مدونات

كم مرة يا ترى ستحرق القاهرة؟ وكم مرة سنغنّي؟!

حريق مصر
حريق مصر
 كانت الحجة الأقوى وما زالت.. (ماس كهربي) فتقيد القضية ضد مجهول وينتهي الأمر.. ويا حبذا لو استثمر هذا الماس في تشويه طرف أريد التخلص منه (كأن يكون ماسا إخوانيا مثلا).. فيكون السارق قد ضرب عصفورين بحجر واحد..

ولحرائق الماس الكهربي تاريخ طويل في مصر.. دعونا نستعرص بعضها..

حريق القاهرة..

هو حريق كبير اندلع في 26 يناير 1952 في عدة منشآت في مدينة القاهرة عاصمة مصر. ففي الفترة ما بين الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرًا والساعة الحادية عشرة مساءً التهمت النار نحو 700 محل وسينما وكازينو وفندق ومكتب ونادٍ في شوارع وميادين وسط المدينة. وكان اللص وقتها معروفا ألا وهو الاحتلال البريطانى الذى أن عاقب الحكومة المصرية وقتها جراء إلغاء معاهدة 1936.. أثير حول هذا الحادث جو من الغموض غير المبرر وأطلقت الاتهامات تارة نحو الملك وتارة أخرى نحو جماعة الاخوان المسلمين.

حريق الأوبرا الخديوية في عهد السادات.. 

فى الساعة الرابعة فجرًا يوم 28 أكتوبر عام 1971 كان حريق دار الأوبرا المصرية أحد أهم الآثار الثقافية بمصر وظلت النيران مشتعلة حوالى ست ساعات وكالعادة كان المتهم الأول هو الماس الكهربى بالرغم من تأكيد المسئولين انه قد تم تغيير شبكة الأسلاك الكهربية بالكامل .. أشارت الأصابع وقتها إلى أن السادات نفسه هو من أحرقها ليقضى على آثار المشروع النهضوى الذى بدأه عبد الناصر ..وأشارت أصابع اخرى إلى أن هناك حركات سياسية تريد إحراج الرئيس وأشارت أخرى إلى أن هيئة المطافئ لم تكن على مستوى الحدث وأن الاهمال قد طال كل شئ .. ولكن لم يحدد أحد من الفاعل..

حريق مقر الحزب الوطني و"أمن الدولة" بجنوب القاهرة 

كان ذلك في مساء يوم الجمعة 29 يناير 2011 اشتعلت النيران في المقرين الذين حظيا بأهمية كبيرة لما يحوياه من ملفات سرية هامة لرموز النظام .. والرواية المشهورة هى أن الثوار قد اقتحموا المبنيين بعد هروب عناصر الشرطة وأضرموا النيران فيهما ..لكن من يحاكم بهذه التهم الآن هو الماس الإخوانى
حريق المجمع العلمى ..

فى 16 ديسمبر 2011 اندلعت اشتباكات عنيفة بعد قيام قوات الشرطة العسكرية بفض اعتصام مئات النشطاء في شارع مجلس الشعب .. تم القبض على عدد من المتهمين بالفعلة ولكنها قيدت فى النهاية ضد (الطرف الثالث) .. وللمجمع أهمية بالغة حيث يحوى خرائط منابع نهر النيل وغيرها من الوثائق التاريخية التى لا تعوض .. ومن هنا جاء التشكيك فى أن الأمر مدبر وأنه لم يكن من قبيل الصدفة. 

حريق محكمة جنوب القاهرة

فى الرابع من ابريل 2013 اشتعلت النيران بالطابق الثالث الخاص بنيابات محكمة جنوب القاهرة بباب الخلق حيث التهمت ألسنة النيران جميع محتوياته وتعد هذه المحكمة من أهم المحاكم في تاريخ القضاء المصري حيث تحتوي على تحقيقات قضايا قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك، وموقعة الجمل وقضايا التحريروأحداث الثورة منذ بداية الأحداث في 25 يناير 2011
كان المتهم حينها ماس الثورة ليتحول فيما بعد إلى ماس اخوانى 

حريق اتحاد الكرة ونادي الشرطة

فى 9 مارس 2013 اندلع حريق هائل فى مقر اتحاد الكرة ونادى الشرطة بعد النطق بالحكم فى قضية مذبحة بورسعيد وذلك إثر احتجاجات قام بها الأولتراس ..لا نعلم تحديدا أكانت حماسة الشباب فأضرموا النار فى المقرين كما هى رواية الداخلية .. أم أنه يندرج فى قائمة حوادث الطرف الثالث الذى لم نكن نعلم هويته وقتها..

 حريق "رابعة العدوية"

ولهذا الحريق خصوصية واختلاف عن باقى الحرائق التى نشبت فى مصر .. هى من فعل سارق أيضا أرجعها إلى الماس الاخوانى كالمعتاد ..ولكن المختلف أنه هذه المرة لاقى كل الاستحسان والدعم والتفويض للقيام بها .. تعتبر منطقة رابعة العدوية هى أرقى مناطق مدينة نصر .. تم احراقها بالكامل وارتكبت فيها مجرزة هى الأبشع فى تاريخ مصر الحديث

حريق العتبة والرويعي والغورية

فى 9 مايو 2016نشبت حرائق لمدة تسع ساعات لا تتحرك المطافئ لإخمادها إلا بعد أن تكون النار قد أتت على الأخضر واليابس  

وبهذا نخلص إلى نوع متدن من الحرائق التى لا ترقى لتكون فعلا اجراميا منظما ولا أن تكون فعلا سياسيا مدبرا .. لقد وصل بنا الحال إلى درجة غير مسبوقة من العبث .. فلدينا مؤسسات مهترئة لا تقوى على آداء وظيفتها .. شعب مهلل عشوائى الفكر والثقافة والنظام .. جشع رجال أعمال وأصحاب ثروات .. مسئولون يتعاملون بالرشوة حتى أنهم قننوها .. طمع أصحاب الاستثمارات الأجنبية فى هذه التركة التى لا صاحب لها .

أذكر كم دمعت عينى عندما كنت أسمع فى صغرى مقطع من أغنية عبد الحليم حافظ (ذكريات) التى حكى فيها غناء عن حريق القاهرة 52 .. وكم ارتعبت حين شاهدت مشهدا معبرا عن نفس الحادث فى فيلم (رد قلبى) ..

لم أكن أعلم وقتها أن أرخص الدم هو دم المواطن .. وأن صراخات عذاباته ما هى إلا ألحان تطرب قلب معذبيه.. لم أكن أصدق أنه يمكن أن تكون هناك وجوه بشعة للحقائق غير تلك التى يخرج علينا بها أصحاب البدل والكرفتات...

كم مرة يا ترى ستحرق القاهرة.. وكم مرة سنغني؟!    

0
التعليقات (0)