مقالات مختارة

موقف الإماراتيين تجاه قطر

1300x600
كشف استطلاع رأي أجري من قبل شركة تجارية إقليمية رفيعة الشأن، عن وجود فجوة كبيرة بين موقف القيادة الإماراتية من جهة، والشعب الإماراتي من جهة أخرى، فيما يتعلق بالأزمة مع قطر، وهذا بدوره ربما يفسر عدم تسامح القيادة الإماراتية من أي تعبير شعبي أو حتى فردي للتعاطف مع قطر.. فقد أدخلت السلطات الإماراتية تشريعا يُجرم أي شخص إماراتي أو مقيم على أرض الإمارات في حال أظهر تعاطفا أو تفهما للموقف القطري.

الاستطلاع شمل عينة من ألف شخص وعن طريق إجراء مقابلات شخصية، وهو طريقة تفضي إلى نتائج تقارب الواقع بدرجة عالية، لذلك يمكن الاعتماد على هذا الاستطلاع للتوقف على حقيقة الرأي العام الإماراتي المُصادر والمُكبل بقوانين وحملة إعلام تستند إلى التضليل والفبركة في بعض الحالات. فالشعب الإماراتي أكثر فهما من قيادته لضرورة التوصل إلى حل وتسوية لأزمة كان بالإمكان تجنبها.

فالتسوية مع قطر على سبيل المثال تنال تأييدا شعبيا كبيرا، إذ أفاد ما يقارب من 72 بالمئة التوصل إلى تسوية بحيث تقوم جميع الأطراف (وليس قطر لوحدها)، بتقديم تنازلات تضمن نجاح التسوية. أما فيما يتعلق بمقاطعة قطر فهناك انقسام في الموقف الإماراتي إذ عبر 46% بالمئة من العينة الممثلة للشعب الإماراتي بأنها تعارض المقاطعة المفروضة على قطر.

وحتى في قضية الموقف من الإخوان المسلمين، نجد موقف الإماراتيين أقرب إلى موقف الحكومة القطرية منه إلى الإماراتية، فمن القضايا العالقة بين طرفي الأزمة، ترى دول الحصار أن قطر هي من يدعم حركة الإخوان المسلمين وأن هذا الدعم هو سبب كاف للاستمرار بالمقاطعة. اللافت أن 44% من الشعب الإماراتي يوافق مع العبارة التالية: "يحق لكل دولة عربية أن تختار بنفسها أي جماعات سياسية ودينية تريد أن تأويها وتدعمها بصرف النظر عن آراء الآخرين". وهذا بالضبط هو موقف الحكومة القطرية التي تصر دائما وفي كل محفل بأنها تدافع عن استقلالها وقرارها السيادي.

وعلى نحو لافت، أفاد نحو 90% من الإماراتيين السنة بأن لهم نظرة إيجابية نوعا ما لجماعة الإخوان المسلمين.

وبهذا المعنى فإن محاولة القيادة الإماراتية لي ذراع قطر وإجبارها على إخضاع تحالفاتها وسياساتها الخارجية لمتطلبات السياسة الإماراتية هي محاولة مرفوضة ليس فقط من القطريين ولكن أيضا من قبل نصف الشعب الإماراتي.

انحياز ما يقارب من نصف الشعب الإماراتي للموقف القطري هو هزيمة كبيرة بتقديري للموقف الرسمي الإماراتي الذي يبدو أنه منفصل عن واقع تطلعات ومواقف الشعب الإماراتي. والراهن أن الحملة الإعلامية الكبيرة التي تقودها الإمارات لشيطنة قطر ومواقفها لا تؤتي أكلها، بدليل تقارب موقف الشعب الإماراتي مع موقف الشعب القطري في تفهم موقف قطر الرسمي من الأزمة.

بتقديري إن قطر أدارت علاقاتها بشكل متوازن، فهي مثلا لم تستهدف الخليجيين المقيمين على أراضيها ولم تمنع مغادرتهم القسرية وتركت لهم الباب مفتوحا لهم ما خلق حالة من التعاطف مع الموقف القطري، وهذا على العكس من موقف السعودية والإمارات والبحرين مثلا، فكان ما كان من طرد قطريين ومن إجبار رعاياهم المقيمين في قطر على مغادرة قطر بصرف النظر عن حجم الخسائر النفسية والمالية المترتبة على هذا القرار.

لا أود أن أجازف وأقدم قراءة لموقف الرأي العام السعودي مثلا حيال الأزمة، فالسعودية لا تسمح بإجراء استطلاعات رأي، إذ تزعم الحكومة السعودية بأن موقفها الرسمي حيال قطر هو موقف السعوديين بشكل عام، وهذا الادعاء لا يستقيم مع التضييق على الحريات وما يكتبه جمال خاشقجي على سبيل المثال.

الشرق القطرية