حقوق وحريات

"إيديا" طفلة مغربية قتلها الإهمال تتحول إلى "أيقونة" غضب (شاهد)

تحولت الطفلة "إيديا" إلى رمز جديد لما يصفه المغاربة بـ"الحكرة" و"التهميش"ـ فيسبوك
تحولت الطفلة "إيديا" إلى رمز جديد لما يصفه المغاربة بـ"الحكرة" و"التهميش"ـ فيسبوك
ككرة ثلج تكبر موجة الغضب على وزارة الصحة والدولة معا، بعد الوفاة "التراجيدية" للطفلة "إيديا فخر الدين"، التي لم تتلق العلاجات اللازمة بعدما سقطت على وجهها وهي تلعب برفقة أمها في إحدى قرى المغرب العميق.

أعادت حادثة وفاة طفلة من منطقة تودغا العليا- إقليم تنغير في الجنوب الشرقي للمغرب، النقاش حول ما يعتبره مواطنون "المغرب النافع والمغرب غير النافع"، في إشارة إلى تباين مستوى الخدمات بين مناطق المملكة.

الجرح القاتل

وشيع عشرات من أبناء "تنغير" (تبعد 600 كلم عن الرباط) جثمان الطفلة الأربعاء، وسط حالة من الاستنكار لما اعتبروه تواصل "سياسة الإهمال" المتبعة تجاه المنطقة والمغرب غير النافع منذ مدة.
وتوفيت إيديا فخر الدين يوم الأربعاء الماضي، وتبلغ من العمر خمس سنوات بأحد مستشفيات فاس، التي تبعد عن مدينتها أزيد من 500 كيلومتر، إثر إصابة بليغة على مستوى الرأس.

وأكدت أسرة إيديا فخر الدين أنها سقطت في وادي تنغير السبت الماضي، وتعرضت إلى كسر في الجمجمة، تسبب لها في صدمة ونزيف داخلي ما دفع الطبيب الذي عاينها إلى طلب نقلها إلى مستشفى الراشدية، غير أن هذا الأخير أرسلها بدوره إلى مستشفى الحسن الثاني بفاس، نظرا لانعدام الأجهزة الطبية الضرورية.
 
وقال إدريس فخر الدين، والد الطفلة إن الفريق الطبي أجرى فحوصات طبية لطفلته في مستشفى مدينة الراشيدية، لكن "طالبنا بإجراء فحص آخر، وهو ما تم فعلا، وكانت النتيجة ذاتها، مع ذلك لم نصدق حديث الفريق الطبي، لأن الطفلة بدأت حالتها الصحية تتدهور".

وأضاف والد الضحية في تصريحات صحافية: "تفاجأ الفريق الطبي من وضع الطفلة، أكدوا لنا أن حالتها خطيرة ويجب نقلها على وجه السرعة إلى المستشفى الجامعي بالمدينة، كانت الطفلة تحتضر".

وماتت إيديا بعد وقت قصير من التنقل بين المستشفيات، حيث يشير والدها إلى أن الفحوصات التي أجريت لها في المستشفى الجامعي "أثبتت أنها كانت تعاني من نزيف داخلي في الرئتين ما سبب وفاتها، فقد لفظت أنفاسها الأخيرة بعد لحظات فقط من فحصها".

الإهمال المفضي إلى الموت

وأكد إدريس فخر الدين أن ابنته "توفيت نتيجة الإهمال، لقد كان هناك نوع من الاستهتار بحياتها، طلبت منهم تشخيص وضعها فقاموا فقط بإجراء فحص بالأشعة لدماغها، ولم يكلفوا أنفسهم عناء فحص باقي أعضاء جسمها".

ويضيف: "هناك انعدام للكفاءة واستهتار بأرواح المواطنين، فمستشفى تنغير لا يتوفر على التجهيزات الضرورية، نفس الاستهتار موجود في مستشفى مدينة الراشيدية، كيف يعقل أن يتم توجيه الطفلة إلى مستشفى الأنف والحنجرة وهي تعاني من نزيف داخلي؟".

