوات الأمن حيث تعددت الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات من جانب الرابطة مطالبين بالقصاص لزملائهم.


وفي آيار/ مايو 2015 قضت محكمة الأمور المستعجلة بحظر جميع روابط الأولتراس في البلاد واعتبارها كيانات إرهابية.


هربا من الملاحقة الأمنية


من جانبه، قال عضو التعاونية القانونية لدعم الوعي العمالي ياسر سعد إن "روابط الأولتراس أصبحت كيانات غير قانونية، يتم مطاردة أفرادها منذ عدة سنوات"، مضيفا أن "تجميد الأولتراس نشاطهم كان نتيجة الملاحقات الأمنية ضد أعضائها".


وجاء هذا القرار في ظل حبس العشرات من أعضاء "أولتراس أهلاوي" بعد أحداث شغب شهدتها مباراة الأهلي مع فريق مونانا الجابوني في دوري أبطال إفريقيا الشهر الماضي التي شهدت هتافات للحرية والثورة ومهاجمة النظام، وهو ما أثار غضب قوات الأمن التي ألقت القبض على عدد منهم وسط أحداث شغب وكر وفر بين الجانبين.


وكان رد فعل الرابطة مختلفا عن الصلابة والعناد المعتادين، حيث أصدرت بيانا في آذار /مارس الماضي نفى علاقة "أولتراس أهلاوي" بتلك الأحداث، ثم أتبعته ببيان ثان في مطلع نيسان/أبريل الجاري طالبت فيه النظام بالجلوس على مائدة الحوار، وناشدت قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالعفو عن أعضائها المحبوسين.


وفي خطوة غير مسبوقة، اتهمت الرابطة جهات خارجية باستغلالها لتحقيق مكاسب سياسة، وتعهدت بالالتزام التام في الفترة المقبلة والتعاون مع الدولة في عودة الجماهير للمدرجات بدون أي خروج عن النص.


البقية تأتي


واستقبل عدد من المتخصصين في كرة القدم قرار "أولتراس أهلاوي" بتجميد نشاطها بالترحيب، حيث قال الصحفي المتخصص في الشأن الرياضي إيهاب الخطيب إن تجميد أولتراس أهلاوي سيؤدي إلى عودة الجماهير إلى الملاعب، متوقعا أن تحذو روابط باقي الأندية حذو رابطة الأهلي التي تعد أول وأكبر الروابط.


وأكد الخطيب أن روابط المشجعين كانت تمثل عبئا على الأندية طوال السنوات الماضية وأضرت كثيرا بأمن واستقرار المجتمع، حسب قوله.


أما عضو اتحاد الكرة أيمن يونس فقال إن قرار تجميد الأولتراس سيشجع النظام الحاكم على التصالح مع بعض قيادات الأولتراس وإطلاق سراح المحبوسين منهم لفتح صفحة جديدة معهم.


انتهاء عصر الأولتراس


وتعليقا على هذا البيان، قال أستاذ علم الاجتماع حسن الخولي إن نشأة روابط مشجعي الأندية المعروفة باسم "الأولتراس" هي ظاهرة مجتمعية ظهرت قبل ثورة كانون الثاني/ يناير 2011 بوقت قصير في الوقت الذي كانت فيه مصر تمر بمرحلة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.


وأضاف الخولي، في تصريحات لـ "عربي21"، أن روابط الأولتراس تشبه جماعات الضغط شبه السياسية مثل النقابات أو الاتحادات العمالية التي تدافع عن كيانها وأفرادها، مشيرا إلى أنه مع تطور الأحداث السياسية في مصر تحولت هذه الروابط إلى الممارسة السياسية، واصطدمت بالأمن.


ووصف الخولي إعلان "أولتراس أهلاوي" تجميد نشاط الرابطة بأنه خطوة جيدة في الطريق الصحيح، متوقعا أن تؤدي إلى مزيد من الاستقرار السياسي والأمني والمجتمعي في البلاد.


وأرجع قرارا الأولتراس إلى اقتناع قياداتها من أنهم أصبحوا جماعة لا تتمتع بأي مباركة شعبية وليس لها ظهير شعبي بعد أن أصبحت غير مرغوب فيها داخل المجتمع فآثروا السلامة والبحث عن حرية أفرادهم المحبوسين على ذمة قضايا شغب، مضيفا أن الأخطاء التي ارتكبتها الأولتراس أفقدتهم جزءا كبيرا من القبول المجتمعي الذي يعد الضمانة الأساسية لاستمرار أي جماعة سياسية أو رياضية.


واختتم أستاذ الاجتماع حسن الخولي تصريحاته بتأكيده انتهاء عصر الأولتراس سياسيا ورياضيا، مضيفا أنها أصبحت جزءا من التاريخ وسيتم تقييم هذه الظاهرة بعد فترة من الآن وتناولها بالبحث والدراسة باعتبارها من العلامات المميزة للفترة الانتقالية التي عاشتها مصر إبان ثورة كانون الثاني/ يناير 2011.