كتاب عربي 21

خواطر (أهلاوية) شفاها الله!

آيات عـرابي
1300x600
1300x600
تصفح أي موقع إخباري الآن وستقفز في وجهك إن .شاء الله نافورة من الأخبار عن النصر العظيم الذي حققته قوات المنتخب على دولة ما لا أعرف اسمها.

هناك حالة من الصرع الكروي أصابت المواقع الانقلابية، فعصام الحضري ابتسم، وأصدقاء عصام الحضري يروون مواقف من حياته. ولابد أن هناك من يروي اللحظات الفاصلة في المباراة قبل إحراز الهدف أو الأهداف والموسيقى العسكرية تعزف والقنوات تبث الأغاني الوطنية وأفراد المنتخب يهبطون سلم الطائرة على صوت أغنية (صوت بلادي) الذي يدوي عبر الأجيال. 

مغص إعلامي وصرع كروي وحمى مسعورة أصابت مواقع الانقلاب وليس هذا كل شيء. 

فنحن بانتظار أن يهدي المنتخب النصر المنتظر منذ أجيال إلى طبيب الفلاسفة, قائد مسيرة التنوير الكروي وتجديد الخطاب الرياضي وهازم الجابون ومحطم الأمم الإفريقية وثعلب الغابات الاستوائية, وقائد سلاح الطيران يمسك بالمايك في أحد الاستوديوهات شارحا الضربة الجوية الأولى التي فتحت الطريق للمنتخب لاقتناص الفوز الصعب. 

وربما يجري استدعاء الخبراء الكوريين لإقامة (بانوراما الجابون) لتعلق فيها صورة طبيب الفلاسفة وحوله أعضاء المنتخب وهو يشير بعصا إلى مواقع القوات الجابونية على الملعب وفوقهم الطائرات تنغلق نوافذها لتنطلق على ممرات الإقلاع لتبدأ الضربة الجوية الأولى وموسيقى عمر خيرت تصدح في خلفية المشهد. 

ثم انتظر بعد كل ذلك حفلا مسعورا بأجواء العصر الحجري, لا تستغرب إن خرج فيه طبيب الفلاسفة على محفة يحمله حراس يرتدون جلد نمر والجميع يرقصون على إيقاع الطبول. 

حتى السيدة الطيبة والدة عصام الحضري, لم يرحموها من الزفة المسعورة وأجروا معها لقاء لتتحدث في طيبة وعفوية عن دعائها لابنها الفلولي العاشق للمخلوع. 

وهذه فقط البداية، فهناك ما يُسمى الاستوديوهات التحليلية وهو نوع من التهريج الحقيقي الذي يمارسونه بكل جدية، فهناك من يرتدي ربطة العنق وهناك وجوه عابسة جادة ومحللون على الخط من الاستاد وخبراء استراتيجيون كرويون يحدثونك برطانة تزدحم فيها المصطلحات السياسية حتى توشك أن تعتقد أنك تشاهد تغطية السي إن إن لحرب الخليج. 

المشاهد المسعورة لم يكن ينقصها سوى بيان تذيعه القنوات الانقلابية بعد أن تقطع إرسالها لتبشر المصريين باندحار القوات الجابونية أو أي قوات بعد عملية عسكرية مذهلة شنتها قواتنا الكروية، وقف لها العالم مذهولا مبهورا مسحورا مندهشا مذهولا مسحولا مستغربا.. الخ. وأن معركة الثاني من فبراير تدرس في كل المعاهد العسكرية والكروية كما يقولون للغلابة عن هزيمة أكتوبر. 

أعلم تماما كيف يمكن ان يصل إدمان كرة القدم، فأنا كنتُ من عشاقها ولكني شُفيت بعد الثورة ولله الحمد، لم أكن فقط من مدمني كرة القدم ولم اكن فقط (أهلاوية) متعصبة بل كنت أقدم برنامجا كرويا حين كنت أعمل بالتليفزيون الحكومي قبل سفري للولايات المتحدة منذ أعوام. وازعم أن الانقلاب كان سببا لانتهاء أعراض ادمان الكرة وإعادة النظر في كل ما كنت أراه من الثوابت.

وأعلم كم سيضايق كلامي هذا الكثيرين. 

