مقابلات

الزمر: أدعو الحركة الإسلامية لتقييم أدائها خلال الأربعين عاما الأخيرة

الزمر: تحالف الشرعية أصبح مجرد موقف سياسي وليس حركة لها رؤية وقيادة موحدة ـ أرشيفية
الزمر: تحالف الشرعية أصبح مجرد موقف سياسي وليس حركة لها رؤية وقيادة موحدة ـ أرشيفية
دعا رئيس حزب البناء والتنمية، الدكتور طارق الزمر، الحركة الإسلامية، إلى تقييم أدائها خلال الأربعين عاما الأخيرة، وتقييم هيكل القيادة الإسلامي الذي قاد تلك المرحلة، وإلى بناء استراتيجية جديدة تتعامل مع العقد القادم، الذي توقع أن يشهد "تصعيدا خطيرا في مخططات التعامل مع المنطقة".

وشدّد في حوار أجرته معه صحيفة "عربي21" الإلكترونية، على ضرورة امتلاك رؤية جديدة تستفيد من القدرات الهائلة المتاحة للتيار الإسلامي، مطالبا بوجود هيكل قيادة جديد للحركة الإسلامية يكون أقدر على التعامل مع التحولات التي وصفها بـ"الصارخة" التي يشهدها العالم.

ورأى الزمر أن تحالف دعم الشرعية أصبح مجرد موقف سياسي وليس حركة لها رؤية وقيادة موحدة، وهذا يرجع إلى عدم تطوره التطور الواجب والمرتبط بضرورة توسيع قاعدته لتشمل كافة القوى الوطنية، لافتا إلى أن موقفهم من التحالف لا يزال كما هو برغم تحفظاتهم الكثيرة على أدائه. 

وحول موقفهم من الجمعية الوطنية للشعب المصري المرتقب الإعلان عنها، قال: "نحن مع كل صيغة جبهوية أو تنسيقية أو شبكية تنجح في إدارة الخلاف داخل معسكر ثورة يناير وتعمل على استكمالها وتحقيق أهدافها، فبدون ذلك نكون قد سلمنا البلاد للعسكر يحكمونها حقبة ستينية جديدة، ويواصلون إذلال شعبنا، وتكميم أفواهنا، وسرقة كل مقدرات بلادنا".

وفي ما يأتي نص الحوار كاملا:

* بعد مرور 20 عاما على مبادرة وقف العنف التي أطلقتها الجماعة الإسلامية.. كيف ترون هذه المبادرة وانعكاساتها؟

- أنا ممن يرون أن المستفيد الرئيس من الصراعات المسلحة هي نظم القمع والفساد، وذلك لامتلاكها الأدوات الرئيسة للتحكم بمثل هذه الصراعات، إضافة إلى توظيفها ذلك في تكريس قبضتها على الحكم وإحكام الخناق على المجتمعات عن طريق الطوارئ والقوانين الاستثنائية ومصادرة الحريات وترهيب المجتمع والدعم الدولي الذي يتدفق في هذه الحالات.

ولهذا أرى أن مبادرة الجماعة الإسلامية بوقف العنف عام 1997م كانت مكسبا مهما للنضال السياسي في وجه الاستبداد في مصر، كما أنها كانت تمهيدا لتصاعد الاحتجاجات السلمية التي بلغت ذروتها في ثورة يناير.

* الاحتفالية التي أقامها حزب البناء والتنمية مؤخرا بمناسبة ذكرى إطلاق مبادرة وقف العنف.. هل هي بمثابة بداية عودة لكم في العمل العام؟

- بالرغم من أنها كانت لمجرد التذكير بضرورة التزام السلمية كمنهج للتعامل مع قضايا الإصلاح أو التغيير داخل مجتمعاتنا، وردا على الأبواق الحمقاء التي لا تزال تتهم الجماعة الإسلامية ليلا ونهارا بعودتها للعنف، إلا أن تلك الاحتفالية في نظري أيضا تمثل صورة من صور الإدانة لعمليات العنف المنهجي التي يمارسها النظام بحق معارضيه السلميين سواء كانوا داخل السجون والمعتقلات أم خارجها، لأنه إذا كان العنف ممنوعا على الحركات المعارضة فهو ممنوع من باب أولى على الدولة التي يجب عليها أن تحمي مواطنيها لا أن تقتلهم أو تعذبهم.

