كتاب عربي 21

أردوغان سبيلبرغ والفن السابع.. والسبعين

أحمد عمر
1300x600
1300x600
ما وجدت رباً في تجارة الأفكار الحرام أكثر من ربا فكرة المؤامرة التي تاجر بها الإعلام السوري والإعلام المصري تجارة بورا. وما وجدت أغنية سورية شاعت بعد فشل انقلاب بوكيمونات طروادة الجدد، مثل فكرة أن الانقلاب فيلم من إخراج المخرج العالمي أردوغان سبيلبرغ، فهم يكررون في صحافة "العتبة كزاز" التي يقودها ربابنة مرابون في الأفكار السحت: “ما صار شي"، "في انقلاب قادم"، "والدنيا بخير"، "وأردوغان نفسه صرح بهذا" إلى آخره... ويتصدر تصريح أردوغان هذا صحافتهم الصفراء الملونة بأغنية سعاد حسني "بمبي"، فجمهورهم محبط ويائس لنجاة "رجل الأمة الشاب" من مصير صاحبه مرسي، وهو جمهور يحتاج إلى مسكنات ومخدرات لخسارة الانقلاب مثل حشيشة المؤامرة التي تعمّر النافوخ وتسطل اليافوخ.

يبكي صاحبنا الصحفي الكبير في السن والضرس، والخفيف الظل وفي الشمس، على اللاجئ السياسي التقي الورع الزاهد الذي سمع البابا يوحنا بولس الثاني بأعماله الإنسانية، فسارع إلى توجيه دعوة خاصة له، والدعوة الخاصة من ممثل المسيح على الأرض صكٌ للغفران يغني عن البيان، الفاتيكان لا يوجه دعوة إلا بعد طبخها عشر سنوات على الأقل، على نار هادئة وتحت ظلال الزيزفون الباردة، والدعوة تعادل لقب فارس الذي ناله صاحب "آيات شيطانية" من ملكة بريطانيا، التي تحب مثل الفاتيكان الإسلام "الكوول"، ومثل صاحبنا الكبير في السن والضرس، والخفيف الظل وفي الشمس.

يندد صاحبنا الخواجة سانتياغو بأردوغان وبانقلابه على صاحبه الداعية غولن، صاحب أكبر دعوة دينية في تركيا وسائر المشرق والمغرب، ويروي جانبا من سيرته الذاتية، تخاله في السيرة بعضا من نبي، ووليا من الصالحين، أو مهديا منتظرا، فهو مثقف وزاهد ويجلس على كنز قيمته ستة بلايين دولار موزعة في جمهوريات آسيا الوسطى والبلقان والقوقاز وروسيا والمغرب وكينيا وأوغندا وخود نفس.. وهو خصم أردوغان وصديقه السابق الذي غدر به. اسمه "محمد" فتح الله غولن، فعرفنا وكنا من قبل جاهلين أن اسمه فيه حمدٌ وفتحٌ، وأنّ اسم أبيه رامز "أفندي" وأنّ اسم أمه رفيعة "خانم"، وهي أسماء كريمة لزاهد ورِع اختارته العناية الإلهية والعناية الأمريكية وليس بينهما فروق سبعة. ختم القرآن (والتقارير كلها تخلط الختم بالحفظ وشتان) صغيرا على يد والدته، وهو مطبوع -طبعة سيلوفان خاصة- على حب المساكين والمهمّشين. يقرُّ صاحبنا بمواهب أردوغان في الخطابة التي تجاري موهبة يوليوس قيصر في إثارة الجماهير وإخراجها للشارع من أوكارها. وأرى -على النقيض من الخواجةسانتياغو- أنّ خطاب أردوغان المؤلف من ثلاث جمل في الفيس تايم كان قصيرا وباهتا وهامسا وجاء عرضا كما تروي المذيعة، التي وجدت نفسها مشهورة وهاتفها في بازر كريم سعودي فأنعم وأكرم به من تاجر (مع غمزة فيسبوكية).

أجمل ما في مقال صاحبنا الكبير في السن والضرس، والخفيف الظل والشمس والقمر، أنه لجأ إلى كشوفات طالع هذا الرجل السوبرمان، فقالت الأبراج عن محمد فتح الله غولن: "إنه إنسان مجتهد، يتحلى بالرؤية الثاقبة، والقدرة على اتخاذ القرارات الحكيمة"، فطيّر نافوخي من برجه، وذكرني بماغي فرح، ومريم نور، قدس الله سريهما، وبسميرة توفيق في أغنيتها رفّ الحمام مغرد يا دادا، وهي المرة الأولى التي نرى كاتبا علمانيا يلجأ إلى كشوفات الطالع في التحليل السياسي، فالبرج أصدق أنباء من الكتب، في برجه البرج بين الجد واللعب، وسبب عقيدة صاحبنا هي كشوفات النوازل التي نزلت به وبأصحاب الفيل وأصحاب الحمار بعد سقوط الانقلاب.