وإن كانت الثورة (نتيجة سوء الإدارة) ظلت تخسر معاركها طوال الأعوام الثلاثة الماضية، فقد كانت لا تزال تواجه مؤسسات العسكر التي من الممكن حتى الآن الانتصار عليها بنوع من ترشيد إدارة معركة الوعي الإعلامي أما الآن، فقد أطلقت دولة العسكر على الثورة أقوى أسلحتها على الإطلاق.. كرة القدم. 

وقد نجح الانقلاب عبر خطوات بطيئة في عزل جماهير الالتراس عن المباريات ليتمكن من تحقيق وضع تُذاع فيه المباريات وتعمل على تخدير الجماهير دون صدام كبير مع الالتراس.

وهي ملاحظة تكشف لك دور كرة القدم كأحد أخطر أذرع دولة العسكر. 

وكرة القدم كسلاح أثبتت فعالية منذ بداياتها الأولى في مصر في عهد الاحتلال, وليست مصادفة أن يكون مؤسس النادي الأهلي ماسونيا ومؤسس نادي الزمالك يهوديا بلجيكيا ولم تكن أبدا مصادفة أن يبدأ أول دوري مصري وقت احتلال فلسطين سنة 1948. 

ولعل شهادة المستشار وليد شرابي عن ضابط أمن الدولة الذي روى له قبل الثورة، كيف جاءتهم أوامر بالخروج للاحتفال وسط الناس بمباراة كرة القدم ثم تبعتهم الجماهير الغافلة، تكشف للبعض كيف يتم استخدام كرة القدم لتطويع وعي الجماهير في مصر وتخديرهم. 

كرة القدم يا سادة هي أخطر ذراع إعلامي للعسكر على الإطلاق. 

كرة القدم هي الهوية البديلة التي سوقها الاحتلال البريطاني ليختزل فيها كل معاني مقاومة المحتل.

وكرة القدم والرقص، هي السلاح السري الذي حارب به الاحتلال البريطاني حركات المقاومة في مصر والهند وزنجبار كما أشار لذلك أحد دارسي التاريخ الأمريكيين في مقال له على موقع جامعة واشنطن في 2009. 

الأهلي والزمالك ليسا ناديين على وجه الدقة بل هما اكبر حزبين سياسيين في مصر كما كتب جيمس مونتاجيو في الجارديان منذ سنوات. 

