ملفات وتقارير

ما أسباب توجه وفدي حماس وفتح إلى القاهرة بشكل مفاجئ؟

محللان سياسيان يوضحان خيارات مصر في حال أفشلت السلطة المصالحة- جيتي

زادت تصريحات كل من حكومة الحمدالله وحركة حماس السبت، في وتيرة التهديدات التي تعصف بمواصلة تنفيذ المصالحة الفلسطينية، لا سيما في ظل مطالبة الأخيرة حكومة الحمدالله بالاستقالة في حال لم ترفع العقوبات عن قطاع غزة، وسبقها تصريحات شديدة اللهجة لقياديين في حركة فتح أظهرت حجم الفجوة في تفسير التفاهمات المتفق عليها في القاهرة مؤخرا.


ورغم إرسال مصر وفدا أمنيا رفيعا من مخابراتها إلى قطاع غزة الأسبوع الماضي لمتابعة تطبيق المصالحة وتذليل المعوقات التي تقف أمامها؛ إلا أن زيادة اتساع الفجوة بين حركتي حماس وفتح دفع مصر إلى دعوتهم بشكل مفاجئ للحضور إلى القاهرة.

 

 

هناك محاولة لإنقاذ المصالحة بعد أن أوشكت الجهود على التعثر نتيجة التصريحات الإعلامية "المسمومة" من قبل شخصيات وازنة في السلطة

 


وانتهت جلسة النقاشات الأولى بينهما أمس السبت ولم تظهر أي نتائج في ظل تكتيم إعلامي لمجريات المحادثات، فيما تستمر الجلسة الثانية في القاهرة الأحد، بين وفدي الحركتين بحضور الراعي المصري.


وعلى ضوء المعطيات السابقة تحدثت "عربي21" مع محللين سياسيين للتعرف على أسباب الزيارة المفاجئة، ومسار المصالحة خلال الأيام القادمة، والخيارات التي تمتلكها مصر في حال وصلت هذه المحادثات إلى طريق مسدود بين حركتي حماس وفتح- التي تترأس رئاسة السلطة الفلسطينية.


بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية هاني البسوس أن هناك محاولة لإنقاذ المصالحة بعد أن أوشكت الجهود على التعثر نتيجة التصريحات الإعلامية "المسمومة" من قبل شخصيات وازنة في السلطة، إلى جانب عدم رفع العقوبات عن قطاع غزة إلى هذه اللحظة، إضافة للتأخر في موعد تطبيق الخطوات المتفق عليها زمنيا.

 

اقرأ أيضا: عزام الأحمد: غزة طائرة مخطوفة ومقتنع بقطع الهواء عنها (شاهد)


وأوضح البسوس في حديث خاص لـ"عربي21" أن ذلك استدعى توجيه الدعوة المصرية بشكل عاجل لوفدي حماس وفتح، لبحث نقاط الخلاف والإسراع في التطبيق العملي لما تم الاتفاق عليه في الماضي.


وأشار البسوس إلى أن مصر كونها الراعي الأساسي للمصالحة تحاول دفع حركتي فتح وحماس لتطبيق الاتفاق، معتبرا أن "حوارات القاهرة خلال هذين اليومين مهمة جدا لأجل تحديد الموقف القادم".


وشدد على أن الخلاف حول "تمكين الحكومة" لم يكن مرسوما له وفق الاجتماعات التي كانت محددة بأجندة معينة، معتقدا أن اجتماع الفصائل في القاهرة الأخير ساهم في تأجيج الأوضاع نسبيا وتعكير الأجواء العامة للمصالحة التي أوشكت على التوقف خلال الأسبوع الماضي.

 

 

إن مصر "أمامها خيارين في حال فشلت المصالحة؛ الأول العودة إلى تفاهمات دحلان، والثاني هو إمكانية إبقاء الوضع على ما هو عليه مع تشكيل إدارة للقطاع بتنسيق مصري كامل مع الجهات التي ستعمل في القطاع"

 


ورأى أن ما يحدث في القاهرة سيكون "حسما" لما يتعلق بملف تمكين الحكومة في قطاع غزة بعد تمديد موعد تمكينها حتى العاشر من الشهر الحالي، مرجحا أن "يتم فتح باقي الملفات للعمل عليها بشكل متواز لإنقاذ العملية بشكل كامل من قبل مصر، كونها معنية بإنجاح المصالحة لأسباب سياسية كثيرة".


