صحافة دولية

بيلد: هل تطيح موجة الاحتجاجات الإيرانية بنظام الملالي؟

روحاني خامنئي - إرنا
نشرت صحيفة "بيلد" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن الاحتجاجات التي اندلعت في كامل أنحاء إيران منذ الخميس الماضي ضد نظام الملالي الذي يحكم البلاد، على خلفية ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وقد انطلقت أولى الاحتجاجات من مدينة مشهد، التي تعد ثاني أكبر مدن إيران.
 
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رقعة الاحتجاجات اتسعت لتشمل مدينة طهران وبقية المدن. وفي الأثناء، كان المتظاهرون يرفعون شعارات تطالب بإسقاط النظام الديكتاتوري وإطلاق سراح المساجين السياسيين. وعلى الرغم من التصريحات التي أفادت بها الحكومة الإيرانية والتي حذرت من خلالها من مغبة تواصل الحركات الاحتجاجية واعتقال عدد من المتظاهرين، استمرت موجات الاحتجاج يوم السبت أمام جامعة طهران.
 
وأفادت الصحيفة أنه وفقا لبعض شهود العيان، انتشرت الوحدات الأمنية الخاصة في كافة شوارع العاصمة الإيرانية طهران وخاصة في وسط المدينة وأمام جامعة طهران وتم إغلاق محطات المترو. وواجهت القوات الأمنية المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع والعصي. ووفقا للسلطات الإيرانية، أسفرت التحركات الاحتجاجية عن مقتل شخصين في مدينة دورود بغرب البلاد.
 
وأفادت الصحيفة أنه منذ اندلاع الثورة الإيرانية خلال سنة 1979، تولى نظام الملالي الإسلامي دواليب الحكم في إيران منتهجا سياسة قمعية ضد معارضيه. وخلال سنة 2009، تظاهر ملايين الإيرانيين طيلة شهر احتجاجا على تزوير الانتخابات من قبل النظام الحاكم، وذلك في إطار ما يسمى "بالتحرك الأخضر الإيراني".
 
في ذلك الوقت، أمر النظام الإيراني بقنص المتظاهرين بالرصاص مما أدى إلى مقتل العشرات من المتظاهرين، واعتقال الآلاف منهم. وما يثير للاستغراب حقا هو أن الدول الغربية لم تتدخل لوقف حمام الدم. وفي نهاية المطاف، نجح النظام الإيراني في إخماد الغضب الشعبي. 
 
وذكرت الصحيفة على لسان الخبير في شؤون الشرق الأوسط، توماس أوستين ساكين، أن الموجة الاحتجاجية الحالية طالبت منذ البداية بإسقاط النظام الملالي في إيران، والانسحاب من الحرب السورية. ومن جهتها، تبدو الحكومة الإيرانية في حالة توتر خاصة وأنها حققت انتصارا في منطقة الشرق الأوسط على المستوى الجيوإستراتيجي".
 
وأردف أوستين قائلا إنه "لا يمكن أبدا أن نغفل عن عدم تمتّع الحكومة الحالية في إيران بشعبية كبيرة. وإذا ما استمرت الاحتجاجات على هذا المنوال، بغض النظر عن القمع المستمر، فإن الوضع في الشرق الأوسط سيتغير بأكمله بسبب هذه الاحتجاجات. ويرجع ذلك إلى تمتّع إيران بنفوذ قوي في المنطقة".
 
وأضافت الصحيفة أن كايل أورتون، الخبير السياسي في شؤون الشرق الأوسط لدى مؤسسة "هنري جاكسون" البحثية البريطانية، يرى أنه وفقا لمبدأ توازن القوى وما كانت تعده الحكومة الإيرانية طوال السنوات الماضية من أجل التصدي لأي اضطرابات سياسية تحدث في البلاد، فإن تلك المظاهرات الحالية سيتم قمعها باستعمال القوة المفرطة.
 
وأوضحت الصحيفة أنه لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور في مثل هذه الاحتجاجات. قال أورتون إن "هذه الاحتجاجات تنتشر بسرعة كبيرة في جميع أرجاء البلاد، حيث تزداد مطالب المتظاهرين يوما بعد يوم، حتى أصبحت في الوقت الراهن تطالب بإسقاط الجمهورية الإسلامية برمّتها".
 
ونقلت الصحيفة عن الناشطة الإيرانية المعارضة في منتدى الشرق الأوسط للحريات ببرلين، فتحية نجيب زاده، قولها إن النظام يحاول احتواء حجم الاحتجاجات. 

في هذا السياق، صرحت زاده أن "الحكومة تحاول أن تبين أن الدوافع الاقتصادية هي التي تقف وراء هذه الاحتجاجات، على الرغم من أن جميع الشعارات المرفوعة خلالها هي شعارات سياسية بالأساس".
 
وأضافت زاده أن "النقطة الحاسمة في هذه الاحتجاجات تتمثل في كوْن مختلف التيارات المعارضة للأوضاع الاقتصادية أو لاضطهاد المرأة أو المعارضة السياسية، توحّدت شعاراتها السياسية، وألقت اللوم مباشرة على الزعيم الديني لدولة إيران الثيوقراطية، آية الله علي خامنئي".
 
وأكدت الصحيفة أن المحتجين في مدينة "قم"، قاموا برفع شعارات مناهضة للنظام الملالي، كما ظهرت شعارات أخرى مناهضة لحزب الله اللبناني، الذي يعتبره الكثيرون السبب الرئيسي في الوضع الاقتصادي المُزري لإيران، فضلا عن أنه يمثل السياسة التوسعية لطهران في كل من سوريا وغزة ولبنان فضلا عن أماكن أخرى.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت تضامنها مع المحتجين. وفي هذا السياق، طالب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الحكومة في طهران باحترام رأي الشعب، وتوجه إلى نظام الملالي في إيران قائلا إن "العالم يراقبكم". ومن جانبها، التزمت أوروبا الصمت وعدم التعليق على الاحتجاجات.
 
وأبرزت الصحيفة انتقاد أوستين ساكين لموقف أوروبا حتى الآن على هذه الاحتجاجات، حيث صرح أنه "يجب على الحكومات الغربية أن تعلن عن دعمها للمتظاهرين، الذين يطالبون بحقهم في العيش داخل بلد يحكمه نظام ديكتاتوري".
 
وفي الختام، أكدت الصحيفة على لسان أورتون أنه سيتم توجيه أصابع الاتهام للغرب بافتعال هذه الاضطرابات، وبالتالي من الأفضل للغرب أن يتخذ موقفا واضحا، وألا يظل صامتا. وأردف أورتون قائلا إن "تردد أوروبا يعد حتى الآن دليلا على أن مصالحها مع النظام الدكتاتوري الإيراني أهم من مبادئها".