ملفات وتقارير

مقتل أكثر من 160 مصريا في أسبوعين.. أي دور للنظام؟

أعلن تنظيم الدولة أنه قتل في هجوم رفح الجمعة الماضي أكثر من 60 جنديا مصريا- تويتر
"طول ما الدم المصري رخيص.. يسقط يسقط أي رئيس".. كانت هذه العبارة من أشهر الهتافات التي يرددها المصريون بعد أي حادث يسقط فيه عدد قليل من الضحايا في أعقاب ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، لكنهم لم يتوقعوا أن يأتي يوم ويصبح القتل فيه أمرا معتادا كما يحدث حاليا.

وشهدت الأيام الأخيرة تصاعدا غير مسبوق، حيث قتل أكثر من 160 مصريا خلال أسبوعين فقط من الشهر الجاري، سواء في مواجهات بين الأجهزة الأمنية والجماعات المسلحة، أو عمليات تصفية للمعارضين، أو محاولات للهجرة خارج البلاد.

تصاعد العمليات الإرهابية

وعلى الرغم من تجييش قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي مؤسسات الدولة لمحاربة "الإرهاب"، إلا أن العمليات المسلحة تصاعدت وأصبحت أكثر جرأة، بحسب مراقبين، وكان آخرها استهداف أحد التمركزات الأمنية جنوبي رفح، الجمعة الماضي، والذي أسفر عن مقتل 26 جنديا من القوات المسلحة، و40 مسلحا، بحسب الرواية الرسمية، وأكثر من 60 جنديا وخمسة مسلحين، وفق بيان تنظيم الدولة الذي تبنى العملية.

وفي اليوم ذاته؛ قتل مسلحون مجهولون بالرصاص ضابطا بالأمن الوطني أمام منزله بمحافظة القليوبية، وقبله بيوم أُصيب مجند في تمركز أمني بالجيزة، فيما لقي ضابطا جيش متقاعدان وجندي مصرعهم بهجوم مسلح في 5 تموز/ يوليو بالجيزة أيضا.

التصفية الجسدية

وفي سياق متصل؛ تشهد مصر منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013 عمليات تصفية جسدية خارج إطار القانون للعشرات من معارضي النظام والمختفين قسريا، على يد الأجهزة الأمنية من الجيش والشرطة، بزعم انتمائهم لتنظيمات إرهابية، لكنها تصاعدت بشدة في الأيام القليلة الماضية، ليؤكد النظام إصراره على إهدار دم معارضيه، بحسب مراقبين.

وكانت وزارة داخلية الانقلاب قد أعلنت الأربعاء قتل شخص بالقاهرة قالت إنه أحد كوادر حركة "حسم" المسلحة، كما أنها قتلت شابا آخر يوم الثلاثاء الماضي في طريق "الفيوم - القاهرة"، وقتلت ستة أشخاص الاثنين الماضي بمحافظة أسيوط، زاعمة أنهم ينتمون لتنظيم الدولة. 

وفي يوم السبت الماضي؛ قامت داخلية الانقلاب بتصفية 14 معارضا بمحافظة الإسماعيلية، وأعلنت أنهم على صلة بهجوم رفح، كما أنها قتلت شخصين آخرين بمدينة 6 أكتوبر بالجيزة، ثبت فيما بعد أنهما مختفيان قسريا منذ عدة أشهر.

الموت على طريق الهجرة

ولم يتوقف نزيف الدم المصري على الهجمات المسلحة أو التصفية الجسدية، بل شمل أيضا مصرع عشرات الشبان أثناء محاولتهم الهجرة إلى ليبيا، حيث أعلن الهلال الأحمر الليبي، السبت الماضي، العثور على جثث 48 مصريا ماتوا عطشا في الصحراء قرب مدينة طبرق.

وأكدت السلطات الليبية أن الحكومة المصرية لم تقدم لها أي مساعدة لتسلم جثث الضحايا، بينما أعلنت خارجية الانقلاب أنها تتابع الموقف مع الجانب الليبي، وستتخذ الإجراءت اللازمة لعودة جثث الضحايا والتعرف على هوياتهم.

كابوس 

وتعليقا على هذه الحوادث المتتالية؛ قال أستاذ العلوم السياسية، عبدالخبير عطية، إن هناك "فشلا أمنيا ومعلوماتيا واضحا من جانب الجيش والشرطة؛ تسبب في تعرض البلاد لهجمات إرهابية متتالية منذ سنوات في معظم المحافظات، وخاصة سيناء".

وأضاف لـ"عربي21" أن "مقتل المئات من جنود الجيش والشرطة والمدنيين لم يكن كافيا على ما يبدو حتى يتعلم النظام كيف يسيطر على الأوضاع، ويوقف هذا الكابوس الذي نعيشه منذ أكثر من أربع سنوات".

وتابع عطية: "تحت مزاعم الحرب على الإرهاب؛ تم تجريف الحياة السياسية، واتباع سياسة الصوت الواحد، حيث أصبح صوت الرئيس فقط هو المسموع، واعتبر أي صوت مخالف له خائنا وعميلا، الأمر الذي انعكس سلبا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ودفع عددا كبيرا من الشباب للهجرة خارج البلاد، حتى لو تعرضوا لخطر الموت أثناء محاولتهم الفرار إلى المجهول، هربا من واقع مزر في مصر".

حرب غير مسبوقة

من جانبه؛ قال أستاذ العلوم السياسية، مصطفى كامل، إن مصر تشهد "حربا إرهابية" لم يسبق لها مثيل، مؤكدا أن "الجيش والشرطة يدفعان ثمنا باهظا من أبنائهما في هذه الحرب، التي تقودها دول تسعى لتفتيت الجيش المصري".

وأكد كامل في تصريحات لـ"عربي21" أن مقتل عدد كبير من الشبان خلال فترة وجيزة؛ هو بسبب "تكثيف الإجراءات الإرهابية ضد مصر"، لافتا إلى أنه "من الممكن أن يكون هناك تقصير أمني، وخاصة في سيناء، وغموض ونقص في المعلومات حول طريقة إدارة المعارك، وطبيعتها في هذه المنطقة المشتعلة".

وأشار إلى أن "الأجهزة الأمنية تزيد من بطشها تحت مبرر القضاء على الاٍرهاب، الذي يتم اتخاذه أيضا كذريعة لتصفية متهمين واعتقال آلاف الأشخاص"، مبينا أن "هذه الأوضاع تؤثر على حالة الشباب، وتدفعهم إلى السفر للخارج، أو الهجرة غير الشرعية؛ بعدما فقدوا أسس الحياة الطبيعية في بلادهم".