وحول خيارات مصر في حال فشلت المصالحة، قال أستاذ العلوم السياسية إن "أمامها خيارين؛ الأول العودة إلى التفاهمات التي تمت مع القيادي في فتح محمد دحلان، والثاني هو إمكانية إبقاء الوضع على ما هو عليه، مع تشكيل إدارة للقطاع بتنسيق مصري كامل مع الجهات التي ستعمل في القطاع".


وأكد البسوس أن "مصر مهتمة في تأمين حدودها مع قطاع غزة، وستعمل ليكون هناك تفاهم مع أي جهة تعمل في القطاع"، مرجحا خيار العودة لتفاهمات دحلان على الخيار الثاني.

 

اقرأ أيضا: حماس تدعو الحكومة لرفع العقوبات عن غزة أو الاستقالة


واستدرك بقوله: "لكن ستبقى مصر تعمل بكل جهدها لأجل إنجاح المصالحة بين حماس والسلطة، وتبقى الخيارات الأخرى على الطاولة في حال الفشل النهائي"، لافتا إلى أن الأمور صعبة في ما يتعلق بكل الملفات وخاصة ملفي الأمن ومنظمة التحرير.


ونوه البسوس إلى أن "حماس ستتماشى إلى أبعد الحدود مع المتطلبات المصرية، والسلطة ليست معنية كثيرا بالمصالحة لكنها متخوفة من توجه مصر إلى دحلان، وهذا ما يقلق محمود عباس الذي يحاول أن يعطي بعض التنازلات في سبيل عدم السماح لدحلان بعقد أي تفاهمات مع حماس".


من جهته، اعتبر المحلل السياسي إبراهيم المدهون أن "هذه الزيارة ليست مفاجأة وهي في الإطار الطبيعي في حراك المصالحة المستمر، الذي تمخض عنه الكثير من اللقاءات".


ورأى المدهون في حديث خاص لـ"عربي21" أن "هناك سوء فهم وتقديرا متبادلا للتفاهمات التي حدثت وكان لزاما تدخل الراعي الرئيسي لهذه المصالحة"، مؤكدا أنه "لا أحد يستطيع التكهن بنتائج هذه الجولة، لكن إذا نجح الراعي المصري في تقليص الهوة بين الطرفين فسينعكس ذلك على المصالحة الفترة القادمة".

 

 

مصر معنية بإنجاز المصالحة ولن تقبل لأي طرف أن يفشلها، وستبذل مجهود كبير للمحافظة على الأقل على لغة الحوار الموجودة

 


وأضاف المدهون أنه "في حال استمر الوضع على ما هو عليه فإن المصالحة ستتآكل وسيبدأ البحث عن طرق بديلة"، مشددا على أن جميع الأطراف لا تستطيع تحمل خسران أو فشل المصالحة.


وذكر أن "مصر معنية بإنجاز المصالحة ولن تقبل من أي طرف أن يفشلها، وستبذل مجهودا كبيرا للمحافظة على الأقل على لغة الحوار الموجودة"، متابعا بقوله: "كما أن حماس غير معنية بالعودة إلى الوراء وأيضا فتح لا تريد قطع الشعرة الأخيرة مع قطاع غزة".


وعاد المدهون إلى القول إن "فشل المصالحة يعني التفكير بتشكيل إدارة وطنية تشارك فيها كل الفصائل بما فيها تيار محمد دحلان"، لافتا إلى أن "وجهات نظر الفصائل في المرحلة الحالية باتت متقاربة باستثناء السلطة وفتح، وهذا يعطي احتمالية مشاركة الفصائل إذا ما تلقت دعما ورعاية مصريين في أي ترتيبات جديدة".


وأكد على أهمية عدم رفع السقف نظرا لفجوة المفاهيم بين حركتي حماس وفتح، موضحا أن السلطة تنظر إلى المصالحة بعلى أتها لتمكينها من إعادة السيطرة على غزة، فيما ترى "حماس" أن المصالحة شراكة وطنية لترتيب البيت الفلسطيني.