نشر موقع "ميدل إيست آي" في لندن، تقريرا للكاتب جيمي ميرل، يقول فيه إن قناة "العربية نيوز"، المملوكة من السعودية، تواجه إمكانية المنع من العمل في
بريطانيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن القناة قد تواجه الإغلاق؛ لأنها ارتكبت انتهاكا "خطيرا" لقواعد البث التلفزيوني في بريطانيا، من خلال بث مقابلة مع سجين بحريني تعرض للتعذيب.
ويقول ميرل إن مستقبل
قناة العربية على المحك، بعدما وجدت المؤسسة المستقلة، التي تنظم العمل التلفزيوني، أنها خرقت خصوصية المعارض الذي تعرض للتعذيب
حسن مشيمع، عندما بثت لقطات حصلت عليها أثناء احتجازه التعسفي في
البحرين.
ويلفت الموقع إلى أن القناة، التي تبث في بريطانيا وأوروبا والشرق الأوسط، تواجه إمكانية دفع غرامة 100 ألف جنيه إسترليني، أو تعليق رخصتها، بعدما قدمت مؤسسة أمريكية تدعو للديمقراطية في البحرين شكوى نيابة عن مشيمع، مشيرا إلى أن هذه القضية تتشابه مع ما اتخذته لجنة معايير البث التلفزيوني المعروفة باسم "
أوفكوم" عام 2012 ضد القناة الإيرانية "برس تي في"، التي جردت من رخصة عملها في بريطانيا.
ويفيد التقرير بأن منظمة العفو الدولية "أمنستي إنترناشونال" تعد مشيمع سجين رأي، وهو أحد مؤسسي الجماعة السياسية المعارضة "الوفاق"، واعتقل في عام 2011 أثناء التظاهرات الداعية للديمقراطية، وحكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن المؤبد؛ لاتهامه بالدعوة إلى إقامة جمهورية في البحرين بدلا من الملكية.
ويتحدث الكاتب عن علاقة القصة بالقناة السعودية، قائلا إنها بثت في 27 شباط/ فبراير العام الماضي لقطة عن التظاهرات المؤيدة للديمقراطية في البحرين عام 2011، وشملت لقطة تظهر مقابلة مع مشيمع، وزعم مقدم البرنامج في أثناء المقابلة أن مشيمع هو جزء من خلية متهمة "بمحاولة قلب نظام الحكم الملكي في البحرين"، إلا أنه زعم أن المقابلة معه تمت تحت التعذيب، وهو الأمر الذي قبلته "أوفكوم" يوم الاثنين.
ويورد الموقع نقلا عن مشيمع قوله في بيان، إنه أجبر على الاعتراف بأنه دعا إلى تحويل البحرين إلى "جمهورية إسلامية على الطريقة الإيرانية"، وقال إن المقابلة تمت بالإكراه بعدما تعرض للتعذيب.
وينقل التقرير عن متحدثة باسم "أوفكوم"، قولها في تصريحات للموقع: "لقد قبلنا الشكاوى ضد قناة العربية الإخبارية؛ وذلك لنشرها بيانات غير عادلة، ولأنها قامت بخرق لا داعي له للخصوصية، وتعد هذه خروقات خطيرة، تجعلنا نفكر بفرض عقوبة".
وينوه ميرل إلى أن المقابلة التي جرت في السجن، وتوقيتها سواء في عام 2011 أو 2012، جاءت عقب اعتقال مشيمع الأولي، عندما تعرض للتعذيب، بحسب تقرير بحريني مستقل، مشيرا إلى أن مفوضية التحقيق البحرينية المستقلة نشرت التقرير، الذي حظي بدعم من الأمم المتحدة، وقدم تفاصيل عن التعذيب: ضرب مباشر على الجسد، وحرمان من النوم، وغمر السجين بالماء البارد، والتهديد لعائلته.
ويورد الموقع أن "أوفكوم" قالت إن التقرير، الذي نشرته "العربية نيوز"، أظهر اعتراف السجين وكأنه طوعي، ولهذا اعتبر خرقا للحقوق الشخصية لمشيمع، ووجدت "أوفكوم" أيضا أن "العربية نيوز" لم توضح أن المشيمع تمسك دائما ببراءته، وهناك وثائق موثقة ضد السلطات البحرينية واستخدامها التعذيب، لافتا إلى أنه بالإضافة إلى هذا، فإن "العربية نيوز" فشلت بمنح مشيمع فرصة للرد بحرية على المزاعم ضده.