* برأيك، ما هي الخطوات المطلوبة من الحركة الإسلامية كي تتماشى مع المتغيرات الداخلية والخارجية؟

- الحركة الإسلامية أمامها واجبات كثيرة بحق شعوبها وبحق مشروعها، وذلك باعتبارها تمثل العصب الحي لأمتنا، فضلا عن أنها القوة المنظمة الأوسع انتشارا، وهذه الواجبات تبدأ بتقييم أدائها خلال الأربعين عاما الأخيرة التي برغم أنها شهدت أتساعا أفقيا هائلا للصحوة الإسلامية، إلا أن ذلك لم يستثمر بالشكل الأمثل، فضلا عن وضعه في مهب التحولات الدولية وتعريضه لعوامل الفتك الكبرى التي نالت منه كثيرا.

وهذا بدوره يقودنا إلى تقييم هيكل القيادة الإسلامي الذي قاد العقود الأربعة الماضية، وهل يمكنه أن يواصل دوره من موقع القيادة أم إنه ينبغي عليه أن يفسح المجال لقيادات شابة جديدة تكون أقدر على التعامل مع المتغيرات وأكفأ في فهم لغة العصر؟

وهذا أيضا يوجب "بناء استراتيجية جديدة" تتعامل مع العقد القادم الذي يتوقع أن يشهد تصعيدا خطيرا في مخططات التعامل مع منطقتنا، والتي على قدر خطورتها تفتح مجالا رحبا لإمكانيات هزيمتها حال امتلاكنا "لرؤية جديدة" تستفيد من القدرات الهائلة المتاحة للتيار الإسلامي، ولا سيما المد الشبابي الجارف الذي لم تشهد له المنطقة نظيرا على مدى القرون الثلاثة الماضية، كما أنه يجب أن يكون لنا أيضا هيكل قيادة جديد يكون أقدر على التعامل مع التحولات الصارخة التي يشهدها العالم من حولنا.

* هددتم بالانسحاب من تحالف دعم الشرعية حال استمرار خلافات الإخوان الداخلية، ولم تنتهِ هذه الخلافات.. فلماذا لم تعلنوا الانسحاب حتى الآن؟ وما موقفكم حاليا من التحالف؟

- لا يخفى على أحد أن خلافات الإخوان الداخلية ألقت بظلالها على كل الكيانات المشاركة فيها، بل إنها أثرت على الساحة الثورية بشكل عام، وهو ما يجعلها مبعث فرح للانقلاب.

والحقيقة أنني متألم بشدة من الخلافات التي ضربت تنظيم الإخوان، وخاصة أن ذلك قد حدث في مرحلة شديدة الحساسية والخطورة، حيث تبرز حاجتنا لكل القوى الحية في مجتمعنا لنقف معا في وجه الطغيان والفساد والمخططات التي تستهدف أمتنا، وأملي أن يلهم الله تعالى قادة الإخوان الرشد ويوفقهم في الوصول إلى صيغة تنهي خلافاتهم يستعيدون من خلالها لياقتهم التنظيمية ويكونون في قلب المشاريع الناهضة بالأمة المدافعة عن حريتها وكرامتها.

أما عن موقف حزب البناء والتنمية من تحالف دعم الشرعية، فلا يزال كما هو برغم تحفظاتنا الكثيرة على أدائه. وفي رأيي، فقد أصبح التحالف مجرد "موقف سياسي" وليس حركة لها رؤية وقيادة موحدة، وهذا يرجع إلى عدم تطوره التطور الواجب والمرتبط بضرورة توسيع قاعدته لتشمل كافة القوى الوطنية وخاصة قوى 25 يناير، وهو ما نص عليه في وثيقته التأسيسية.

