اقتصاد عربي

تراجع الطلب وتراكم الديون.. أزمات خانقة تواجه عقارات المغرب

شيد المغرب مئات الآلاف من الشقق الاقتصادية للقضاء على أزمة السكن- عربي21

يواجه القطاع العقاري المغربي فترة صعبة، بسبب تراجع الطلب على المساكن والشقق الجديدة، وتراكم الديون المصرفية المستحقة على الشركات غير المهيكلة، وتوقف مئات ورش البناء في معظم المدن المغربية، في وقت يزيد عدد المباني المعروضة للبيع من دون وجود طلب.

وأفادت إحصاءات أصدرتها جمعيات المطورين العقاريين، بأن نشاط بناء الشقق الجديدة تراجع نحو 51 في المئة نتج عنه توقف الأشغال في ورش كثيرة، وهو أدنى أداء منذ العام 2011. وتضررت شركات الأسمنت التي تدنت مبيعاتها بنسبة 8 في المئة العام الماضي.

وأشارت الجمعية إلى أن عدد الشقق الجديدة انخفض إلى 135 ألف وحدة من أصل 294 ألفاً مبرمجة سلفاً، وهو وضع مأسوي لشركات كثيرة عاملة في القطاع. ويُقدر عدد الباحثين عن سكن جديد نحو 180 ألف أسرة سنوياً، ويقل الرقم عن عدد الوحدات السكنية المتوافرة المقدرة بـ 270 ألفاً العام الماضي.

وتُحجم الأسر الحديثة عن شراء المباني المعروضة، التي ترى أنها لا تستجيب لتطلعاتها، إما بسبب ضعف جودتها أو بعدها عن مراكز وسط المدينة، أو قلة التجهيزات والمرافق المدرسية والتجارية والخدمية. تُضاف إلى كل ذلك، الطرق والمواصلات.

وشيد المغرب مئات الآلاف من هذه الشقق الاقتصادية، بدعم من الحكومة للقضاء على أزمة السكن التي كانت تُقدر بمليون وحدة قبل 15 سنة. لكن تهافت الشركات على بناء أكبر عدد ممكن للاستفادة من الامتيازات الممنوحة، قلب معادلة العرض والطلب.


ووفقاً لصحيفة "الحياة"، يُقدر عدد الراغبين في سكن جديد بنحو 1.6 مليون أسرة، غالبيتهم من الطبقات الوسطى. لكن المعروض من الشقق يتكون في الغالب من مساكن اقتصادية واجتماعية، تقلّ عن المواصفات المطلوبة. وكانت مئات شركات العقار فضلت بناء هذا النوع من الشقق المنخفضة الكلفة، بسبب التسهيلات في تحصيل الأراضي والتمويل المصرفي والإعفاءات الضريبية التي منحتها الحكومة، ما دفع ببعض المغامرين إلى الاستثمار في قطاع العقار من دون تجربة كافية، فغرقت السوق بشقق يصعب تصريفها في ظل انخفاض الطلب وكثرة المعروض.

وعلى رغم حملات الدعاية المكثفة التي تغطي جزءاً مهماً من ملصقات، ولوحدات الإشهار في وسط المدن الكبيرة، فهي لا تجد غالباً راغبين حقيقيين في التملّك.

ووجهت الفيدرالية الوطنية للمطورين العقاريين رسالة إلى الحكومة، تقترح فيها تصوراً لإنقاذ القطاع وإطلاق مشاريعه على أسس جديدة، باعتباره قاطرة الاقتصاد الوطني ويساهم في 7 في المئة من الناتج الإجمالي، ويوفر نحو مليون فرصة عمل مباشرة، وتعيش منه عشرات القطاعات المرتبطة من التجهيز إلى الديكور والتصميم.

واقترحت الفيدرالية تقسيم الشركات العاملة في قطاع العقار وتصنيفها وفق حجمها وقدرتها التشغيلية إلى ثلاث، والتمييز بين المطورين العقاريين الرسميين المحترفين وآخرين موسميين وعرضيين، لإغلاق الباب أمام الشركات غير المهيكلة أو تلك التي لا تحترم معايير البناء والتصميم والعمران.

وتركز الاقتراحات وهي قديمة– جديدة، على منح امتيازات ضريبية جديدة للشركات الراغبة في الاستثمار في مشاريع سكن الطبقات الوسطى، التي تسجل نقصاً في المعروض من المساكن. في وقت تشهد الشقق المتدنية الكلفة تخمة يصعب امتصاصها في وقت وجيز.

وكشفت الإحصاءات أن 20 ألف شقة جديدة موجهة للطبقات الوسطى بُنيت عام 2016 ، ولم تتجاوز الـ310 وحدات العام الماضي. وأُطلقت مشاريع بناء 3994 وحدة مطلع العام، وتستغل جمعيات المطورين هذا الوضع للضغط على الحكومة لانتزاع امتيازات في تحصيل الأراضي وأخرى جبائية، وإعفاءات إضافية تمتد لفترة 15 سنة، في مقابل إطلاق مشاريع جديدة للسكن المتوسط.

وكانت أسعار العقار في المغرب زادت بنسبة 5 في المئة في المتوسط خلال العام الماضي، استناداً إلى دراسة مشتركة من المصرف المركزي والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية، وبلغت 7 في المئة على المحال التجارية و12 في المئة على المكاتب و5.3 في المائة على الأراضي الخالية.

لكن في المقابل، تراجع الطلب على العقار بنسبة 25 في المئة بالنسبة إلى المنازل و14 في المئة للمتاجر و30 في المئة انخفاضاً على اقتناء المكاتب. ويعكس قطاع العقار في أحيان كثيرة مزاج السكان وحالة الاقتصاد، ودورة الاستثمار. وهو إلى جانب الزراعة والسياحة، مؤشر قوي على توجهات الفئات الصاعدة، وثقتها في المستقبل ورضاها على الأوضاع السائدة.