ملفات وتقارير

الدور المشبوه للأعلى للإعلام بمصر "ضد الصحافة والإعلام"

تؤكد تقارير إعلامية وجود العديد من الصحافيين في السجون المصرية- جيتي

يمارس المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام في مصر دورا وصفه صحفيون وإعلاميون بالمشبوه في الرقابة على وسائل الإعلام، المقروءة والمسموعة والمرئية، بديلا عن الدور الأمني المباشر، تحت مسمى تنظيم وضبط العمل الصحفي والإعلامي، بالرغم من سيطرة الأمني الوطني، والشؤون المعنوية للقوات المسلحة، على غالبية وسائل الإعلام.

صدر قرار جمهوري بإنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام في نيسان/ أبريل 2017؛ بهدف تنمية تطوير وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والصحافة المطبوعة والرقمية، وضمان استقلالها وتعددها وتنوعها، والتحقق من سلامة مصادر التمويل، ووضع الضوابط والمعايير اللازمة بأصول المهنة وأخلاقياتها، ومراعاة مقتضيات الأمن القومي.

واقتحمت قوات الأمن المصرية مقر موقع صحيفة "مصر العربية" الإلكترونية، بوسط القاهرة، الثلاثاء، واقتادت رئيس تحريره للنيابة، وأغلقت الموقع؛ بدعوى عدم دفع غرامة المجلس الأعلى للإعلام.

وكان المجلس أحال رئيس تحرير صحيفة المصري اليوم وصحفي بالجريدة إلى نقابة الصحفيين؛ للتحقيق بشأن تقرير عن الانتخابات الرئاسية، إضافة إلى تغريم الصحيفة 150 ألف جنيه، كما قرر المجلس معاقبة موقع مصر العربية بغرامة 50 ألف جنيه نتيجة تغطيته للانتخابات أيضا.

وقال الصحفي بالموقع، محمود النجار، لـ"عربي21": "إن النيابة تحقق مع رئيس تحرير الموقع، عادل صبري، لليوم الثاني، وإنهم حضروا معه رفقة عدد من أعضاء مجلس النقابة، وإن التحقيقات لا تزال جارية حتى اللحظة".

ويرأس المجلس نقيب الصحفيين الأسبق، مكرم محمد أحمد (83 عاما)، أحد أهم الرموز الصحفية في دائرة الرئيس الأسبق، حسني مبارك، وأحد المؤيدين لنظام عبدالفتاح السيسي وسياساته في حظر المواقع الصحفية الإلكترونية، وحشد الصحافة والإعلام في صعيد تأييد ودعم النظام.

وينكر مكرم باستمرار وجود أي صحفي معتقل في السجون المصرية بسبب أفكاره أو عمله، وهو ما يناقض كل التقارير الحقوقية المحلية والدولية ونقابة الصحفيين نفسها بوجود نحو 29 صحفيا معتقلا بمصر.

الوطنية للتضليل

وتعليقا على دور المجلس الذي كان يمارسه الأمن، يقول عضو نقابة الصحفيين، سيد أمين ، لـ"عربي21": "إن النظام يريد لخطة كتم وسحق ما تبقى من الإعلام والصحافة في مصر، وأن تأخذ منحى مؤسسي، وأن تتسم بديكور يبدو ديمقراطيا بدلا من الرقيب العسكري، فقام بإنشاء الهيئة الوطنية للإعلام، التي أضفى عليها صيغة الوطنية؛ للإمعان في التضليل".

وأضاف: "في الواقع أن تلك الهيئة حاربت حرية الإعلام والصحافة بشكل أبعد بكثير مما كان يمكن أن يفعله الرقيب العسكري، وبدلا من أن تقوم تلك الهيئة بحماية الإعلاميين والصحفيين من تغول سلطة النظام الحاكم عليها، كانت هي بمثابة السيف في تقطيع جسد حرية الإعلام والصحافة".

لا فتا إلى أن "ممارسات المجلس تكشف حقيقة الهدف من إنشائه، وهو إعطاء الغطاء المدني على رغبات السلطة الجامحة في العودة بالإعلام المصري لما قبل عصر السموات المفتوحة"، مشيرا إلى أن "دور المجلس في الأصل هو تنظيم الإعلام، لكن في الواقع كان دورها هو سحق الإعلام، بدليل أنها لم تعد المواقع والصحف المغلقة والمحجوبة، لكنها أعطت غطاء لاعتقال الصحفيين وإغلاق المزيد من الصحف والصحفيين".

مجلس ضرار

الخبير الإعلامي، حازم غراب، وصف المجلس بأنه "مجلس ضرار".

وأضاف لـ"عربي21": "أعتقد أن كل الإعلاميين والصحفيين المهنيين لا يقبلون بأشخاصه كقضاة يصدرون أحكامهم العقابية. أشخاصه الذين عينهم الانقلاب يجب ردهم واتهامهم كما يرد المتقاضون قضاة مشكوكا في عدالتهم ونزاهتهم".

وأوضح أن "المجلس أداة حمقاء في يد سلطة أكثر حمقا وعداوة لحرية الإعلام. مجرد تعيينهم بواسطة مغتصبي السلطة يطعن في دورهم من الأساس" لافتا إلى أنه "عندما تتحرر مصر ممن اغتصبوا حكمها، سيختار أصحاب مهنة الإعلام قضاتهم العدول بأنفسهم".

كيان مسخ


الكاتب الصحفي، عزت النمر، أكد بدوره أن "المجلس الأعلى للإعلام لا يعدو كونه أحد منتجات الانقلاب وحياة الصوت الواحد التي يتبناها السيسي وجنرالاته، وهي المهمة التي أُنشئ المجلس من أجلها".

مضيفا لـ"عربي21" أن "العسكر استحضروا لهذا الكيان المسخ بمهمة القذرة سلالة من سدنة كل استبداد ممن كانت ثورة يناير أرسلتهم للقبور، أمثال مكرم محمد أحمد، وأعضاء المجلس هم أصحاب تاريخ في مساندة المستبد، وقهر الصوت الحر، بالإضافة لكونهم موتورين من الثورة وأعداء لكل توجه نحو الحرية والكرامة".

ووصف ما يقوم به المجلس بأنه "مخالف لكل الأعراف، وينتهك الدستور والقوانين، ومثل هذا هو ما ألقى بمصر في مستنقع في تصنيفات حرية الصحافة في التقارير العالمية، لكن يبدو أن السيسي وجنرالاته لا يبالون بهذا، هم فقط مهووسون بنمط عبد الناصر في قتل الحريات ووأد الصحافة، وهو نمط غير قابل للتطبيق في عصرنا الحالي، هؤلاء يتلذذون بانتهاك الحريات والعصف بالقوانين والدساتير".