نشرت صحيفة "أوبزيرفر"، الصادرة في لندن اليوم الأحد، تقريرا للكاتب بن كوين، يبين فيه كيف ساهم السياسي البريطاني الكبير وينستون
تشرتشل في إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه سيقام معرض ينظمه متحف الحرب الإمبريالي "إمبريال وور ميوزيم"، حول الفترة التي قادت إلى نشوء الشرق الأوسط على أنقاض الدولة العثمانية.
ويقول كوين إن أحد أكثر الملامح صعوبة في فهم حياة وينستون تشرتشل هو علاقته بالشرق الأوسط، التي ستكون محلا للتركيز في معرض كبير سيتم تنظيمه في متحف الحرب الإمبريالي في لندن، الذي يمزج ما بين التكونولوجيا الرقمية المدهشة والآثار التاريخية، بما في ذلك رسالة تعزية كتبها عام 1944، عندما قام المعارضون
اليهود للسياسة البريطانية في
فلسطين باغتيال صديقه وولتر غانيس "لورد موين".
ويعلق الكاتب قائلا إن منظمي المعرض سيحاولون تجنب الأمور الحساسة، وما إذا كان تشرتشل معاديا للسامية، ولديه مواقف "معقدة" أو جدلية من الإسلام.
وتورد الصحيفة نقلا عن الباحث في حياة وأعمال تشرتشل ومؤلف كتاب "تشرتشل والعالم الإسلامي" وارين دوكتير، قوله إن علاقة تشرتشل بالشرق الأوسط بدأت عندما عين وزيرا للمستعمرات عام 1921، وهي فترة أسيء فهمها مقارنة مع فترة توليه رئاسة الوزراء، ويضيف دوكتير أن الشرق الأوسط يحفل بالكثير من الحساسيات، حيث أن فهمه مهم، خاصة أن العالم الإسلامي عادة ما يشير وبشكل دائم إلى سايكس بيكو، وهي الخطة التي تم الاتفاق عليها بين
بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية عام 1916، فيما حاول المحافظون الجدد في الغرب تسييس الكتابات السياسية لتشرتشل.
ويتابع دوكتير قائلا: "لقد أوجد تشرتشل المملكة الأردنية والانتداب الأصلي على فلسطين، وكان مسؤولا عن الطريقة التي تم فيها تقسيم الأردن وفلسطين".
ويلفت التقرير إلى أن المعرض سيفتتح في نهاية العام الحالي، في قاعات الحرب التي تحمل اسم تشرتشل في ويستمنستر، وستعرض فيها مقتنيات تضم خريطة من شبه الجزيرة العربية، وتشير إلى مناطق نفوذ الشيوخ العرب فيها، حيث تم رسمها بناء على طلب من تشرتشل نفسه؛ من أجل معالجة قضايا تتعلق بمستقبل الحكم البريطاني في مناطق الدولة العثمانية السابقة.
ويقول كوين إن تشرتشل، بصفته وزيرا للمستعمرات، فإنه عين تي إي لورنس "لورنس العرب" مستشارا خاصا له في الشؤون العربية، مشيرا إلى أنه سيتم عرض نسخة موقعة شخصيا من كتاب لورنس "أعمدة الحكمة السبعة"، بالإضافة إلى العلم البريطاني الذي رفع على مبنى المفوض السامي في فلسطين عام 1948.
وتكشف الصحيفة عن أن من المواد التي ستعرض ألبوم صور لرحلة عائلية التقطت أثناء رحلة في الشرق الأوسط عام 1934 مع زوجته كليمنتاين، وصديقيهما لورد موين وليدي موين، وستعرض رسالة تعزية كتبها تشرتشل لنجل موين بعد اغتيال والده، ورسالة كتبها ضابط استخبارات أمريكي يبعث تقاريره إلى واشنطن، يتحدث فيها عن الجهود المثيرة للدهشة للتقرب مع الملك السعودي بعد عملية الاغتيال، لافتا إلى أن هناك خططا لأن يضم المعرض غرفة تحتوي على مقتنيات ثمينة وألوان تذكر بالشرق الأوسط ووثائق وخرائط.
وينقل التقرير عن منظمي المعرض، قولهم: "نريد أن يشعر الزائر أنه وصل إلى هذه الغرفة المدهشة المنسية بالمصادفة، وفيها مقتنيات ووثائق وخرائط قديمة وصور وتذكارات ومحفوظات"، مشيرا إلى أن هذه التجربة تضم حاملة للوحة الرسم، ذلك أن تشرتشل كان رساما؛ حيث سيتم مزج الأحداث التي شارك تشرتشل في صناعتها بالرسم الذي يقدم رؤيته الفنية.
وينوه الكاتب إلى نقاد للمعرض، وما ثار من جدل عام 2012 لخطط بناء مركز تشرتشل في القدس، حيث قال نقاده إنه كان "معاديا للسامية في أيامه الأخيرة"، رغم أنه وفى بوعوده لليهود، لافتا إلى أن هناك تمثالا برونزيا له في القدس باعتباره صديقا لليهود والحركة الصهيونية.
وبحسب الصحيفة، فإنه في مقارنة غير مريحة، فإن تشرتشل تحدث عام 1919 عن "دعمه القوي لاستخدام الغاز السام ضد القبائل المتخلفة" في العراق، منوهة إلى أن دوكتير، الذي يعمل محاضرا في السياسة الدولية في جامعة أبيرسويتث، وكتب إحدى الخطط الأولى للمعرض، قال إن الحديث عن الغاز السام غير صحيح؛ لأن تشرتشل كان يدعو إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع.
وقال دوكتير عن اتهامات معاداة السامية إنها تقوم في العادة على سوء فهم لمقال كتبه في العشرينيات من القرن الماضي، وأضاف: "هناك الكثير من الحساسيات بشأن تشرتشل وإسرائيل مثلا، حيث كان قادة الصهيونية حانقين؛ لأنه أنشأ دولة منفصلة للعرب، لكنه لم يكن معاديا للسامية بأي معنى للكلمة، بل على العكس، فإن الاتهامات هي أنه كان مؤيدا للصهيونية في عدد من المواقف".
وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالإشارة إلى قول دوكتير إنه "في ظل الظروف المعقدة للمنطقة، فإن الكثيرين يحاولون تصوير تشرتشل على أنه معاد للإسلام- إسلاموفوبي، لكنني أعتقد أنه حاول جهده لإرضاء الأطراف كلها".