ويكشف التقرير عن أن مؤسسة "أوفكوم" تفكر بفرض حظر ضد "العربية نيوز"، الذي قد يأخذ عدة أشكال: إما دفع غرامة باهظة، أو تعليق الرخصة التي تسمح لها بالعمل، أو قرار أقل ضررا، وهو الطلب منها الاعتذار على الهواء.
ويشير الكاتب إلى أن المشيمع يبلغ من العمر الآن 69 عاما، وهو يعالج من سرطان الغدد الليمفاوية، ومعتقل في السجن البحريني سيئ السمعة "جاو"، الذي يتعرض فيه السجناء للتعذيب والحرمان التعسفي من تناول الدواء، بحسب منظمات حقوق الإنسان.
ويورد الموقع نقلا عن ناشطين حقوقيين، قولهم إن مشيمع لم يتلق العناية الصحية المناسبة، ولأكثر من ثمانية أشهر، وقال نجله علي في بيان، إن البرنامج على القناة كان مثيرا لقلق للعائلة كلها، وأضاف: "لم يكن هناك شيء أكثر إيلاما لقلبي من اكتشاف تعرض والدي للتعذيب أثناء سجنه، وأظهر برنامج (العربية) الصارخ والدي وهو في وضعه الأضعف، ما سبب القلق للعائلة كلها".
وجاء في البيان: "انحرفت قناة العربية عن الأخلاقية الصحافية، وسمحت لنفسها بأن تكون أداة إعلامية لتبييض وجه الجلادين وتشويه صورة الناشطين"، وقال علي مشيمع، الذي يتواصل مع والده من خلال الهاتف، إن والده وصف الفيديو بالعمل السياسي.
ويذكر التقرير أن البحرين نفت بشكل متكرر التعذيب والانتقام السياسي، منوها إلى أن قناة العربية قالت في دفاعها عن نفسها إن اللقاء تم في عام 2012، وقام به صحافي غير متفرغ، حصل على إذن من السلطات البحرينية لمقابلة مشيمع، وأضافت أن إشارة المفوضية البحرينية المستقلة إلى تعرض المعارض السياسي للتعذيب مرتبطة بأحداث عام 2011، ولا علاقة لها بعام 2012.
ويستدرك ميرل بأنه مع ذلك، رفضت "أوفكوم" دفاع القناة، ووجدت أنه "بناء على طبيعة الأحداث المعروفة وأهميتها، فإن موقف (أوفكوم) هو أن (العربية نيوز) كانت واعية، أو عليها الوعي، بتاريخ البث، وأن التصريحات التي صدرت عن مشيمع في لقطات الفيلم بداية عام 2012 ربما لم تقدم رأيه في الأحداث بطريقة دقيقة".
وينقل الموقع عن حسين عبدالله، مدير المنظمة الأمريكية للديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، وهي الجهة التي تمثل حسن مشيمع في الشكوى، قوله: "في الوقت الذي يتعرض فيه سجناء الرأي للتعذيب في البحرين يوميا، فإن قناة العربية (صوت الحكومة السعودية) قامت بتقديم رواية زائفة تربط النشاط الشرعي المؤيد للديمقراطية بالإرهاب، وحتى الآن، نرحب بقرار (أوفكوم) الحكيم في هذه القضية، ونتوقع حكما يتناسب مع الانتهاكات التي اقترفتها (العربية)".
وبحسب التقرير، فإن "العربية نيوز" ليست هي القناة الوحيدة التي تواجه المنع في بريطانيا، حيث تم سحب رخصة "برس تي في" الإيرانية عام 2012، ومنعت من البث على الهواء، وجاء هذا القرار بعدما بثت القناة مقابلة مع مراسل "نيوزويك" والقناة الرابعة السجين مازير بهاري، التي تمت بالإكراه.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن "أوفكوم" وجدت أن "الانطباع الذي تشكل حول قرارات التحرير في القناة تم اتخاذه في مكاتب طهران وليس لندن"، لافتا إلى أنه فرض على القناة غرامة 100 ألف جنيه إسترليني، ثم جرى سحب الرخصة بعد فشل القناة في دفع الغرامة.