ملفات وتقارير

أسرة السيسي في المشهد العام: هل تستلهم مشروع التوريث؟

هكذا منح الإعلام المؤيد للسيسي مساحة واسعة لزوجته - أرشيفية
هكذا منح الإعلام المؤيد للسيسي مساحة واسعة لزوجته - أرشيفية
أثناء حملته الانتخابية قبل أكثر من عامين، أكد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي أنه لن يسمح لزوجته أو أولاده بأن تكون لهم مشاركة في العمل العام، لكن الأيام كشفت أن زوجته انتصار عامر؛ قررت أن تحذو حذو زوجات رؤساء مصر السابقين، خاصة جيهان السادات وسوزان مبارك، وبدأت بالانخراط في العمل العام.

ويخشى مصريون من أن يؤدي حضور زوجة السيسي للمناسبات الاجتماعية والثقافية إلى التمهيد لتدخلها مستقبلا في القرارات السياسية، كما فعلت سابقتاها، وأن تدفع بأحد أبنائها لخلافة والده.

زوجة السيسي تتصدر المشهد

وكان أحدث ظهور لزوجة السيسي يوم الأحد الماضي، حينما قادت وفدا نسائيا من الوزيرات وزوجات الوزراء وكبار قادة القوات المسلحة؛ لزيارة أحد البنوك لتقديم التبرعات لصالح صندوق "تحيا مصر" الذي دشنه زوجها قبل عامين، ثم ناشدت المصريين للتبرع للصندوق لمساعدة "الفقراء والمرضى"، لتعيد بذلك الدور الذي قامت به سوزان مبارك حينما كانت تنشط في المجال الاجتماعية والثقافي.

وطوال الأعوام الثلاثة التي تلت انقلاب تموز/ يوليو 2013؛ ظهرت انتصار في عدة مناسبات، بدأتها بحفل تكريم القادة العسكريين المتقاعدين في شباط/ فبراير 2014، كما ظهرت أثناء حلف السيسي لليمين الدستورية في حزيران/ يونيو 2014، برفقة أبنائها، ثم في حفل تنصيب السيسي في قصر القبة بصحبة جيهان السادات، زوجة الرئيس الراحل أنور السادات، التي تتخذها قدوة لها فيما يبدو، وشاركتها لاحقا الظهور في كثير من المناسبات.

ثم بدأت زوجة السيسي تتحرك بمفردها، حيث زارت موقع العمل في حفر التفريعة الجديدة لقناة السويس في حزيران/ يونيو 2015، وتم استقبالها استقبالا رسميا لتظهر بوادر تطلعها للعمل العام، ثم حضرت حفل افتتاح التفريعة الجديدة في آب/ أغسطس 2015، وبعدها حضرت احتفالات نصر أكتوبر في تشرين الأول/ أكتوبر 2015.

وفي ذات الشهر، قامت انتصار السيسي بأول زيارة خارجية لها، حيث زارت ممكلة البحرين برفقة السيسي، وحظيت باستقبال رسمي من زوجة ملك البحرين، كما ظهرت خلال إلقاء زوجها كلمة أمام البرلمان في شباط/ فبراير الماضي، وفي أيار/ مايو الماضي حضرت حفلة غنائية للمطربة شيرين والمطرب التونسي صابر الرباعي بأحد فنادق القوات المسلحة.

"عائلة أخطبوطية"

وعلى العكس تماما مما أعلنه السيسي من قبل حول رفضه للوساطة والمحسوبية، فإن كل أبنائه وأشقائه وأصهاره يتولون مناصب رفيعة بالدولة، وخاصة المؤسسات الأمنية والعسكرية والرقابية التي تتحكم في المشهد العام بالبلاد.

ويعمل نجله الأكبر مصطفى كضابط في هيئة الرقابة الإدارية، فيما يعمل نجله الثاني حسن بإحدى شركات البترول، وهو متزوج من ابنة محمود حجازي رئيس أركان القوات المسلحة والتي تعمل بالنيابة الإدارية. أما نجله الأصغر محمود فيعمل ضابطا بالمخابرات العامة، وهو متزوج من ابنة اللواء فريد التهامي الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات، وأخيرا، فابنته الوحيدة آية متزوجة من نجل اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء.

أما شقيق السيسي الأكبر أحمد، فيشغل منصب نائب رئيس محكمة النقض، وتم تعيينه منذ نحو شهر رئيسا للجنة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، كما أصدر السيسي قرارا بتعيين نجل شقيقه، عبد الرحمن، في النيابة العامة.

"مشروع جمال مبارك جديد"

وتعليقا على هذه الخطوة، قال عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، إن التوسع في الظهور الإعلامي لأسرة السيسي ومشاركتهم في العمل العام له تأثير على شعبيته، وله أيضا دلالات خطيرة، فمن الممكن بهذا الشكل أن نجد زوجته تلعب نفس الدور الذي لعبته سوزان مبارك أو جيهان السادات.

وأضاف ربيع، لـ"عربي21": "لاحظ الكثيرون الزفة التي حدثت في ذكرى ميلاد السيسي قبل يومين، وحالة النفاق الواضحة له في الإعلام"، مشيرا إلى أن هذا "يؤكد أننا نعود إلى الوراء كثيرا، فنحن لدينا في تاريخ طويل في منافقة الزعماء وتاريخ طويل أيضا في السخرية منهم وإدخالهم السجون، المشكلة أن الرئيس دائما لا يتعظ وينخدع بالمحيطين به الذين يطبلون له دوما، لكن السيسي لا بد أن يتعظ بمن سبقوه"، وفق تعبيره.

وتابع ربيع: "من ناحية سياسية بحتة، ليس من حق زوجة الرئيس أو أولاده في أي دولة ديمقراطية أن تشارك بهذا الشكل المكثف في العمل العام، فلا يوجد أن مسوغ دستوري أو قانوني يمنحها هذا الحق، لكن الموضوع يتم بشكل عاطفي".

ونبه إلى أن "خطورة هذا الأمر أن ينقلب تدريحيا إلى تقديس وتأليه وفساد، وهذا ما أحذر منه، فقد يؤدي الظهور المكثف لأسرة السيسي إلى أن نجد أنفسنا بعد عدة سنوات أمام مشروع جمال مبارك جديد"، كما قال.

وحول ورود أسماء أبناء السيسي باعتبارهم مساهمين في كشف قضايا فساد مؤخرا، قال ربيع إن "هذا نوع من أنواع الدعاية للرئيس وأسرته، وهو ما يزيد من الفساد، ويظهر أن الدولة لا يوجد بها كفاءات غير أسرة الرئيس، ويؤكد أننا نعود للخلف، وطالما فتح الرئيس الباب لبطانة السوء والمنافقين والمطبلاتية يبقى عليه العوض في البلد".
التعليقات (0)