وسجل أن "الأسرة ليست مسؤولة عن وفاة إيديا، المسؤول عن وفاتها هو ضعف كفاءة الأطباء الذين قاموا بتشخيص وضعها، طلبنا منهم أكثر من مرة أن يقوموا بالمزيد من الفحوصات، ورفضوا بداعي أن حالتها مستقرة وتحتاج فقط لفحوصات على مستوى عينها".

                                              

دفاع الوزارة

وقالت وزارة الصحة في بلاغ حصلت "عربي21" على نسخة منه، إن الوزير الحسين الوردي اتصل شخصيا، بأسرة الفقيدة لتقديم التعازي والمواساة، كما أنه كلف المندوب الإقليمي للصحة بزيارة منزل المرحومة لمواساة أفراد أسرتها وتقديم العزاء.

وأضافت وزارة الصحة، بعد الحادثة: "أُوفدت لجنة مركزية لفتح تحقيق دقيق لمعرفة أسباب وظروف وفاة هذه الطفلة وتحديد المسؤوليات".

وأوضحت أن "توجيهها من مستشفى تنغير إلى الراشيدية، استوجب ضرورة فحصها بجهاز السكانير (جهاز التصوير- الرنين المغناطيسي) بالراشيدية، وحيث إن الفحص بالسكانير لم يمكن من تدقيق التشخيص، فقد استدعى الأمر عرض الطفلة على تخصص جراحة الوجه بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس".

وأكدت وزارة الصحة أن "المستشفى الجهوي بالراشيدية يتوفر على جهازين للسكانير، أحدهما من الجيل الجديد، وأن الطفلة استفادت بالراشيدية من فحصين بجهاز السكانير مسجلين تحت رقم 5935، الأول في الساعة الخامسة والنصف مساء، والثاني في الساعة الـ11 و50 دقيقة ليلا، حيث إن الفحصين معا أكدا عدم وجود مضاعفات على مستوى الدماغ".

وتابعت: "إنها كانت لحظتها تعاني من كسور ورضوض على مستوى عظام سقف العين، الشيء الذي دفع بالطاقم الطبي إلى توجيه الطفلة إلى المستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، للتكفل بهذه الحالة وتعميق تشخيص الإصابة لدى مصلحة جراحة الوجه والتي تعد من اختصاص المستشفيات الجامعية".

أيقونة الغضب

تحولت الطفلة "إيديا" إلى رمز جديد لما يصفه المغاربة بـ"الحكرة" و"التهميش" وانعدام العدالة بين مناطق البلاد، ودشن عدد من الغاضبين وسما يحمل اسم #إيديا بالعربية والفرنسية #idya وانطلقت دعوات للاحتجاج والغضب على مسؤولية الدولة.

وكان عدد من الأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية والهيئات المدنية قد حملت الدولة مسؤولية وفاة الطفلة إيديا، ودعو إلى فتح تحقيق مستقل في القضية ومعالجة الأزمة البنيوية التي يعانيها قطاع الصحة في المغرب.
 
ومن الحي الجامعي لمدينة وجدة (شرق المغرب) انطلقت شرارة الغضب، حيث خرج عشرات الطلبة في مسيرات ليلية وأقاموا تأبينا للطفلة، نددوا فيه بسياسة الدولة تجاه المناطق المعزولة.

وتستعد مدينة الدار البيضاء (العاصمة الاقتصادية) لتنظيم وقفة مساء السبت في ساحة الحمام، وذلك بعد دعوة فعاليات مدنية وسياسية.. رفضا للظلم والتهميش والإهمال.

وتستعد العاصمة الرباط لكي تخلد يوم غاضبا الأحد، في ذات الاتجاه كذلك.
 
التعليقات (0)