الانقلاب الآن يختبئ خلف متراس هائل الحجم اسمه كرة القدم، أطلقه على الثورة في محاولة للإجهاز عليها بالضربة القاضية دون أدنى تخطيط مقابل من إعلام الثورة لمواجهته.
6
التعليقات (6)
آبو طارق
الأحد، 05-02-2017 12:08 ص
راتب وتأمين واقامه في امريكا كله ثمن العماله
واحد من الناس .. ولم لا يخرج شباب الثوار للتحرير للاحتفال كغيرهم بفوز مصر.. ثم يتجهون للاتحادية؟
السبت، 04-02-2017 09:31 ص
.... مجرد رأي
حسني
السبت، 04-02-2017 06:51 ص
كرة القدم هي لعبة للترفيه ....... ولكن للأسف دخلت السياسة على الخط و خاصة في الدول المتخلفة ... فاصبح الفوز في مبارات يعتبر انجاز كبير للرئيس و السلطة الاستبدادة ....... ووسيلة لتنفيذ سياسات استبدادية ...كزيادة أسعار المواد الغدائية أو الكهرباء ... فمثلا في حالة مصر لو فاز المنتخب المصري بالكأس ستختفي قطعة من الأراضي المصرية ... كثيرا ما حذروا من استخدام الدين لأغراض سياسية ...... ولكنهم يستخدمون كل شيئ و أي شيئ لأغراض سياسية ... الدين ...الفن ... الرياضة ...بل سخروا كل مقدرات البلاد لأغراضهم السياسية.
أبوبكر إمام
الجمعة، 03-02-2017 09:40 م
مقال السيد المحترمة يعتبر سباحة ضد التيار ، هذا التيار الهادر الجارف الأعمى الذي يسمى " النصر الكروي " هذا النصر المضل المضلل المزيف ، وكذلك يعتبره الوعاة من الناس ،الوعاة بدينهم وبأمتهم ، وبما يحاك ضدها ويُدبر ، وبما صُب عليها من مؤامرات قاتلة ، وما تلاقيه من أهوال وقلاقل وهوان ، أما الذين " لا عقول لهم " كما سماهم الرسول – صلى الله عليه وسلم – فهم غارقون في هذا التيار ، سادرون في غيهم ، قد تلاعبت بهم الأهواء ، وانطلت عليهم الحيل الخدع والأضاليل بأن هذا هو النصر المؤزر الذي يجب أن تنفق لنيله الأموال الطائلة ، وتعطل فيه المصالح الخاصة والعامة ، وتستباح من أجله الأرواح والحرمات وتربى على عشقه الأجيال الناشئة .. لقد قرأنا في الأيام الخوالي ومواضي السنين كتاب " برتوكولات خبثاء صهيون " ووجدنا فيه أن هذه الكرة إنما أنشئت يوم أنشئت لشغل الشعوب عن قضاياها المصيرية .. كما هو واقع اليوم تماما ، فهذه الملايين من المسلمين الغارقة في بركة مقابلة يحتوشها ويحدق بها من كل جانب من البلايا والرزايا ما لو أنها سهرت السنين دائبة لا تفتر ما فكت عن عنقها هذه الأغلال ، أغلال الإذلال والاستعباد والقهر والظلم والتخلف والديكتاتورية البغيضة ، لو كان الفرحون المحتفلون لهم همم عالية ، وفطنة وذكاء لما انهمكوا في هذا الضلال الكروى المبين وتناسوا إخوانهم يقتلون والبيوت تدمر فوق رؤوسهم وأشلاؤهم ممزقة في كل الأرجاء والأنحاء ، فإن قال بعض الناس إن الأمم احتفلت وفعلت ما فعلت قلنا : وهل نحن مثل تلك الأمم في تطورها وازدهارها وسيادتها في أوطانها ، هل نحن مثلهم في الصناعة والاختراع والابتكار، هل نحن مثلهم في عالم الطائرات وحاملاتها والصواريخ والقنابل وجحيمها وفتكها ؟؟ ولو كان لنا دين نحترمه ونقدسه لاستفتيناه في هذه البدعة الكروية وهذا الهيجان الذي أصابنا ، أيها المسلمون ، لو أنكم جمعتم كل كؤوس العالم في كل أنواع الكرة لما حركتم إسرائيل شبرا واحدا من أرض فلسطين بله أن تنصروا سجينا مظلوما في سجون طواغيتكم ...؟؟
المصرى أفندى
الجمعة، 03-02-2017 08:02 م
لو كلامك صحيح وده إفتراض غير وارد إطلاقآ .. لماذا رأينا رئيس دولة إيطاليا عام 1982 فى مدريد يحتفل بفرحة غامرة بفوز بلده بكأس العالم ثم تنطلق جحافل الطلاينة للرقص والغناء فى الشوارع أيام وليالى ؟ .. لماذا رأينا المستشار هيلموت كول مستشار ألمانيا يحتفل بفرحة صاخبة بفوز بلده بكأس العالم وبعدها إحتفالات الشعب فى كل ألمانيا حتى الصباح ولإيام ؟ ولماذا رأينا البرتغال عن بكرة أبيها تخرج للإحتفال بفوز البرتغال بكأس أمم أوروبا 2016 لأول مرة فى تاريخها وربما الأخيرة وعينك ما تشوف إلا النور سهر ورقص وغنا وصهلله من كل الشعب ؟ لماذا ظل قوس النصر مضيئآ لمدة شهر كامل بصور وجوه لاعبى فرنسا وبالطبع أولهم زيدان بعد الفوز بكأس العالم وخرجت فرنسا عن بكرة أبيها للإحتفال أيام وليالى ؟ لماذا سهرت الأرجنتين سبع ليال دون نوم عام 1978 بعد فوزها بكأس العالم فى المكسيك ثم عام 1986 بما يسمى كأس مارادونا وبعدها وسع للأرجنتينيين إسبوع كامل ؟ وكذلك الحال فى الدول العربية والمسيرات تخرج بالمحتفلين فى شوارع تونس لشوارع الرياض لحوارى قطر لشوارع دبى وأبو ظبى والكويت والجزائر والمغرب ؟ لماذا تتم الإستقبالات الرسمية للاعبين من رؤساء وملوك الدول وتقليدهم الأوسمة ؟ كل بلاد العالم وكل شعوب العالم تحتفل .. تتمنين لو كنتى فى شارع شبرا الرئيسى لتأكلى الطعميه الساخنة وتشربين حمص الشام لتهتفى مع هتاف تحيا مصر وهى تنشق عن صدور محبى مصر الحقيقيين .. نفسى مرة تكتبى حاجه وتطلع صح .