بورتريه

تبون "المفاجأة".. رجل بوتفليقة في لعبة تدوير السلطة

عبد المجيد تبون - عربي21
أحد أبرز رجالات النظام الجزائري.

ظهر في السنوات الأخيرة كرجل ثقة بالنسبة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

احتل المشهد الإعلامي منذ عدة سنوات لارتباطه بقطاع الإسكان، أهم قطاع بالنسبة للجزائريين الذي أداره لأكثر من سبع سنوات في حكومات مختلفة.

على نحو مفاجىء تماما عين الرئيس الجزائري بوتفليقة، عبد المجيد تبون، وزيرا أول وكلفه بتشكيل الحكومة، خلافا للتوقعات التي ذهبت إلى إعادة تكليف عبد المالك سلال بشكيل الحكومة الجديدة، بالنظر لتوليه قيادة أحزاب الأغلبية الحاكمة في الحملة الانتخابية التي جرت الأول من شهر أيار/ مايو الجاري.

وسائل الإعلام الجزائرية رأت في تعيين تبون مراوغة سياسية من بوتفليقة الذي أعطى الانطباع بتجديد ثقته بسلال، بعدما كلفه بإجراء مشاورات سياسية مع قادة أحزاب سياسية للمشاركة في الحكومة.

عبد المجيد تبون، المولود عام 1945، بالمشرية ولاية النعامة جنوب غريي الجزائر، وخريج المدرسة الوطنية للإدارة، في الاقتصاد والمالية عام 1965، كان وزيرا منتدبا بالجماعات المحلية بين عامي 1991 و1992، وهي الفترة التي عرفت فيها الجزائر الانقلاب على "الجبهة الإسلامية للإنقاذ".

وسبق له أن شارك في عدة حكومات جزائرية، وعين وزيرا للسكن والعمران عام 1999، وشغل منصب وزير للاتصال عام 2000.

وعاد لوزارة السكن والعمران بين عامي 2001 و2002، وهو نفس المنصب الذي تبوّأه منذ عام 2012، قبل أن يتم تكليفه بمهام وزير التجارة بالنيابة بداية هذا العام مكان بختي بلعايب الذي غادر الوزارة لظروف صحية، وبهذا التعيين أصبح تبون مسؤولا عن قطاعين استراتيجيين، وهما قطاع السكن والتجارة، واللذين يعدان أحد أعمدة برنامج رئيس الجمهورية إضافة إلى الصناعة.

وكان التحالف الحاكم المكون من "حزب جبهة التحرير الوطني"، الذي يرأسه عبد العزيز بوتفليقة، قد فاز بـ 164 مقعدا من أصل 462 متبوعا بـ"حزب التجمع الوطني الديمقراطي" الذي حصل على على 97 مقعدا، رغم تقدمهما منفصلين في الانتخابات، ثم التحالف الإسلامي المعارض المكون من "حركة مجتمع السلم" و"جبهة التغيير" الممثلة بـ 34 نائبا.

وأفاد بيان لرئاسة الجمهورية أن بوتفيلقة عين تبون رئيسا للحكومة بعد استشارة الأغلبية البرلمانية، عقب إعلان المجلس الدستوري للنتائج النهائية للانتخابات البرلمانية الأخيرة، وينص الدستور الجزائري على أن يستشير الرئيس الأغلبية البرلمانية، ممثلة في حالة الانتخابات الأخيرة بحزبي "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي".

ويعد تبون من أبرز الوزراء الذين برزوا في حكومة سلال في الفترة الأخيرة، خاصة بعدما تبنى في الأشهر الأخيرة، بصفته وزيرا بالنيابة للتجارة، سلسلة قرارات جريئة تخص وقف استيراد كثير من المواد والسلع والحد من عمليات التوريد العشوائي، وحماية الإنتاج المحلي خاصة المنتجات الزراعية والفلاحية، وتحديد حصص لتوريد بعض السلع الأخرى.

وقبل عام 2005، وجهت شبهات إلى تبون بالتورط في فضيحة قضية "بنك الخليفة" الخاص، عندما كان يشغل منصب وزير للإسكان.

وذكرت تقارير أنه هو من أعطى تعليمات إلى مدير ديوان التسيير العقاري بنقل إيداع أموال الصندوق من بنك حكومي إلى "بنك الخليفة" الخاص، الذي كان مملوكا لرجل الأعمال عبد المؤمن خليفة، المحكوم عليه بالسجن، لكن المحكمة التي نظرت في القضية في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2007، لم توجه إليه اتهامات حينها، واستدعته للمثول أمامها كشاهد.

ونفى تبون ما وجه إليه أو أن يكون أصدر أي تعليمات مكتوبة في هذا السياق لأي هيئة تابعة لوزارته بذلك.

وبتعيين عبد المجيد تبون يكون بوتفليقة، قد أنهى مهام الوزير الأول عبد المالك سلال المثير للجدل والذي صنع طيلة خمس سنوات كاملة من الاحتكار، الحديث على وسائل الإعلام الوطنية والدولية، بفضل براعته في "التنكيت والدعابة"، وأجمع الكثيرون على أن له "قاموسا" خاصا به من مصطلحات و"إفهات".

ويرجع محللون تعيين تبون إلى كونه من أكثر الوزراء الذين برزوا في حكومة سلال في الفترة الأخيرة، خاصة بعد قرار الحكومة تبني سياسة التقشف المالي إزاء واردات البلد، على خلفية الأزمة المالية الخانقة.

ولا ترى المعارضة في هذا التعيين أي تغيير حقيقي، أو بوصفه نوعا من تداول السلطة، ووفقا للقيادي في "حركة مجتمع السلم"، ناصر الدين حمدادوش، فإن "تعيين تبون يثبت تعدد مصادر صناعة القرار والتشكيك في مدى دستورية ورسمية تلك المشاورات، إضافة إلى أن هذا التعيين قد لا يعني شيئا ولن يقدّم أي إضافةٍ حقيقية للبلاد، من منطق تدوير السلطة لا التداول عليها، وهو سيد التعيينات، بنفس الذهنية والآلية والأساليب والأشخاص".

ومنذ إعلان النتائج توالت تصريحات لقادة الحركة وأحزاب أخرى معارضة تتحدث عن "وقوع تزوير وتلاعب بالنتائج" لصالح الحزب الحاكم في الوقت الذي نفت فيه الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات والمجلس الدستوري حدوث تجاوزات أثرت على النتائج.

و"حركة مجتمع السلم"، المحسوبة على تيار الإخوان المسلمين، شاركت في الحكومات الجزائرية المتعاقبة منذ 1995، لكنها فكت الارتباط بالسلطة القائمة في 2012، بدعوى "عدم وجود جدية في القيام بإصلاحات سياسية في البلاد لتتحول إلى صفوف المعارضة".

تعيين تبون هل هو نهاية حقبة سلال الذي كان يدور حديث حول تحضيره لخلافة الرئيس بوتفليقة، أم مرحلة انتقالية لتحديد هوية خليفة بوتفليقة الذي يجب أن يكون رجل الرئيس ومصدر ثقته؟!