عدا كشف الطالع التي نُعدُها هنةً لكاتب كبير في السن والضرس، وله عبارات يحتال فيها كالنمس، فيستشهد بمقولات كتاب أمريكان، في مقولاتهم جلاء الشك والريب، مثل خبير مركز الأمن الأمريكي الجديد أيان غولدنبرغ، الذي رأى في الانقلاب مبرراً لزيادة قبضة أردوغان على الحكم في شكل مطلق، الكاتب الأمريكي موثوق لديه ولدى جمهور عريض يهوى أقاويل معسولة الحلب. وردد أغنية "شروط المعايير الملائمة" خوفا على النبي التركي من القصاص، وهو الإعدام، فليس في أمريكا إعدام سوى في ست عشرة ولاية فقط لا غير. ويطالب، مستشهدا بمجلة دير شبيغل، بضمانات محاكمة عادلة، لم تطلبها المجلة الغراء للمعتقل مهدي عاكف، ولعشرات الآلاف من المعتقلين من الإخوان المسلمين والإخوان الليبرالين عندما زار عندليب الدقي رئيس جمهورية الكفتة السيد عبد الفتاح شعبولا السيسي بلاد دير شبيغل. ويذكر صاحبنا سانتياغو أرقاما، والدمع سجام على خدود التفاح، إصدار روبسبير تركيا مذكرات الاعتقال بحق 140 عضواً من المحكمة العليا، و48 من أعضاء المجلس الدستوري، و2745 قاضياً ومدعياً عاماً. إضافة إلى توقيف 18 ألف ضابط شرطة عن العمل، والقيام بحركة تطهير طالت حوالي 60 ألف شخص، ثم يصل حاسما إلى أن أرودغان أبرع من شكسبير في الإخراج، فقد أخرج انقلابا سخّر فيه شعبا وجيشا من غير خطيئة إخراجية واحدة. فتذكرت أهلي الصالحين بملحوب، وقلبي عليهم هالك جد مغلوب. وتذكرت خلفي ضحيان، بطل بني باذنجان وأمريكان.

ثم يتسلح سانتياغو بقول السفير صالح مطلوشن، ممثل تركيا لدى منظمة التعاون الإسلامي، ففي مؤتمره الصحافي الذي عقده في جدة أعلن «أنه كان لدى الحكومة علم مسبق باحتمال وقوع انقلاب"، وهذا يعني أنّ الحكومة دبرت الانقلاب! ونهمس في أذنه أن الحكومة كانت تعرف خصومها ولكن لم يكن لها أدلة، وقد توفرت فأوقفتهم، ونشكر له تذكره: أن عدداً كبيراً من الانقلابيين يعملون في مؤسسات حكومية، ومعظمهم يسكن في منازل أمنتها لهم الدولة، وقوله: إن الشعب يصف كاتم أسرار روبسبر تركيا السيد هاكان فيدان بالثعلب. ويستشهد بصحيفة معاريف بعد استشهاده بالأمريكان والبابا وكهنة كشف الطالع وكشف النازل الذي نزل به وبأصحاب الحمار وأصحاب الفيل.

ومعاريف هي الصحيفة الموقرة الغراء التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من بين حوافرها جاء فيها أن روبسبير "بدأ ديموقراطياً وانتهى سلطاناً عثمانياً آخر". واعتقل صحافيين وسجنهم وأغلق صحفاً وهدد أخرى" موحيا أن أبطال نينجا الانقلاب ضاقوا ذرعا به وقاموا بمزحة الانقلاب.

أما البوكيمون الشيخ، صاحب سانتياغو الظريف في الصحيفة العربية نفسها، الذي اقترح قبل فترة أن تتولى" زهرة الصحراء" أسماء الأسد رئاسة الوزراء السورية! فيرى أن أردوغان مسؤول على قدم المساواة وساقها وفخذها عن الانقلاب، فذكرني كما ذكرني قبل قليل، بمعاوية بن أبي سفيان عندما قال في مقتل عمار بن ياسر: قتله من أخرجه، بعد أن يسجل لأردوغان إعجابا قديما بسفينة مرمرة، ويتذكر معركة دافوس الشهيرة، فلا بد أن يكون في طبخة السم التي يطبخها قليل من الدسم. ويقول إنه ليس عنده دليل على دعمه الإرهابيين من داعش، لكن قلبه دليله مثل ليلى مراد، فهو ينصح السلطان بعمل مصالحة مع الانقلابيين الظرفاء، ويعيدهم إلى الدبابات، فهم لم يكونوا يريدون سوى عمل سيران في شوارع إسطنبول و"كزدورة" في سماء أنقرة. ويختم مقاله بأن أردوغان غدَرَ بصديقه أحمد داود أوغلو الذي يفضله الغرب على أردوغان للطفه ودماثته، ويطمح إلى صفر مشاكل، وليس مثل أردوغان غير المؤهل، "هاوي المشاكل".  

انتبهت في أسفل الصحيفة الغراء إلى تغريدة الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء المجوز غير الفرداوية، التي جاء فيها أن الفتوى المتداولة لـ"اللجنة الدائمة للإفتاء" حول "بوكيمون" تحريما قديمة، وأن النسخة الجديدة للعبة «غو» تحتاج إلى فتوى جديدة.
0
التعليقات (0)