كتاب عربي 21

استطلاعات الرأي في ظل النظم الاستبدادية

1300x600

قبل أيام؛ خرجت إلينا نتائج استطلاع للرأي أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة)؛ حول مدى رضا المصريين عن الأداء العام في الدولة، ليزعم أن 55 في المئة من المصريين راضون عن الأداء العام.

وزعم المركز أن نسبة الرضا عن أداء الدولة ترتفع بالريف لنسبة 58 في المئة مقابل 51 في المئة في الحضر، بينما يعانى سكان الريف أكثر من نقص الخدمات، خاصة انقطاعات مياه الشرب، وسوء حالة الطرق الترابية، وغياب الصرف الصحي، وغيرها، مع ارتفاع أسعار السلع بالريف عنها بالمدن.

ومن النتائج غير الواقعية؛ الزعم أن نسبة 54 في المئة راضون عن خدمات الصرف الصحي، بينما أشارت بيانات جهاز الإحصاء الرسمي، منذ أسابيع قليلة، إلى أن نسبة 41 في المئة من المباني تتصل بالصرف الصحي، وأن تلك النسبة تنخفض بالريف إلى 25 في المئة.

وكذلك الأمر بالنسبة لبلوغ نسبة الرضا عن خدمات التلفون المحمول 72 في المئة، رغم الشكوى العامة من ارتفاع أسعار خدماتها مؤخرا بنسبة 30 في المئة، والرضا بنسبة 67 في المئة عن تعامل الأمن مع المواطنين، رغم ما حدث من تعديات من ضباط شرطة وأمناء شرطة على العديد من المواطنين بمحافظات عدة.. والزعم برضا 61 في المئة عن حرية الرأي والتعبير، رغم إعلام الصوت الواحد واعتقال الصحفيين والإعلاميين.. والزعم بالرضا عن العلاقات الخارجية بنسبة 79 في المئة، رغم استهجان كثير من المصريين لقاء الجنرال مع نتنياهو، واختلاف البعض حول أسلوب التعامل مع الأزمة الليبية؛ الذي ألحق الضرر ببعض المصريين الموجودين هناك، وكذلك طريقة التعامل مع تركيا وقطر..

عينة محدودة لا تمثل 95 مليون

ولقد كشفت طريقة إجراء الاستطلاع من خلال التلفون الثابت والمحمول، لعينة بلغت حوالي 534 شخصا؛ عن سبب رئيسي لتلك النتائج، حيث تأثر المبحوثون بالجو العام الخانق للحريات، خلال إجاباتهم، خشية أن تصل إجاباتهم لأجهزة أمنية أو سيادية يمكن أن تلحق الضرر بهم، خاصة وأنهم يسمعون عن القبض على مواطنين لمجرد نشر آرائهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وما حدث لنماذج كثيرة لشخصيات لها وزنها، مثل المستشار هشام جنينه، رئيس جهاز المحاسبات المعني بمحاربة الفساد، حين ذكر رقما لحجم الفساد لم ترض عنه السلطات؛ فتمت الإطاحة به، وعندما كتبت ابنته رأيها على صفحات فيسبوك تم عزلها من عملها القضائي.

أيضا لا يمكن الوثوق بالاستطلاعات التى تتم من خلال الإنترنت، حيث توجد كتائب أمنية جاهرة للتأثير على النتائج النهائية لتلك الاستطلاعات، منذ عهد مبارك، مع الاستفادة بالنموذج الروسي في هذا الصدد.

وهكذا، لا يمكن الثقة في نتائج استطلاع للرأي في ظل نظام استبدادي، يمنع أي إعلامي من مجرد استطلاع رأي الناس عن الأسعار في أي سوق شعبي، حيث يتم اصطحابه من قبل المخبرين إلى قسم الشرطة حتى تتضح هويته.

 

لا يمكن الثقة في نتائج استطلاع للرأي في ظل نظام استبدادي، يمنع أي إعلامي من مجرد استطلاع رأي الناس عن الأسعار

ورغم وجود عدد من مراكز استطلاع الرأي في مصر، إلا أنها متقطعة النشاط. فهناك مركز لبحوث الرأي العام بجامعة القاهرة منذ عام 1980، لكن نشاطه المحدود ركز على التعاون مع اتحاد الإذاعة والتلفزيون لاستطلاع الجمهور بمسلسلات شهر رمضان.

سجل حافل لضعف المصداقية للمراكز

وهناك مركز لاستطاع الرأي العام بمركز معلومات مجلس الوزراء، وقام بالعديد من الاستطلاعات التلفونية بفترة مبارك، وكانت نتائج استطلاعاته مسيسية، مما أفقده المصداقية، كما توجد وحدة للاستطلاعات الرياضية بمركز البحوث الرياضية بوزارة الشباب.

 

رغم وجود عدد من مراكز استطلاع الرأي في مصر، إلا أنها متقطعة النشاط

وقامت وحدة للرأي العام بمركز الدراسات السياسة بمؤسسة الأهرام بثمانية استطلاعات للرأي؛ في الفترة السابقة على الانتخابات الرئاسية عام 2012، كانت نتائجها تشير لتصدر المرشح عمرو موسى وعمر سليمان قبل استبعاده، وحظي المرشح محمد مرسى بنسبة ضئيلة.

كما قام مركز بصيرة بست استطلاعات للرأي في تلك الفترة، قبيل الانتخابات الرئاسية، كان نصيب المرشح محمد مرسى نسب تراوحت ما بين 5,1 % إلى 9 في المئة بآخر استطلاع، ليجيء بالمركز الخامس.

ومؤخرا، ظهر مركز جديد خاص ترأسه أستاذة جامعية سبق لها الإشراف على نتائج استطلاعات للرأي بفترة سطوع نجم جمال مبارك، حصل فيها الحزب الوطني على نتائج عالية من القبول الشعبي المزعوم.

 

يحتاج اجراء استطلاع للرأي إلى موافقة مسبقة من جهاز الإحصاء، والذي يمررها بدوره على الأجهزة الأمنية

وهكذا، فإن الموافقة على وجود مثل تلك المراكز تتعلق بالأمن في وقت يتم فيه حجب المواقع الإعلامية التي لا تروق للنظام، وكذلك يحتاج اجراء استطلاع للرأي إلى موافقة مسبقة من جهاز الإحصاء، والذي يمررها بدوره على الأجهزة الأمنية.

ورغم حاجة المجتمع إلى بحوث استطلاعات المستهلكين للسلع المختلفة، سواء الغذائية أو السلع المعمرة، والتي تحتاج إليها الشركات المنتجة بشكل مستمر؛ حتى تحافظ على حصتها بالسوق وتسعى لزيادة نصيبها منه، إلا أنها نادرة الحدوث.