* وصفت الكيان الثوري الجديد المرتقب الإعلان عنه مستقبلا (الجمعية الوطنية للشعب المصري) بأنه الاستراتيجية الوحيدة الباقية والقادرة على استكمال أهداف يناير.. فما هو المأمول من هذا الكيان؟

- حزب البناء والتنمية يدعو منذ أكثر من عامين لضرورة تأسيس جبهة وطنية تمثل مظلة لكل قوى يناير في إطار "رؤية جامعة" تتجاوز الخلافات وتضع حدا لعشوائية الأداء وتوحد الجهود وتمكننا من استكمال ثورة يناير، كما أن من مهامها أن تضع تصورا لمرحلة انتقالية تشاركية يتم فيها تجاوز كل سلبيات المرحلة الانتقالية السابقة التي وظفها العسكر لتحقيق أهدافهم وإعادة تموضعهم وتمزيق كل صفوفنا، ومن ثم العودة للحكم من جديد.

وعلى هذا، فنحن مع كل صيغة جبهوية أو تنسيقية أو شبكية تنجح في إدارة الخلاف داخل معسكر ثورة يناير وتعمل على استكمالها وتحقيق أهدافها التي ارتبطت بها أحلام المصريين، وبدون ذلك نكون قد سلمنا البلاد للعسكر يحكمونها حقبة ستينية جديدة يواصلون فيها إذلال شعبنا وتكميم أفواهنا وسرقة كل مقدرات بلادنا.

* كيف ترون المواقف الرافضة والمهاجمة للجمعية الوطنية للشعب المصري؟

حقيقة، أنا أقدر كل أنواع الخلافات داخل معسكرنا، لأنها تهدف لاستكمال ثورة يناير وإن كان ذلك من منطلقات مختلفة، وإني ألتمس العذر لبعض مظاهر رفض الاصطفاف، لأن درجات الوعي بالأزمة متفاوتة، كما أني أعتقد أن الساحة السياسية والثورية قد تعرضت وتتعرض لضغوط هائلة منذ 11 شباط/ فبراير، حيث نجح الجنرالات في تمزيق صفوف الثورة وزراعة كل أنواع الفيروسات وبناء الجدر العازلة بينها..

لكن كل هذا لا يمنعني من أن أهمس في آذانهم بأن أهم عناصر قوة الدولة العميقة ونقاط تمركز الانقلاب في مجتمعنا لا تزال تعتمد على بعثرة صفوفنا وتمزيق وحدة مجتمعنا، وأن نجاحنا في اقتلاعه إنما يعتمد بالأساس على إعادة بناء مظلة يناير وتحقيق المصالحة المجتمعية، علما بأني سأظل أدعو لذلك لأني لا أرى طريقا أخر يمكن من خلاله هزيمة العسكر وتحقيق الكرامة لشعبنا.

* هل انضمام حزب البناء والتنمية للجمعية الوطنية رسميا سيعني انسحابه من تحالف دعم الشرعية؟

- أرى أن نجاح أي هيكل أو تنسيقية عامة للثورة مرتبط إلى حد كبير بقدرتها على التواصل مع كل الكيانات الفاعلة والمجموعات الحية والرموز النشطة، إلى جانب قدرتها على أن تجذب كل المختلفين للحوار داخلها على أرضية مشتركة، فليس شرطا أن يتم حل كل الكيانات لحظة قيام الكيان الجامع.

وليس شرطا أن يكون كل الشركاء متفقين في كل المواقف، فساحة الثورة مترامية الأطراف، لكن المهم هو الالتزام بالمشتركات المتفق عليها، وهي كثيرة، وأن تكون هناك الضمانات الكافية لذلك، وأن يكون ذلك بطبيعة الحال كافيا لاستكمال ثورة يناير وتأسيس الدولة التي تعبر عن أهدافها.
التعليقات (0)