سياسة عربية

تونس تبدأ "إصلاحاتها الموجعة" برفع أسعار المحروقات و"الشحن"

الزيادات تأتي ضمن خطة حكومية لـ"الإصلاح الفوري" بهدف خفض العجز بميزانية الدولة- الأناضول

استقبل التونسيون أول يوم من سنة 2018، بزيادات رسمية في أسعار المحروقات، وأسعار بطاقات شحن الهواتف الجوالة، وسط مخاوف من زيادات أخرى مرتقبة في المواد الأساسية، وأسعار الكهرباء ومياه الشرب، وتحذيرات خبراء الاقتصاد من مزيد تدهور القدرة الشرائية للمواطن، وإثقال كاهله بالضرائب، ضمن حزمة إصلاحات "موجعة" ستنتهجها الحكومة؛ لتغطية العجز الذي تشهده ميزانية الدولة . 

 

إصلاحات فورية لتغطية عجز الميزانية


وأعلنت وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، في بلاغ رسمي عبر صفحتها على "فيسبوك"، عن أسعار البيع الجديدة للمواد البترولية، التي شهدت زيادة بـ50 مليم في سعر البنزين الخالي من الرصاص، ليصبح محددا بـ1800مليم عن اللتر الواحد، فضلا عن زيادات شملت الغازول الرفيع بـ50 مليم، وزيادة بـ300 مليم لسعر قوارير الغاز المنزلي.


كما شملت الزيادات أيضا بطاقات شحن الهواتف الجوالة لترتفع من 100 إلى 140 مليما.


فيما انهال بعض التونسيين بالتعليقات الساخرة والناقدة على الصفحة الرسمية لوزارة الطاقة التونسية على الفيسبوك؛ احتجاجا على الزيادات في أسعار المحروقات.

 

        


إصلاحات فورية لتغطية عجز الميزانية


وتأتي هذه الزيادات ضمن خطة حكومية لـ"الإصلاح الفوري"؛ بهدف خفض العجز في ميزانية الدولة، بحسب ما أكده المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة، رضا السعيدي، في تصريحات إعلامية.


وأشار السعيدي إلى أن الزيادات لن تقتصر على أسعار المحروقات، بل ستشمل بعض المواد الأساسية، كالخبز والشاي والقهوة والمياه، ضمن حزمة إصلاحات فورية؛ لتغطية العجز الحاصل في الميزانية.

 

وتواصلت "عربي21" مع الناطق الرسمي للحكومة التونسية إياد الدهماني، للتعليق على الزيادات في الأسعار، لكنه رفض الحديث عن هذا الموضوع.


سياسة النهش الجبائي


وفي هذا الإطار، أكد الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، في حديثه لـ"عربي21"، أن 2018 ستكون سنة الفشل الاقتصادي والاجتماعي في تونس، على حد وصفه. مؤكدا أن أسعار المواد الطاقية في تونس ستشهد خلال هذه السنة زيادات قد تصل لنسبة 30 بالمئة. 


وأعاز ذلك لسوء التصرف الحكومي وعجز المستشارين الاقتصاديين في حكومة الشاهد عن القيام بإصلاحات هيكلية؛ لفقدانهم الكفاءة في إدارة الأزمات.


وتابع :" نعيش في تونس 7 سنوات عجاف، وستشد الأزمة إلى السنة الحالية، مع قيام الحكومة بتعويم الدينار التونسي منذ شهر نيسان/ أبريل 2016، ليفقد قيمته، وهو ما سينعكس سلبا على فاتورة التوريد التي ستشهد زيادات، وهو ما سيساهم في ارتفاع الجرائم الاقتصادية، وينعش تجارة التهريب".


وشدد على أن التصنيف الأخير لوزراء المالية في الاتحاد الأوروبي لتونس، باعتبارها ملاذا ضريبيا آمنا، للتستر على الجرائم المالية، وعلى مستوى عدم احترامها لمعايير المخاطر المالية، كلها تصنيفات مفزعة، على حد قوله.


ونبه في السياق ذاته إلى خطورة ارتفاع نسبة الضغط الضريبي على التونسيين إلى 59.5 بالمئة ،مقارنة بمعدلات الأجور، حيث تحتل تونس المرتبة 17 من جملة 134 دولة، بحسب تصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي لسنة 2017 ، وأضاف: "من المفارقات هنا أن تونس أضحت جحيما ضريبيا على المواطنين التونسيين، وملاذا ضريبيا آمنا لكبار المهربين وأصحاب الشركات الوهمية".


وخلص إلى القول بأن الحكومة التونسية تمارس سياسة "النهش والسحل الجبائي" تجاه المواطنين، محذرا من تدهور المقدرة الشرائية لدى المواطن بنسبة 25 بالمئة، مع زيادة مرتقبة لأسعار الخضر والغلال بنسبة 15 بالمئة، والمواد الغذائية بنسبة 20 بالمئة، وهو ما من شأنه أن يزيد في اتساع الهوة بين الطبقة المتوسطة والبورجوازية في تونس، ويزيد في حدة الاحتقان الاجتماعي.


عجز تجاري غير مسبوق


يشار إلى أن البنك المركزي التونسي قد أعلن، الخميس الفارط، عن ارتفاع غير مسبوق للعجز التجاري للبلاد حتى نهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، ببلوغه 14.362 مليار دينار -5.82 مليارات دولار- مقابل 11.628 مليار دينار في الفترة ذاتها من سنة 2016، وعزا البنك المركزي هذه الزيادة القياسية إلى ارتفاع نسبة الواردات إلى 19.2 بالمئة.