صحافة دولية

صحيفة إيطالية: "غصن الزيتون" بمثابة حصار لواشنطن بسوريا

الأناضول
نشرت صحيفة" لي أوكي ديلا غويرا" الإيطالية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على الآثار السلبية لعملية "غصن الزيتون "على الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن تركيا تسعى من خلال عملية "غصن الزيتون" إلى طرد الأكراد من منطقة عفرين، لأن فكرة إقامة دولة كردية تخيف القيادة التركية، التي لا تقبل وجود عناصر كردية مسلحة على حدودها الجنوبية.

وتساءلت الصحيفة: ما هو مصير التواجد الأمريكي في سوريا على ضوء الهجوم الذي يتعرض له حلفاؤها من قبل الأتراك؟

في 14 كانون الثاني/ يناير، أعلنت واشنطن عن عزمها بدأ تدريب وحدة عسكرية مكونة من 30 ألف جندي أغلبهم من الأكراد، بهدف الدفاع عن الحدود السورية الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

وذكرت الصحيفة أن أردوغان سبق وأعلن أن الخطوة التالية لتركيا ستكون السيطرة على منطقة منبج الخاضعة لسيطرة الأكراد. وتجدر الإشارة إلى أن واشنطن قد سعت إلى تثبيت نفوذها في المنطقة من خلال نشر قواتها والوحدات التابعة لها في شمال سوريا، إلا أن ما حدث مؤخرا وضع القوات الأمريكية في موقف حرج للغاية.

وأضافت الصحيفة أن هذه العملية تعد بمثابة حصار على واشنطن في سوريا، ويعزى ذلك لأن قوات الولايات المتحدة تضم الأكراد. وفي افتتاحية له في صحيفة "هآرتس"، تساءل الكاتب الإسرائيلي زفي باريل كيف تتزامن هذه العملية مع وجود أنقرة في حلف الناتو.

وفي الوقت الراهن، تتعرض هذه القوات التي تتلقى الدعم من واشنطن، إلى القصف من قبل القوات التركية، على الرغم من أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي. ورغم معارضة تركيا، استعانت واشنطن بالأكراد للتصدي لنظام الأسد في مرحلة أولى، ولقتال تنظيم الدولة في مراحل متقدمة.

وبينت الصحيفة أن إنشاء قوات سوريا الديمقراطية قد يكون من العوامل التي تساهم في توسيع النفوذ الكردي في المنطقة. وفي الأثناء، تمكن الأكراد من بسط نفوذهم في محافظة الحسكة والرقة، حيث يتواجد مستشارون عسكريون أمريكيون في صفوف القوات الكردية. وفي ظل الهجوم الذي يتعرض له الأكراد في عفرين من قبل الأتراك، يستوجب على الولايات المتحدة أن تقدم الدعم لأكراد منبج ليتمكنوا من التصدي للأتراك حتى تضمن وجودها في سوريا.
 
وأوضحت الصحيفة أن علاقة تركيا ومواقفها من حلفائها كانت متقلبة. ففي سنة 2015، اتفقت تركيا مع واشنطن بخصوص دعم الميليشيات لقتال بشار، حيث قامت بإسقاط طائرة روسية بالقرب من حدودها مع سوريا. وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي جدت في تركيا، شهدت العلاقات الروسية التركية تحسنا؛ فقد ساهمت محادثات أستانا في تعزيز التقارب بين البلدين. ومن جهتها، أعربت أنقرة عن نواياها الصريحة في طرد الأكراد، في حين تغافلت عن الإطاحة بنظام الأسد.

في المقابل، يبدو أن الهجوم الذي يتعرض له حلفاء واشنطن في سوريا من قبل تركيا أثر سلبا على سياسة واشنطن الخارجية، وهو ما يعد هزيمة أخرى للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.  

كما أشارت الصحيفة إلى أن فرضية بقاء الأسد في سدة الحكم أمر لا مفر منه. فقد تمكنت قوات النظام السوري من استعادة 70 بالمائة من الأراضي السورية، مع العلم أن محافظة إدلب لا تزال إلى الآن خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة. ويرجع التقدم الذي أحرزه نظام الأسد في سوريا إلى الدعم الذي تلقاه من طرف إيران وروسيا وتركيا بعد محادثات أستانا. وقد شكل هذا التقدم تهديدا صريحا للتواجد العسكري الأمريكي في المنطقة.

ومن هذا المنطلق، أثار هذا التقدم عدة تساؤلات عما إذا كانت واشنطن ستواصل تقديم الدعم للأكراد أما أنها ستتخلى عنهم. وبما أن واشنطن قد أدارت ظهرها سابقا لأكراد العراق عندما سمحت للحكومة المركزية في بغداد باستعادة مدينة كركوك من قبضة القوات الكردية، فمن المحتمل أن تعيد السيناريو ذاته مع أكراد سوريا.

وأكدت الصحيفة أن عملية "غصن الزيتون" تعد بمثابة حصار على واشنطن في سوريا، خاصة في ظل الهجوم الذي يتعرض له حلفاؤها ما يشكل تهديدا على مصالحها، ويمكن أن يقضي على الوجود الأمريكي في المنطقة.