مقابلات

طارق الزمر: على مرسي أن يصدر قرارا بإعادة الشرعية للشعب

الزمر: الاصطفاف الوطني هو الاستراتيجية الوحيدة المؤهلة لإنقاذ مصر- عربي21
الزمر: الاصطفاف الوطني هو الاستراتيجية الوحيدة المؤهلة لإنقاذ مصر- عربي21
دعا رئيس حزب البناء والتنمية المصري، طارق الزمر، الرئيس المصري محمد مرسي، لإصدار قرار بإعادة الشرعية لأصحابها "وهم الشعب"، ومطالبتهم بتحمل مسؤوليتهم والدفاع عن حقهم في انتخاب من يحكمهم.

وكشف في مقابلة مع "عربي21"، أنه عرض على مرسي قبل الانقلاب العسكري الخروج من القصر الرئاسي والالتحام بالجماهير، كي لا يبقى لحظة في يد من وصفهم بعصابات الدولة العميقة، و"ذلك لأن موقع أي رئيس لحظة الانقلاب غالبا ما يكون له دور حاسم في نجاح الانقلابات أو فشلها"، إلا أن مرسي رفض.

وأكد أن الحل السياسي للأزمة المصرية هو المخرج الأمثل، وذلك مراعاة لمصالح الشعب والوطن، وحقنا للدماء، برغم أن كل الأدلة والشواهد تؤكد أن السلطة الحالية غير معنية بالحل السياسي، وتراه خصما من قوتها، وهادما لمشروعها، وهو ما يجعل الخروج من الأزمة غير متوقع بغير إراقة الدماء، بل وبغير تمزيق لحم الوطن.

وشدّد "الزمر" على أن "جهود الاصطفاف الوطني لم تفشل، لكنها متأخرة وربما أصابها التعثر أحيانا، لكنها تبقى هي الاستراتيجية الوحيدة المؤهلة لإنقاذ مصر من أزمتها وبناء الدولة التي تعبر عن الجميع دون إقصاء أو تهميش".

وحول توقعه بشأن ترشح "السيسي" مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أضاف: "ترشح السيسي ليس مجرد توقع، لأنه أمر مفروغ منه، ولو استطاع أن يعدل الدستور لينص على حقه في الحكم مدى الحياة لما تردد، وذلك في ضوء مجموعة معادلات ومتغيرات منها الأوضاع الدولية التي تتجه يمينا، وهو ما يجعل الاستبداد هو النموذج الأمثل لأجندتها في المنطقة".

نص المقابلة:

ما هو توصيفك لواقع مصر والشعب حاليا في ظل حالة الجمود الثوري والسياسي؟

الحقيقة أن مصر تمر بمنحدر تاريخي في كل المجالات حتى كأني أراها تستصرخ أبناءها وتستنهض شبابها، كي يهبوا لنجدتها، فلم تتعرض مصر من قبل لمثل هذه الانهيارات الاجتماعية، ولا الأزمات الاقتصادية، ولا التآكل في أراضيها وتهديد أمنها القومي، ولا تأميم الحريات والعدوان على الحقوق كما نرى اليوم، ورغم ذلك فلا يمكن تصور أن مصر التي نعرف والتي نرجو يمكن أن تقف عند هذه اللحظة المأساوية العابرة بكل المقاييس.

لماذا لم نجد أي انعكاس للأزمات الطاحنة التي يمر بها المصريون على الحراك الاحتجاجي في الشارع؟

ليس هناك شك في أن غالبية المجتمع يعاني الفقر والحاجة، وأنهم يعيشون أياما لم يعرفوها من قبل، وأن السخط الشعبي بلغ درجات كبيرة، لكن هذا بمفرده لا يصنع ثورة ما لم تكن طلائع المجتمع ونخبته على قدر عال من التوحد وامتلاك مشروع للتغيير يحمل حلما تنهض الجماهير لتحقيقه، فضلا عن أن الحاجة لذلك أصبحت ضرورة في ضوء نجاح الثورة المضادة في تشويه كل مفاهيم وقيم الثورة، وأيضا تيئيس الناس من إمكانية التغيير عن طريق الثورة، بل وجدواها، وترسيخ قناعة عامة بأن الثورات لها مردود سلبي على معاشهم.

