قضايا وآراء

العلاقة الأمريكية- الروسية إلى أين؟

1300x600
وضع الموقف الروسي الحازم في سوريا الولايات المتحدة الأمريكية أمام خيارين إما الانسحاب أو الانخراط في حالة من السباق المسلح.

ووفقا لخبراء عسكريين وسياسيين استراتيجيين، هناك قلق أمريكي-إسرائيلي اتجاه المعادلة الجديدة التي فرضها المحور الروسي – الإيراني – السوري في سوريا مما يدفعنا إلى طرح مسألة اثارة السلاح الكيميائي في دوما والاعتداء الإسرائيلي على مطار التيفور المتزامن مع عملية تحرير منطقة الغوطة، ليست سوى محاولة لجس النبض الروسي كيف سيكون بعد تلك الانتصارات التي تحققها روسيا داخل الميدان السوري.

إن ما يجري تداوله عن تصعيد أوروبي – أمريكي ضد روسيا من خلال إثارة قضية الجاسوس الروسي، سيرغي سكريبال، أو إثارة قضية استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما يهدف إلى التغطية على الفشل الذريع لأدواتهم في الحرب السورية.

فقد انتقل الصراع إلى صراع أمريكي-روسي في سوريا، وهذا لا علاقة له مباشرة في سوريا سوى مقاومة قوة روسيا كدولة كبرى ولاسيما بعد أن أعلن بوتين قبل انتخابه أن روسيا أصبحت تملك أسلحة صاروخية لا مثيل لها فهذا التصريح أرعب أوروبا مما يفسر ذلك، سبب توحد الغرب وبخاصة بريطانيا، في موضوع تسميم الجاسوس الروسي سكريبال، وفتح تحقيقات بشأنه، وكذلك وحدتهم في موضوع السلاح الكيميائي في سوريا.

فما يجري اليوم في سوريا لم يعد مقتصرا على أزمة داخلية، بل تعدى ليشمل تدخلات خارجية متزاحمة. لقد أصبح الصراع صراعا أمريكيا- روسيا على النفوذ العالمي، وبخاصة بعد ضم روسيا لجزيرة القرم، والدور الذي لعبته في سوريا، وتحالفها مع الصين، ودعهما لإيران، وعلاقتها بتركيا على خلفية قمة أنقرة التي أزّمت علاقتها بحلف الأطلسي.

وبالتالي، إن التطور الأساسي الجديد في المعادلة السورية الراهنة هو في انتقال المعركة من حيث الأولوية، إلى مواجهة أمريكية- روسية التي أخذت تضع العلاقة بين الطرفين على حافة مفصل تاريخي وبخاصة مع اقتراب نهاية الحرب السورية. 

ويعتبر البعض أن العلاقة الأمريكية – الروسية في سوريا شبيهة بالأزمة الكوبية عام 1962 حيث نقل الرئيس خوروشوف الصواريخ النووية إلى كوبا وقد اعتبر الرئيس الأمريكي السابق، جون كينيدي، ذلك بمثابة تهديد مباشر للأمن القومي الأمريكي، مما يعني التهديد بحرب نووية بين المعسكرين الشيوعي والغربي آنذاك. وهذا، إلى حد كبير، يجري في الحرب السورية. فالاشتباك الروسي الأمريكي يأتي في وقت لا يرغب بها الطرفان.

ويبقى السؤال، كيف سيتم تجنيب تداعي المواجهة الراهنة بين العملاقين النوويين إلى مستوى الاشتباك المسلح؟

إن اعتماد الرئيس دونالد ترامب ضربة محدودة في سوريا قد يكون نوعا من التفاهم مع الروس من أجل انقاذ ماء الوجه.