سياسة دولية

لماذا سمحت روسيا لتركيا بشن عملية "غصن الزيتون" بسوريا؟

اتهم الأكراد روسيا بالخيانة- أ ف ب

نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن عملية "غضن الزيتون" التركية ضد أكراد سوريا، التي يتوعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتوسيع نطاقها، بينما لا يحرك الروس أي ساكن. ما يطرح العديد من التساؤلات حول مصلحة روسيا من تنفيذ تركيا لهذه العملية العسكرية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أردوغان ناقش هاتفيا هذه المسألة مع نظيريه الروسي والأمريكي، فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، محاولا توضيح هدفه من هذه العملية العسكرية في عفرين.

ووفقا لأردوغان، "بعد انطلاق عملية غصن الزيتون سيتم إيقاف الألاعيب التي تمارسها مختلف القوى التي تريد تنفيذ خططها في منطقتنا. وانطلاقا من منبج، سيتم إخلاء كافة حدودنا من الإرهابيين مما سيمكننا من ضمان أمننا".

 

اقرأ أيضا: ترامب يجري اتصالا هاتفيا مع أردوغان بشأن "غصن الزيتون"

وأكدت الصحيفة أن أنقرة تعتبر الأكراد "إرهابيين"، وتخشى من تمكنهم من تأسيس شبه دولة، ما من شأنه أن يشجع نظراءهم الأتراك، الذين لن يتوانوا عن القتال من أجل الحصول على استقلال كردستان التركية. وبما أن تركيا تضم الملايين من الأكراد، فهذا يعني أنه من المستحيل فصل هذه الأراضي التي يقطنون بها، دون تدمير الجمهورية التركية. ومن جهتها، لن تسمح تركيا بظهور دولة كردية على حدودها، خاصة وأنها قد تمثل قاعدة للأطماع الأمريكية في المنطقة.

وأفادت الصحيفة بأن التصريحات الأمريكية حول إمكانية إنشاء جيش من الأكراد السوريين يضم حوالي 30 ألف عنصر، يعد من أهم دوافع العملية العسكرية التركية في عفرين. والجدير بالذكر أنه كان في عفرين عدد من الجنود الروس، وعند انطلاق العملية التركية، اضطرت موسكو للانسحاب من هناك لحماية قواتها. وعلى خلفية ذلك، شعر الأكراد بالامتعاض واتهموها بالخيانة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأكراد حاولوا التحالف مع موسكو وواشنطن في نفس الوقت، أملا في الحصول على حكم ذاتي أو دولة مستقلة. كما تعاون جزء من القوات الكردية بشكل كبير مع واشنطن التي قطعت الكثير من الوعود التي لن تتمكن من الوفاء بها. ففي الواقع، لا يمكن لواشنطن تقديم حكم ذاتي إلى الأكراد، وإنما يعتمد ذلك بالأساس على سوريا وتركيا وإيران، بالإضافة إلى روسيا التي تعتبر حليف دمشق ومحرك العلاقات الثلاثية (سوريا-تركيا-إيران).

 

اقرأ أيضا: بعد عفرين.. هل تتجه العلاقات بين موسكو و"الوحدات" للقطيعة؟

 

وأوضحت الصحيفة أن موسكو عرضت على الأكراد الحكم الذاتي داخل سوريا وتحت سلطة دمشق. ولكن، فضل الأكراد الوعود الأمريكية، ما أثار غضب الأتراك ودفعهم إلى إطلاق عملية "غصن الزيتون". في الأثناء، لم توقف موسكو الأتراك لأنه ستكون لهذه العملية نتائج إيجابية تخدم المصالح الروسية.

وأفادت الصحيفة بأن أولى هذه النتائج تتمثل في إلغاء مكانية إنشاء دولة كردستان سوريا. ونظرا لأن الولايات المتحدة لا يمكنها مغادرة هذا الجزء من سوريا، فإنه لن يكون أمامها إلا التخلي عن خطط إنشاء جيش كردي كبير وإيجاد حلفاء لها في المنطقة. علاوة على ذلك، سيتم التحضير لخطوة أخرى نحو إخراج الولايات المتحدة من سوريا.

ثانيا، ستدفع العملية التركية الأكراد السوريين للتفاوض مع دمشق، فيما سيجبرهم التهديد التركي المستمر على البحث عن مكان لهم في سوريا. وبما أن دمشق وموسكو قادرتان على تقديم ضمانات أمنية للأتراك بخصوص الأكراد، فإن عملية إعادة سوريا الموحدة ستكون أسهل. أما ثالثا، فإن التنسيق المسبق بشأن هذه العملية بين موسكو وأنقرة، قد يساهم في تعزيز التفاعل بين البلدين.

وأوردت الصحيفة أن الطموحات الروسية لن تتحقق إلا في حالة واحدة وهي عدم تطور عملية "غصن الزيتون" لتصبح حربا كردية تركية طويلة الأمد. ولكن، في الوقت الراهن، يبدو أن خطط أنقرة لا تتضمن تأخير العملية ولا تصعيدها.

 

اقرأ أيضا:  دبابات عملية عفرين قد تكون سبب أزمة قادمة بين تركيا وألمانيا

 

وذكرت الصحيفة أهم النقاط بالنسبة لروسيا فيما يتعلق بعملية "غصن الزيتون"، لعل أبرزها؛ ضرورة استعادة سوريا كدولة موحدة دون وجود تدخل عسكري أجنبي، وتعزيز التفاهم والثقة المتبادلين في العلاقات الروسية التركية كأحد أهم نتائج انتهاء الحرب السورية، وضمان الأمن الداخلي لتركيا بعد استعادة سوريا.

وبينت الصحيفة أنه يجب أن تتحول علاقات الحلف الثلاثي بين تركيا وروسيا وإيران إلى ضمانة للسلام في سوريا، فضلا عن تعزيز موقف روسيا في المنطقة ككل. كما يجب على تركيا الابتعاد عن نطاق الولايات المتحدة والانفصال عن منظمة حلف شمال الأطلسي. ومن جهة أخرى، يجب أن يحصل الأكراد على حكم ذاتي محدود، إلى جانب بعض الضمانات، دون تقسيم سوريا.

وأكدت الصحيفة أن التحرك نحو تنفيذ هذه النقاط سيساعد روسيا على تعزيز موقفها في الشرق الأوسط، وتوطيد علاقات روسيا مع بعض بلدان المنطقة، كما سيعزز دورها كبلد قادر على حل النزاعات والصراعات الإقليمية. وبالتالي، يبدو جليا أنه لا غنى عن هذه العملية العسكرية في سبيل زيادة الوزن الجيوسياسي العام لروسيا في العالم الجديد متعدد الأقطاب.