بعد براءة جميع رموز نظام مبارك واستقرار الأوضاع لسلطة الانقلاب، هل تعرضت ثورة يناير لضربة قاضية؟

لا شك أن الإفراج عن مبارك ورموز حكمه يمثل قمة الاستهزاء بثورة يناير وشهدائها، بل وبالشعب كله الذي استجاب لها، لكن ما لا يدركه هؤلاء أنها كشفت الأقنعة وأكدت أننا ما زلنا على طريق يناير نمضي.

كيف تقيمون أداء المعارضة بعد مرور ما يقرب من أربعة أعوام على الانقلاب العسكري؟ وما هي أبعاد الخلافات بينهم؟

حال المعارضة وأداؤها لا يرضي مخلصا لمصر ولا لثورتها، فجوانب الخلل كثيرة وأخطرها هو عدم القدرة على إعادة بناء "مظلة يناير" مرة أخرى، تلك المظلة التي صنعت معجزة يناير ولا تزال قادرة على إحداث المعجزات.

أما عن خلافات المعارضة وطبيعتها، فالحقيقة أني ممن يرون أن خلافات الساحة المصرية في أعقد صورها هي خلافات هامشية إذا ما قورنت بالخلافات في المجتمعات الأخرى، وأنها سطحية إذا ما قورنت بالخلافات العميقة بينها وبين الاستبداد وبالأخطار الجسيمة المدمرة للمجتمع حال تمكن المشروع الاستبدادي في بلادنا مرة أخرى.

لماذا فشلت كل جهود الاصطفاف حتى الآن؟ وهل مشروع الجمعية الوطنية للشعب المصري لا يزال قائما؟

جهود الاصطفاف الوطني لم تفشل، لكنها متأخرة وربما أصابها التعثر أحيانا، لكنها تبقى هي الاستراتيجية الوحيدة المؤهلة لإنقاذ مصر من أزمتها وبناء الدولة التي تعبر عن الجميع دون إقصاء أو تهميش.

أما عن مشروع الجمعية الوطنية، فهو أحد الأشكال المرشحة للنجاح ولا يلزم أن يكون هو الشكل الوحيد القادر على إعادة توحيد الصفوف وترتيبها بالشكل الأفضل لتحقيق أهداف يناير التي حلم بها شعب مصر وما زال ينتظر تحققها.. وعموما أنا مع كل مشروع يعيد إحياء مظلة يناير على قواعد مشروع كامل يسعى لتحقيق أهدافها.

تقول إن مجرد توافق القوى الوطنية الحية على سبل مجابهة اللحظة الراهنة وعلى تصور شامل لمستقبل البلاد كفيل برسم خريطة جديدة لمصر الثورة، في حين يرى آخرون أنه لن يحدث تغيير جوهري حتى لو نجحتم في الاصطفاف لأنكم لا تملكون مفاتيح التغيير أو أدوات القوة في ظل بقاء مؤسسات الدولة والقوى الإقليمية والدولية على مواقفها؟

في تصوري أن السلطة الحالية تقوم على ساقين: الأولى تعتمد على تمزيق الساحة السياسية والثورية، والثانية تعتمد على"تقسيم المجتمع، فإذا نجحنا في تحطيم الساق الأولى يكون عن طريق ترميم الساحة السياسية والثورية، فإن ذلك سيكون مقدمة طبيعية لتحطيم الساق الثانية، حيث سنتمكن حينئذ من تحقيق المصالحة المجتمعية، وبالاثنين معا نكون قد حرمنا السلطة الاستبدادية من ساقيها المغروزتين في أرضنا، ومن أنيابها المغروزة في لحمنا ونكون يومها مؤهلين لإدارة حراك سياسي وشعبي يحرج المؤسسات ويحيدها ويحاصر الاستبداد تدريجيا تمهيدا لاقتلاع جذوره من تربتنا.

وإذا نجحت المعارضة في تغيير خريطة الصراع الحالية، والتي فرضها الانقلاب (الإخوان في مواجهة الدولة) إلى خريطة (الشعب في مواجهة الاستبداد)، فإن التغيير سيكون أكيدا.

على خلفية المراجعات التي قدمها تيار بالإخوان مؤخرا، ألا تعتقد أن مصر بحاجة لمراجعات على غرار التي قامت بها الجماعة الإسلامية في التسعينيات للخروج من الأزمة الحالية؟

الحقيقة أني أرى أن ثقافة المراجعات لا تزال ثقافة مستهجنة في مصر، وهو عيب خطير ما زال يتحكم بالساحة السياسية، فضلا عن النظم السياسية، وهو ما يجعلنا ننتقل من سيئ إلى أسوأ في كل المجالات ولا نعلم لماذا؟!

ولهذا، ففي الوقت الذي أحيي فيه الفريق الذي قام بإجراء مراجعات أولية لأداء جماعة الإخوان فإني أتمنى أن يستكمل هذا التقييم وأن يؤدي إلى بناء تصور لمستقبل أفضل للإخوان، ومن ثم المشروع الإسلامي، ومن ثم المشروع الوطني.

وأنبه إلى ضرورة مراجعة كافة القوى السياسية المصرية لمسيرتها وخاصة في ضوء الإخفاقات التي تسببنا فيها جميعا، والتي أودت بأهم ثورة في تاريخ مصر على يد الدولة العميقة.

الأحاديث المتكررة بشأن فكرة المصالحة والحل السياسي.. هل باتت بلا قيمة ومجرد رغبات شخصية لا توجد أي إرادة لإنجاحها؟

رغم أن كل الأدلة والشواهد تؤكد أن السلطة الحالية غير معنية بالحل السياسي، وتراه خصما من قوتها، ومناقضا لاستراتيجيتها، وهادما لمشروعها، إلا أن ذلك يجب ألا يمنعنا من رفع راية الحل السياسي كأحد السبل للخروج من هذه الأزمة الطاحنة، وهو ما تقتضيه النظرة الواقعية للأوضاع المصرية بالغة الخطورة، والتي استطاع صانعوها ومصمموها أن يضعوا فيها بدهاء قطاعات ذات وزن ثقيل ومصالح كبرى في مواجهة بعضها، وهو ما يجعل الخروج من هذه الأزمة غير متوقع بغير إراقة الدماء، بل وبغير تمزيق لحم الوطن.

لهذا، يصبح الحل السياسي (بغض النظر عن واقعيته الحالية) هو المخرج الأمثل، وذلك مراعاة لمصالح الشعب والوطن، وحقنا للدماء، ويصبح الإلحاح على مبدأ الحل السياسي من أهم أسلحتنا في مواجهة سلطات متغطرسة تصر على إراقة الدماء وعدم القبول بأية حلول في الوقت الذي تفشل فيه يوميا في تقديم أية حلول لمعاش الناس بل إنها تزيد من معاناتهم كل ساعة.

لو كنت مكان الرئيس مرسي.. ماذا سيكون قرارك للخروج من الأزمة؟

الحمد لله الذي عافاني من هذه المسؤولية الثقيلة، والتي يترتب عليها مخاطر كبرى، لكن لو افترضنا ما ذكرت قبل الانقلاب لخرجت من القصر وما بقيت في يد عصابات الدولة العميقة لحظة والتحمت بالجماهير، وقد عرضت ذلك بالفعل على الرئيس حينما كان متاحا، لكنه رفض، وذلك لأن موقع أي رئيس لحظة الانقلاب غالبا ما يكون له دور حاسم في نجاح الانقلابات من عدمه، فإذا كان الرئيس خارج القفص أي خارج القصر وبين شعبه تصبح عصابة الانقلاب في موقف حرج، وإذا كان الرئيس داخل القفص حينئذ تكون عصابة الانقلاب في أوج قوتها ومعها كل الصلاحيات.

أما لو تقصد ماذا لو كنت مكان الرئيس الآن، فلو كنت كذلك لأصدرت قراري بإعادة الشرعية لأصحابها، وهم الشعب، ومطالبتهم بتحمل مسؤوليتهم والدفاع عن حقهم في انتخاب من يحكمهم.

هناك مبادرات ودعوات للقوى المدنية بالتوحد خلف مرشح واحد في انتخابات 2018.. ما تقييمك لهذه المبادرات؟ وكيف تنظر إجمالا لانتخابات الرئاسة القادمة؟ وما هو المسار الأوفق للتعامل معها؟

برغم أني كقانوني وسياسي أعتبر أن السلطة القائمة هي سلطة غير شرعية ومن المهم بمكان عدم إضفاء أي شرعية عليها، إلا أني أرى عدم معارضة من يسعي لمنازلتها سياسيا، وذلك على أساس أن ذلك سيفتح الباب لحراك سياسي في ظل إغلاق كل أبواب السياسة في مصر، كما أنه في الوقت الذي تتعطل فيه أجندة الثورة أو تتعثر ليس من حقنا أن نلوم على من يحاول أن يفتح طريقا آخر، ولو كان هذا الطريق غير مؤكد النجاح، كما أن ذلك في النهاية سيصب لصالح المشروع التغييري الذي نسعى لتدشينه، لأنه من غير المتوقع أن تشهد مصر أي درجة من النزاهة أو الشفافية الانتخابية في هذه المرحلة، ومن ثم فإن كل من سيشارك في هذا المسار سيتأكد من صحة رؤيتنا، كما أنه سيكون في القريب العاجل معنا في طريقنا.

هل تتوقع ترشح السيسي مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية؟ وماذا سيكون موقف القوى الإقليمية والدولية من ترشحه؟

ترشح السيسي ليس مجرد توقع، لأنه أمر مفروغ منه، ولو استطاع أن يعدل الدستور لينص على حقه في الحكم مدى الحياة لما تردد، وذلك في ضوء مجموعة معادلات ومتغيرات منها الأوضاع الدولية التي تتجه يمينا، وهو ما يجعل الاستبداد هو النموذج الأمثل لأجندتها في المنطقة، ومنها الأوضاع الإقليمية التي لم تعد تحتمل أي تغيير ديمقراطي أو حتى أي إصلاحات ذات طابع وطني.

هل تعتقد أن المؤسسة العسكرية قد ترفع يدها عن السيسي خلال الفترة المقبلة؟

بغض النظر عن توقع ذلك، إلا أن الإدارة الصحيحة للصراعات الكبرى التي تستند إلى ثورات شعبية أو حراك جماهيري واسع يجب أن تعتمد منهجية تحييد المؤسسات وليس مواجهتها، ومن ذلك عدم التسليم بعملية الاختطاف الواضحة لهذه المؤسسات وعلى رأسها القوات المسلحة، فهي مؤسسة ذات طابع شعبي بامتياز، فلا يوجد بيت في مصر ليس له علاقة بها، فضلا عن أن استعداءها يحقق أهداف الانقلاب ويباعد بينها وبين الشعب الذي يئن غالبه من وطأة الظلم والاستبداد والقهر والفقر.

لماذا يُصر حزبكم البناء والتنمية على إجراء انتخاباته في هذه الظروف السياسية الحرجة التي تمر بها البلاد؟

أولا، لأن الانتخابات قد حان موعدها بعد أول انتخابات عامة للحزب مضى عليها أربع سنوات.

ثانيا، لأننا نمارس عملنا في النهار، ووفقا لقانون الأحزاب، ومن غير المتصور أن يتعرض النظام لذلك.

ثالثا، لأن حياة الأحزاب وتفاعلها مع المستجدات تكون بالانتخابات، فهي للحزب كما الماء بالنسبة للسمك، وهي أهم أسباب تجديد الدماء وتطوير هياكل الحزب وأدائه بما يحقق المصالح الوطنية بشكل أفضل.

هناك حملة متصاعدة في بعض وسائل الإعلام تُحرض على حزبكم وتطالب بحله.. كيف ترون ذلك؟

هذه الحملة بدأت مع التعاطف الشعبي الذي ظهر في جنازة الدكتور عمر عبد الرحمن، وهي محاولة لحصار هذا التعاطف ومنع توظيفه سياسيا، وخاصة بعد الإعلان عن بدء الإعداد للمؤتمر العام للحزب بكل شفافية، وهو ما يجعل نهج الإنقلابات في موقف حرج ويظهر الأحزاب وكأنها مؤهلة للتعاطي الديمقراطي أكثر من النظام، وهو نجاح يريد أعداء الديمقراطية حرماننا منه، ورغم ذلك أتوقع أن ينجح "البناء والتنمية" كعادته في إضافة الجديد للساحة السياسية، وأن يجري انتخاباته على أفضل صورة، وأن يختار أفضل ما عنده من قيادات، وهي كثيرة، حيث يسعى الحزب في انتخاباته لرسم صورة مشرقة للأحزاب السياسية برغم قتامة المشهد الديمقراطي.
التعليقات (0)